شمس نيوز/عبدالله مغاري
هكذا يبدو المشهد في الضفة والقدس المحتلتين, تشتد المواجهات بين الشبان وجنود الاحتلال تارة, وتهدأ وتنخفض حدتها تارة أخرى, إلى جانب تنقلها في مناطق وقرى الضفة من فترة لأخرى, فبعد أن كانت مدينة القدس تتصدر المشهد في مطلع شهر أكتوبر, باتت الخليل ساحته الرئيسية هذه الأوقات .
انتفاضة القدس أضحت وكأنها بحر يطوف على الاحتلال الإسرائيلي, ويسخر عمليات المد والجزر في تحريك مزاج المجتمع الإسرائيلي, فمرة يأخذه إلى الشعور بقرب الانتصار ,ومرة أخرى يجعله يتمنى الموت قبل أن يبزغ فجر يوم جديد ,وهو على أرض سلبها من شعب لن يتخل عنها للأبد.
ومع كل المعطيات الخطيرة بالنسبة لإسرائيل, والتي جعلتها تنشر جنودها في مناطق بأعداد أكثر من تعداد سكانها, هل تحتاج إسرائيل لأن توظف جنديا لكل مستوطن, لتشعره بقليلٍ من الأمن ولا تدفعه نحو حزم أمتعته والبحث عن بلد آخر؟
مراقبون رأوا في أحاديث لـ"شمس نيوز "أن انخفاض وارتفاع حدة المواجهات في الضفة والقدس من فترة لأخرى يدلل على أن هذه الانتفاضة تحمل خصائص مختلفة عن غيرها تتمثل بخاصية الاستنزاف, فيما يرى آخرون أنه بالرغم من تصاعد وانخفاض المواجهات إلا أن الانتفاضة مستمرة.
استنزاف
الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب يرى أن من الخصائص المميزة للانتفاضة الحالية, والتي ظهرت بعد شهر من اندلاعها, أنها انتفاضة تهدأ في بعض الأحيان وتشتعل في أحيان أخرى في ظل عملية استنزاف شديدة.
وقال حبيب لـ"شمس نيوز": وصلت الانتفاضة الآن إلى مرحلة الاستنزاف بعد شهر من اندلاعها, الخصائص المتعلقة بالانتفاضتين السابقتين ونتيجة لظروف متباينة تختلف عما تتميز به الانتفاضة الحالية".
واستبعد الكاتب حبيب أن تكون هناك خطة فلسطينية تدير مرحلة الاستنزاف ,عازيا قوله إلى أن الانتفاضة الحالية تسير وفق قرارات فردية من شبان وفتيات فلسطينيين, وإلى عدم وجود قيادة تخطط أو تعمل على تنظيم ما يجري.
ولفت حبيب إلى أنه بالرغم من عدم وجود خطة إلا أن الانتفاضة في حالتها الحاضرة تزيد من الإرباك عند الإسرائيليين, كونها لا تتعامل مع جهة يمكن أن تتنبأ لما تخطط وماذا تنوي بخطواتها القادمة , منوها إلى أن هذا الوضع القائم يشير إلى فشل كافة الإجراءات الإسرائيلية الهادفة لوقف الانتفاضة.
وزاد بالقول: الإجراءات الإسرائيلية التي اتخذت على أكثر من صعيد وبأشكال دموية لوقف الانتفاضة تشير إلى أن الإرباك يعصف بحكومة الاحتلال المتطرفة".
وتوقع حبيب أن تتراجع حدة الانتفاضة في بعض الأحيان، وتعاود الاشتعال في أحيان ومناطق أخرى, مشيرا إلى أن الخصائص المذكورة للانتفاضة الحالية تجعل من الصعب التنبؤ بخطواتها القادمة.
الانتفاضة مستمرة
الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله يرى أنه لطالما لم تقدم إسرائيل تنازلات تخفف من الاحتقان، سيبقى الغضب يعبر عن نفسه من خلال العمليات المستمرة, بغض النظر عن فترة الهدوء والصعود, بالإضافة إلى أن بعض التسهيلات والوعود الإسرائيلية الأخيرة والاتفاق الأردني الإسرائيلي لم ترض المنتفضين حتى اللحظة, ولم تخفف من الاحتقان.
وقال عطا الله لـ"شمس نيوز ": بعض التنفيس والوعود الإسرائيلية حتى اللحظة لم ترض المنتفضين, إلى جانب أن الاتفاقية التي وقعت بالأردن لم تقدم للفلسطينيين حلا".
وأشار الكاتب عطا الله إلى أن أعداد الشهداء الذين سقطوا خلال الفترة السابقة، جعلت المطالب الفلسطينية أكبر من قضية السماح للمصلين, ورفعت من مستوى الطلب أو الثمن ليصبح متعلقا بنمط تجميد الاستيطان ولجم المستوطنين على الأقل.
ولفت المحلل السياسي إلى أن إسرائيل لا تستطيع وضع قواعد للمواجهة بسبب العمل الفردي وغير المنتظم ,خاصة أنه فاجئها ولم تكن تجهز نفسها لذلك ,مبينا أن إسرائيل تعيش حالة انتظار وتشعر بالأريحية بأن هذه العمليات لا تقودها تنظيمات وتراهن على الزمن لإخمادها.
لا حل سياسي
واستبعد عطا الله أي تحرك سياسي جدي في هذه الفترة ,إلا إذا اشتد ضغط الانتفاضة إلى الحد الذي لا تحتمله إسرائيل "وهذا يحتاج إلى وقت طويل" حسب اعتقاده.
وقال: لا يمكن أن يظهر أي تحرك سياسي جدي في هذه الفترة, الانتفاضة الأولى بدأت في عام1987وبدأ الانجاز السياسي في عام1993، لا يبدو أننا أمام فعل سياسي يخرج الفلسطينيين والإسرائيليين من المواجهة".
وأشار المحلل السياسي إلى أن الإدارة الأمريكية لا تستطيع الضغط على الحكومة الإسرائيلية في هذه الفترة, منوها إلى أن حكومة نتنياهو مقيدة بقواعد الاستيطان والمستوطنين وأي تنازلات في هذه المرحلة يمكن أن تسقطها "لأنها حكومة مستوطنين" بحسب تعبير عطالله.
وأدت انتفاضة القدس الثالثة المندلعة في الأراضي الفلسطينية منذ مطلع أكتوبر الماضي إلى استشهاد زهاء 76 فلسطينيا في الضفة الغربية والقدس المحتلتين وقطاع غزة، وإصابة المئات بجراح.
وقتل في عمليات دهس وطعن وإطلاق نار نفذها فلسطينيون في الضفة والقدس والداخل المحتل زهاء 12 إسرائيليا، بين مستوطنين وجنود.