شمس نيوز / عبدالله عبيد
يحاول الاحتلال الإسرائيلي بكل الوسائل، إجهاض انتفاضة القدس، للتخلص من الهوس الذي أصاب المستوطنين جراء عمليات الطعن والدهس في شتى مدن الضفة الغربية والقدس والداخل المحتل، بعد فشل القضاء عليها من خلال الإجراءات التي اتخذتها حكومة اليمين ضد المنفذين الفلسطينيين.
"اجتياح الضفة الغربية" هي تلك الفكرة التي تراود الجيش الإسرائيلي، والتي يتغنى بها قادة الاحتلال في تصريحاتهم، على غرار عملية السور الواقي، التي نفذها الاحتلال في الضفة الغربية منذ تولي أرئيل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك.
وكانت الحكومة الإسرائيلية برئاسة شارون قد أقدمت في 29/3/2002 على اجتياح كامل لأراضي الضفة الغربية في عملية سميت بعملية "السور الواقي"، وذلك بعدما نفذ الاستشهادي عبد الباسط عودة من مدينة طولكرم، عملية استشهادية في فندق "بارك" بمدينة نتانيا وقتل فيها 36 إسرائيليا إضافة إلى 150 جريحاً.
مراقبون وخبراء في الشأن الإسرائيلي، أبدوا توقعات مختلفة، حول إمكانية إقدام جيش الاحتلال الإسرائيلي على عملية "سور واقي 2"، فمنهم من استبعد هذا الأمر لعدة أسباب، أولها أن انتفاضة القدس لم يكن وراءها فصيل محدد، بل نتجت عن غضب الشارع الفلسطيني ضد ممارسات الاحتلال، وآخر يرى أن الإقدام على اجتياح مدن الضفة أمر ممكن، مدللا على ذلك ببدء الاحتلال عملية عسكرية في مدينة الخليل التي تتصدر عمليات الدهس والطعن.
يسيطر على الضفة
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، قيس أبو ليلى، نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية، قلل من أهمية تهديدات قادة الاحتلال الإسرائيلي باجتياح كامل للضفة الغربية، على غرار عملية السور الواقي عام 2002.
وقال أبو ليلى لـ"شمس نيوز": الاحتلال يسيطر على الضفة الغربية بالقوة العسكرية ويدخل ويخرج إلى مدنها دون أي عقبات، باستثناء المقاومة الباسلة التي يبديها الشبان الفلسطينيون بالحجر والسكين والمولوتوف"، منوهاً إلى أنه ليس بحاجة إلى عملية سور واقي ثانية؛ ليحقق أهدافه الأمنية بالضفة.
وأضاف: التصريحات التي تطلق من قادة العدو يراد بها مخاطبة جمهورهم المتعطش للدم من جهة بلغة عنترية، ومن جهة أخرى لتطمين هذا الجمهور أنه بحوزة إسرائيل خيارات لم تستخدمها بعد، وهي خيارات استخدمت أكثر من مرة ولا تزال تستخدم كل ليلة في مدن الضفة دون أن تنجح في إخماد هبة الشباب الفلسطيني".
واستدرك أبو ليلى: لكن الذين يطلقون التهديدات يدركون جيداً ما هي حدود إمكانية الإقدام على تنفيذها"، مبيّناً أن هذه التصريحات تطلق للاستهلاك الداخلي الإسرائيلي؛ "لمواجهة جمهور يفتقر إلى الأمن، ولا تعجبه السياسة التي تنتهجها حكومة نتنياهو لحفظ المستوطنين"، بحسب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
وكان وزير المواصلات الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قد هدّد الشهر الماضي باجتياح الضفة الغربية براً، على غرار اجتياح عام 2002.
عملية واسعة
الخبير في الشأن الإسرائيلي، د.جمال عمرو، لم يستبعد تفكير الجيش الإسرائيلي بعملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية، تكون على غرار عملية "السور الواقي"، موضحاً أن ما يجري في محافظة الخليل ينبئ بذلك وهو مقدمة لاجتياح كامل للضفة.
وقال عمرو لـ"شمس نيوز": القوات الإسرائيلية التي تقتحم الخليل بهذه الأخلاقية وبتلك الجرائم المجهزة وعمليات السلب والنهب واعتقال المواطنين وهدم البيوت، تجهز لعملية اجتياح واسعة النطاق تحتاج إلى تمهيد أمني".
وأضاف: محاولة الاحتلال في حرب 2014 على غزة ووصوله إلى الشجاعية قلب القطاع، كان قراراً إسرائيلياً، رغم أن ضرب مواقع المقاومة من خلال الطائرات، كان يكفيهم، لكنهم فضلوا الاجتياح البري"، لافتاً إلى أن قادة الاحتلال يساورهم الشك أنهم إن لم يجتاحوا فإن الضفة ستصبح قادرة على النهوض بمشروع مقاومة كبير يرهق ويربك الحسابات الإسرائيلية العسكرية".
وكان رئيس حزب "البيت اليهودي" ووزير التعليم الإسرائيلي، نفتالي بينت، قال خلال تصريح لراديو جيش الاحتلال صباح أمس: يجب علينا أن نقتحم بقوات كبيرة جدا محافظة الخليل وما حولها".
وزعم المتشدد بينت أنه لا مفر من عملية "السور الواقي 2" للتعامل مع ما سماه "موجة الإرهاب" التي تنتشر عبر البلاد، منوهاً إلى أن ": هناك حل واحد فقط للسيطرة على الوضع، "عملية السور الواقي 2".
خيارات صعبة
في السياق، يرى المتخصص بالشأن الإسرائيلي، د.وديع أبو نصار أنه ليس من السهل الحديث عن عملية شبيهة بالسور الواقي الفترة الراهنة، معللاً ذلك بأن إسرائيل لديها خيارات ليست سهلة وغير واضحة.
وأوضح عمرو في حديثه لـ"شمس نيوز" أن الفصائل الفلسطينية غير مسؤولة عما يحدث في الانتفاضة، " وبالتالي من الصعب على إسرائيل البحث عن هدف سهل تقليدي كما انتفاضة الأقصى الثانية"، منوهاً إلى أن الشبان الفلسطينيين يتصرفون بمبادرات ذاتية في انتفاضة القدس.
وذكر أنه في صفوف اليمين الإسرائيلي من يبحث عن الانتقام من الفلسطينيين، مضيفاً: ما أخشاه هو أن يقدم بعض اليهود المتشددين على أعمال بمبادرات فردية، لأنهم قد يتهمون المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بالتقاعس، ومن ثم يأخذون زمام المبادرة، ويتصرفون بالصورة التي من شأنها تعقيد الأمر بدلاً من حله".
ودعا الوزير اوفير اوكينوس من "الليكود" مرة أخرى لفرض إغلاق على الخليل والقرى المجاورة قائلًا: لا يوجد مفر من الفصل على الأقل مؤقتًا بين حركة المرور الإسرائيلية و حركة المرور الفلسطينية على شارع 60" بحسب تعبيره.