شمس نيوز / عبدالله عبيد
"صرخة حجر" انتفضت في آن واحد من أيدي شباب عزّل، خرجوا ضد القهر والظلم والحصار، معلنين حالة الاستنفار، ما بأيديهم إلا حجر، يواجهون فيه جنودا مدججين بالقنابل والصواريخ والقذائف، فلكل منهم آلة يصوبون حجارتهم بها تجاه هذا المحتل الغاصب، ليحضر المقلاع والمنجنيق، في انتفاضتهم الباسلة.
تلك الحكاية الأولى التي اقتنصتها عدسة المصور الفلسطيني الشاب " حسن حسين الجدي" (22 عاماً)، والتي تُحاكي الشباب الفلسطينيين الذين خرجوا إلى الحدود الشرقية لقطاع غزة، حيث الأسلاك الشائكة تفصلهم عن العدو الإسرائيلي، ملثمين بالكوفية الفلسطينية، تعلوهم النيران التي أشعلوها ليؤكدوا للاحتلال أن تلك النيران ستحرقه حرقاً.
خمسون صورة معلقة على جدران خشبي التقطتها كاميرا المصور الشاب "الجدي" عند الخط الشرقي الفاصل لغزة، تحاكي انتفاضة القدس الثالثة، حيث الشباب الغزي العُزّل، من بيت حانون حتى رفح، واجهوا "الجيش الذي لا يقهر" بحجر ومقلاع، معلنين تضامنهم الكامل مع أخوانهم وأخواتهم في القدس المحتلة والضفة الغربية وأراضي الـ48، عُرضت في معرض بعنوان " صرخة حجر"، داخل مؤسسة بيت الصحافة برعاية وكالة "شمس نيوز" الإخبارية.
السلاح الوحيد
وعن "صرخة حجر" يقول المصور الجدي: سبب تسميتي لهذا الاسم هو الحجارة التي كانت في أغلب الصور التي التقطتها على الحدود الشرقية من قطاع غزة، حيث هو السلاح الوحيد الذي يجابه به الشباب الغزي والفلسطيني جيش الاحتلال المدجج بأعتى الأسلحة والمتفجرات.
ويضيف "الجدي" لمراسل "شمس نيوز": لم يكن الحجر حاضراً في غزة أو الانتفاضة هذه فقط، بل في الضفة والقدس، وحتى الانتفاضتين السابقتين، فقد سميت الانتفاضة الأولى بالحجارة"، لافتاً إلى أن الحجر الصغير قهر "الجيش الذي لا يقهر".
مواجهات يومية شهدتها مناطق التماس بين الجنود الإسرائيليين والشباب الفلسطينيين منذ بداية الانتفاضة الثالثة، ليبيّن أن تلك المواجهات قام بتوثيقها من بيت حانون وحتى رفح خلال هذا المعرض، لافتاً إلى أنه تعرض لمرات عديدة من الاختناق بقنابل الغاز، التي كان يطلقها جنود العدو على الشبان والصحفيين بالأخص.
ويشير الجدي إلى أن الصحفيين ذاقوا الأمرّين خلال تغطيتهم لتلك الأحداث، ووقعت فيهم إصابات عديدة سُجلت في انتفاضة القدس"، منوهاً إلى أن الاحتلال كان يتعمد تصويب النار تجاههم، ليخفي الحقيقة عن العالم.
قلة الإمكانيات
شاب في عمر الزهور، مبتور القدم اليمنى، وفي يده عكازات يتوكأ عليها، وفي يده الأخرى مقلاع يلوح به ليضرب الحجر تجاه المحتل، كانت من أجمل الصور المعروضة في ذلك المعرض، ليوضح المصور الفلسطيني أن "هذا الشاب رغم بتر قدمه إلا أن حقده الدفين على المحتل دفعه إلى الصفوف الأولى للمنتفضين على الحدود الشرقية.
وبالرغم من قلة الإمكانيات والمعدات التي كان يشكو منها أغلب الصحفيين في تغطيتهم لأحداث الانتفاضة، إلا أنهم استطاعوا أن يوثقوا الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، حسب قول الجدي.
ومن أشد المواقف التي واجهها أثناء تغطيته المواجهات على الحدود الشرقية، بحسب المصور الجدي، إصابة زميله المصور "علي عاشور"، الذي كان بجانبه أثناء لحظة الإصابة، مبيّناً أنهم كانوا خلف تلال الرمال ليلتقطوا صورة لجندي إسرائيلي يقف خلف جيب عسكري يصوب سلاحه تجاه مجموعة من الشبان الذين تسلقوا الأسلاك الشائكة.
لكل صورة حكاية وصفت حجارة انتفاضة القدس في القطاع، لكن ما يلفت الانتباه أكثر لقطة العلم الفلسطيني الذي يرفرف خفاقاً يحمله فتى في مقتبل العمر يخرج من بين النيران المشتعلة، متجهاً صوب الأراضي الفلسطينية المحتلة، يقول لهؤلاء الجنود " سأعود إلى بيتي يوما ما وأنصب العلم الفلسطيني عليه خفاقاً".