شمس نيوز/عبدالله مغاري
جملة قرارات اتخذها المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية خلال اجتماعه الأخير في مقر الرئاسة برام الله مطلع مارس الماضي, كان أبرزها وقف التنسيق الأمني وإعادة تحديد العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي, بالإضافة إلى سلسة إجراءات تنوي المنظمة القيام بها.
لأشهر عديدة بقيت تلك القرارات معلقة ولم تطبّق أو يحدد موعد لتنفيذها, إلى حين صعد الرئيس عباس في نهاية سبتمبر الماضي على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة, معلنا عدم إمكانية استمرار الالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل طالما لم تلتزم الأخيرة بها.. خطاب أثلج قلوب الفلسطينيين وجعلهم ينتظرون تنفيذ تلك القرارات.
اندلعت الانتفاضة ودخلت شهرها الثالث دون أن يستمع المنتفضون لقرار إعلان وقف الالتزام بالاتفاقيات رسميا, بل أصبحوا يراقبون تصريحات أعضاء التنفيذية والقيادة السياسية التي ألمحت لاقتراب موعد التحلل من الاتفاقيات, أو كالتي صرح بها بعضهم مؤخرا ببدء وضع جدول زمني لوقف الاتفاقيات تدريجيا, ولكن الشارع الفلسطيني ينتظر ويسأل: إلى متى ولماذا التأخير؟.
مراقبون رأوا في حديثهم لـ"شمس نيوز" أن سبب تأخير تطبيق قرارات المجلس المركزي يعود لتكتيكات سياسية تتبعها السلطة في رام الله, بينما يرى آخرون أن هناك مماطلة في تطبيق القرارات من قبل الرئاسة ويعتبر آخرون المصالح الشخصية عائقا أمام الالتزام بما قُرر.
تكتيك سياسي
الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل يرى أن تأخير تنفيذ قرارات المجلس المركزي الفلسطيني له علاقة بالتكتيك السياسي الذي تتبعه القيادة الفلسطينية.
وقال عوكل لـ"شمس نيوز": منذ أن اجتمع المجلس المركزي كنا نفهم قراراته على أنها إستراتيجية جديدة, تحتاج إلى وقت وتحضيرات قبل أن تنزل موضع التنفيذ, والتنفيذية اتخذت قرارات لتنفيذ ذلك, وأعتقد أن التأخير له علاقة بالتكتيك السياسي".
وأشار الكاتب عوكل إلى أن السر يكمن في العبارة التي قالها الرئيس في الأمم المتحدة وهي (ربما هناك فرصة أخيرة) أي أن عباس كان يقصد أن المجتمع الدولي عليه تحمل مسئولياته لدفع عملية السلام, وإلا فإن السلطة ستضطر لإعادة تحديد العلاقة مع الاحتلال, منوها إلى أنه في الوقت الحالي لا يوجد مراهنة على أي طرف عربي أو أميركي.
وزاد بالقول: مأخذنا على القيادة الفلسطينية أنكم متجهون لمثل هذه القرارات والتي بالطبع ستفتح صداما مع الاحتلال, لذلك يجب أن نكون قد رتبنا البيت الداخلي الفلسطيني" مستبعدا في الوقت ذاته اي مؤشرات لاقتراب تحقيق المصالحة الوطنية.
ولفت عوكل إلى أن الأوضاع متجهة إلى مربع الاشتباك المفتوح, كون إسرائيل لا تفكر بحل الدولتين أو بدولة لشعبين, مضيفا: لكن المواجهة والتغيير لا يأتي بشكل مفاجئ، بل بالتدريج "ويجب أن نجهز كفلسطينيين لمرحلة المواجهة المفتوحة دون أمل بدولة تجلبها المفاوضات" بحسب تقديره.
مماطلة
عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين رباح مهنا أكد على أن قيادة السلطة الفلسطينية تماطل في تنفيذ قرارات المجلس المركزي الفلسطيني.
وقال مهنا لـ"شمس نيوز": اللجنة التنفيذية أيدت قرارات وقف العلاقة مع الاحتلال ووقف التنسيق الأمني وإعادة النظر في اتفاقية باريس الاقتصادية, لكن هناك مماطلة في تنفيذ هذه القرارات".
وأشار مهنا إلى وجود جهود تبذلها الجبهة الشعبية وفصائل أخرى مع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لتطبيق قرارات المركزي وتنفيذها على أرض الواقع.
ووصف مهنا الرئيس عباس بأنه يعتمد على حسابات خاطئة بخصوص قرارات المجلس المركزي، لافتا إلى أنه "وبالرغم من وجود تبعات لتنفيذ القرارات، إلا أنه بالوحدة الوطنية والتخطيط الفلسطيني السليم يمكن تجاوز العقبات".
مصالح شخصية
البروفسور عبد الستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح, يرى أن المصالح الشخصية للقيادة الفلسطينية برام الله تحول دون تطبيق قرارات المجلس المركزي حتى اللحظة.
وقال قاسم لـ"شمس نيوز": لم تنفذ قرارات المركزي، لأن أمور الشعب الفلسطيني تدار بالبلطجة, لا يوجد احترام لمواثيق ولا لقرارات ولا لمجالس, والأمور تسير حسب أمزجة شخصية تغلب عليها المصالح الفردية" متسائلا: منذ متى ونحن نحترم مجالس ومواثيق الوطني الفلسطيني؟".
وأشار البروفسور قاسم إلى أن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية كان دائما يدوس على قرارات المجالس الفلسطينية دون أن يحاسبه أحد, ليضيف: إذا كان عضو اللجنة الفلسطينية يتقاضى راتبا محترما، هل عنده الاستعداد أن يغامر به لأجل فلسطين؟".