شمس نيوز / عبدالله عبيد
بين أطلال منزله المدمر في مدينة نابلس، يقف الحاج لطفي المصري ( 55 عاماً) – والد الأسير كرم المصري- أحد منفذي عملية ايتمار، حائراً، يضع يده على خده، تارة يفكر بالمنزل الذي يحتاج الكثير من المال لإعادة بنائه، وتارة أخرى يشرد ذهنه بقلق إلى فلذة كبده الجريح داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.
حكاية عائلة المصري تعيشها كل أسرة فلسطينية كُتب عليها التهجير والتشريد قسراً، فعندما تطرق أحد بيوت الفلسطينيين من الشمال إلى الجنوب في الضفة والقدس والداخل وغزة، تجد شهيداً أو أسيراً أو جريحاً أو مشرداً أو لاجئاً أو بيتاً مهدوماً، هذا ما تركه الاحتلال الإسرائيلي بفعل جرائمه بحق الشعب الفلسطيني الأعزل.
وبالتزامن مع هدم الاحتلال منزل عائلة الأسير المصري في الـ 14 من نوفمبر الماضي، قامت القوات الإسرائيلية بهدم منزلين يعودان للأسيرين يحيى الحج حمد وسمير كوسا في نابلس، وهما متهمان بتنفيذ عملية ايتمار التي أدت لمقتل مستوطنين.
رفع راسي
قلق أبو كرم على ابنه السجين اعتيادي كما كل أب يخاف على أبنائه من "الريح الطاير"، لكن المنزل الذي تم تدميره بالكامل وأصبح ركاماً، أعطى تلك العائلة قوة مضاعفة وصبراً وصموداً لا يشعر به إلا كل من هُدم منزله، بحسب ما قاله المصري لـ"شمس نيوز".
ويضيف: الإسرائيليون هدموا المنزل، شو استفادوا من هيك، بدهم يكسروا إرادتنا عالفاضي، أنا ابني رفع راسي عالي، وكل هذه الحجارة فدا كرم والشباب إللي معه"، لافتاً في السياق ذاته إلى وجود حملة شبابية تطوعية في مدينته لإعادة بناء منازل الأسرى المهدّمة بنابلس.
وأوضح أن الحملة توجه رسالة للاحتلال الإسرائيلي، بأنه رغم ازدياد جرائمه إلا أن الشعب الفلسطيني ازداد وحدة وتكافلاً، وإصراراً على التعاون والإخوة".
وتهدم سلطات الاحتلال مئات بيوت الفلسطينيين في الأراضي المحتلة كوسيلة "عقابية"، حيث تهدف، وفق ما تدعي، إلى "المسّ بأقرباء الفلسطينيين الذين نفذوا عمليات ضدّ إسرائيل، أو الذين اشتبهوا بالضلوع فيها، بغية ردعهم عن القيام بمثل هذه العمليات".
بناء المنازل
مازن دنبك، المسؤول عن الحملة الوطنية لإعادة إعمار المنازل المهدمة، أوضح أن الهدف من تلك الحملة بناء المنازل الأربعة للعائلات التي هدمتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في نابلس، لافتاً إلى أن المبلغ الذي تم جمعه خلال الحملة بلغ نحو 700 ألف شيكل حتى الآن.
وقال دنبك لـ"شمس نيوز": أهم شيء في الحملة تأمين مساكن للعائلات الأربعة التي تم هدم بيوتها بنابلس، خصوصاً وأن الاحتلال يرفض بناءها، وسنقوم بالتنسيق مع الجهات المسؤولة في نابلس لشراء منازل لهذه العائلات".
وأضاف: أول ما بدأت تلك الحملة في شعفاط بمدينة القدس، عندما أقدم جيش الاحتلال على هدم منزل الشهيد إبراهيم العكاري، وقام أهالي المخيم بجمع تبرعات وإيجاد مسكن لعائلة الشهيد".
ولفت إلى أن القائمين على الحملة مجموعة من الشباب بعيدا عن التنظيمات والأطر الفلسطينية، حيث لم يخف أنها حققت نجاحاً كبيراً خلال هذه الفترة.
وتمنى دنبك أن تصل هذه الحملة جميع مدن الضفة الغربية والقدس المحتلة، " كي نكون يداً واحدة في مواجهة الجرائم الإسرائيلية" بحسب قوله.
وكانت مجموعة من الشبان في نابلس، أطلقوا الأحد الماضي، حملة " إعمار منازل الأحرار" لجمع التبرعات لإعادة إعمار 4 منازل هدمتها قوات الاحتلال تتهم أصحابها بتنفيذ عملية “ايتمار” شرق نابلس.
ما تزال مدمرة
لكن في قطاع غزة ينتظر آلاف المواطنين الذين دُمرت منازلهم عن بكرة أبيها خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، إعادة إعمار بيوتهم وإنهاء معاناتهم، دون النظر إلى حالهم من مسؤول تعهد في تصريحات عديدة ببناء منازلهم، أو من منظمة دولية التقطت صوراً كثيرة للدمار والخراب، ليعيشوا المعاناة للعام الثاني على التوالي.
أبو ماجد السعيد يجلس في خيمته التي جمّعها من ألواح "الزينقو" بجانب ركام منزله بحي الشجاعية شرق مدينة غزة، يبين في حديثه أنه يجلس يومياً في تلك الخيمة لعل أحدا يطرق خيمته لمساعدته في عملية إعادة بناء منزله.
وذكر أبو السعيد لـ"شمس نيوز"، أن العديد من المؤسسات والجهات المسؤولة قامت بتسجيل اسمه ووعدته ببناء البيت في أسرع وقت، لكن لم يفِ أحد منهم بوعوده.
وقال: أتمنى أن ينظر مسؤول لأحوالنا في غزة، ها نحن نرى الضفة ونابلس قامت بجمع الأموال فور هدم منازل المواطنين أخيراً، ونحن يماطلون معنا منذ عامين في بناء منازلنا"، منوهاً إلى أن الشتاء يطرق الأبواب ولا بد من النظر إلى حالهم في أسرع وقت ممكن.
تطور كبير
من جهته، طمأن وزير الأشغال العامة والإسكان، د. مفيد الحساينة المواطنين المهدمة بيوتهم في قطاع غزة، بأن المرحلة المقبلة ستشهد تطوراً كبيراً في عملية إعادة الإعمار، موضحاً أن 2110 وحدة سكنية سيتم بناؤها خلال الأيام القادمة ضمن المنحة الكويتية.
وذكر الحساينة في حديثه لـ"شمس نيوز" أن المنحة الكويتية ستوزع على المدمرة بيوتهم حسب عدد أفراد الأسرة، ولأولاد الشهداء والأسر الفقيرة، مبيّناً أن هناك معايير حددتها الوزارة لاختيار الأشخاص المستفيدين من تلك المنحة.
كما وكشف الوزير الحساينة، عن أنه تم التوافق بين وزارته وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) على البدء بإعادة إعمار 22 ألف منزل مدمر جزئيا.
وأكد أن الوزارة تتابع عن كثب آليات إعادة الإعمار في قطاع غزة، عبر طواقمها المكلفة بالمتابعة في كافة المحافظات، مشيرا إلى أن الوزارة أنجزت قرابة90% من البيوت المهدمة جزئيا.
ودمر الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة عام 2014 زهاء تسعة آلاف منزل بشكل كامل وثمانية آلاف بشكل جزئي، وفق إحصائيات وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.