شمس نيوز/عبدالله مغاري
لا طعم لشيء والأب لا يتذوق الطعام, ما فائدة النوم.. والقلق يتربع على الأحلام؟ من أين نبدأ اليوم والأب لم يخرج من وحل الظلام؟ كيف نخرج وإلى أين سوى لخيمة الاعتصام؟ أين أبي؟ ومن هذا الذي يشبهه في الصور؟ أين الحياة يا أمي؟
هي الحياة.. مطلب عائلة الأسير الصحفي محمد القيق, المضرب عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي لليوم77 على التوالي, احتجاجا على اعتقاله الإداري منذ نهاية نوفمبر الماضي, وللمطالبة بالإفراج عنه وإنهاء سياسة الاعتقال الإداري, التي تطبقها إسرائيل على كل من لا تستطع حياكة تهمة له.
كيف تعيش العائلة التي تقضي يومها في انتظار خبر الشهادة أو الانتصار؟ كيف حال أطفال الأسير القيق الصغار (إسلام ابن الأربعة أعوام, ولور ابنة العام والنصف) وزوجته فيحاء, الذين لم يزروا محمد منذ اعتقاله؟ وكيف حالهم وهو يصارع الموت على أسرة مستشفى العفولة دون أن يقبل الاحتلال حتى النقاش في قضيته.
"شمس نيوز" حاولت أن تأخذ العائلة إلى مربع الذكريات تارة, والأماني تارة أخرى, وتقف على مقربة من أطفال الأسير محمد القيق الذين لم تسعفهم أعمارهم لممارسة أي نوع من التضامن مع والدهم.
"إسلام" الابن الأكبر للأسير القيق لم يقل شيئا جديدا خلال حديثه لمراسل" شمس نيوز"، فأين الجديد عندما يعبر ابن أسير فلسطيني عن اشتياقه لوالده؟ كما قال الطفل إسلام: أنا مشتاق لبابا، أنا بدي بابا يشتري لي حاجة من الدكانة!!".
هذا فقط ما قاله الطفل الخجول قبل أن يصمت عن الحديث, لتكمل والدته فيحاء وتروي بعض تفاصيل حياة أبنائها وكيف حرمهم الاحتلال من أجمل تفاصيلها: محمد اعتاد أن يأخذ الأولاد إلى مدرسة الرازي في الخليل التي يتبع لها متنزه, دائما إسلام يقول لي أريد أن يأخذني بابا على الرازي.. ماذا أقول له؟".
وتستذكر الأم فيحاء تلك اللحظة التي رأى فيها الأطفال والدهم عبر التلفاز, وهو على سرير المستشفى وكان قد ظهر بلحية وشعر طويلين لم يقم بحلاقتهما منذ الاعتقال، فضلا عن جسده الذي أصبح يشبه الهيكل العظمي.
وتضيف بالقول: في بداية الأمر لم يعرف إسلام والده, قلت له هذا بابا، قال: أين هو؟ قلت له هذا وأشرت على صورته, فرد بالقول: هذا يشبه بابا.. بعدها سأل: لماذا لم يحلق أبي لحيته؟".
وفي شوارع المدينة وخيمات الاعتصام أسئلة تزرع الحيرة في وجدان الأم, فماذا تقول لأبنائها وبأي أسلوب تجيب ابن السنوات الأربعة عن أسئلته الغريبة دون أن تعيّشه حالة القلق أو الخوف التي تعيشها هي!! فهذا سؤال تلقته من ابنها: لماذا صور بابا في كل مكان؟ أجيبه: لأن أبوك بطل.. فيرد: أنا بطل بدي أضرب الجيش".
إسلام يفتقد والده في كل لحظة، ولور لا تعرف سوى تقبيل صورة والدها, وصغر عمريهما يجعل الأم تشكو صعوبة إقناعهما بالواقع الجديد، لتزيد بالقول: بصراحة لو كانوا أكبر سنا لتمكنت من التفاهم أكثر معهم وأشرح لهم أن والدهم مضرب عن الطعام, ابني لا يفهم معنى (مضرب)".
وتتابع فيحاء القيق: أقول له إن بابا لا يأكل ولا يشرب، لكنه لم يفهم.. وما أصعبها عندما يغضب الولد من أمه ويتوعدها بالشكوى لوالده بعد أن يرجع من عمله, فهو لا يدري أن والده قد يعود محملا على الأكتاف بسبب الإجرام الإسرائيلي".
وتحاول الأم فيحاء استجماع ما تبقى من قوتها وتضع كل الاحتمالات وتجهز نفسها لكل لحظة, حتى لو كان الأمر استشهاد زوجها، لتقول: أنا أخطط من الآن لو محمد استشهد كيف أتعامل مع أبنائي, كيف أبلغهم أن أبوهم بطل وأزرع بداخلهم معاني الفداء" مشيرة إلى أنها تعيش ضغطا نفسيا عاليا وهي تتوقع في أي لحظة أن يهاتفها المحامي ليبلغها باستشهاد زوجها.. لكن الأم تصارع كل شيء في سبيل ألا يعيش أطفالها أي لحظة من لحظات القلق التي تعيشها".