غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر رغم توفرها في الأسواق.. مواد البناء لم تنعش اقتصاد غزة

شمس نيوز/عبدالله مغاري

"الاسمنت" شريان حياة الاقتصاد لمليوني مواطن يعيشون في سجن كبير بقطاع غزة المحاصر، والذين عاشوا أسوأ الظروف خلال فترات انقطاع مواد البناء أو ارتفاع أسعارها , على مدار سنوات الحصار العشر .

فأكثر من 40 ألف مواطن بغزة يعملون في مجال البناء, ونحو 30 ألف آخرون يعملون في مهن مرتبطة به, إلى جانب آلاف المصانع و المتاجر التي تعتمد بشكل كامل على مواد البناء في عملها, ناهيك عن طوابير الخريجين الذين يعتبرون العمل بمجال البناء ملجأهم الأخير بعد انسداد فرص التشغيل الأخرى.

وكانت آخر فترة انعدمت فيها مواد البناء, ما بعد إغلاق الأنفاق, والتي استمرت  قرابة ثلاثة أعوام قبل أن يُسمح بدخول الأسمنت إلى غزة, عبر المعابر الإسرائيلية عقب حرب 2014, لتصبح تلك المواد متوفرة في الأسواق, ولكن بأسعار وصلت لأربعة أضعاف سعرها الطبيعي.

وبالرغم من الأسعار الخيالية للأسمنت ومشتقاته، إلا أن القطاع شهد قفزة في عمليات البناء, دون أن يلمس المواطن الغزي سوى أدنى مستويات التحسن الاقتصادي, الذي لم يصل لدرجة الانتعاش, فلماذا لم يخرج الاقتصاد الغزي من مأزقه بعد؟ وهل عملية البناء بهذا الشكل كفيلة بإنقاذه إن استمرت؟.

 أولويات

المواطن مخلص عبد الهادي، والذي قام بشراء شقة سكنية وبدأ بتشطيبها بالرغم من ارتفاع التكاليف، بعد أن اُجبر على تلك الخطوة بسبب اكتظاظ منزل العائلة وعدم قدرته على استيعاب أفراد جدد, خاصة أن أشقاءه الاثنين مقبلان على الزواج، قال لـ"شمس نيوز": المنزل لم يعد يحتمل وأشقائي سيتزوجون قريبا, وأبنائي كبروا فأنا لجأت لشراء شقة سكنية (عظم) وأقوم بتشطيبها حاليا ولكن بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء فلن أقدم على تجهيزها بشكل كامل".

ويشير عبد الهادي إلى أن سبب عدم تمكنه من تجهيز شقته بشكل كامل, أنه قام بادخار مبلغ من المال يضمن له شراء شقة سكنية وتجهيزها ويمكنه أيضا من شراء الأثاث حسب التسعيرة الطبيعية لمواد البناء, إلا أن ارتفاع أسعار تلك المواد جعل من المبلغ الذي كان قد ادخره لا يكفي سوى لتجهيز الشقة بنسبة 60%.

الأزمة مستمرة

صاحب معرض الكنب والمفروشات محمد مغاري، والذي كان يتوقع أن يرتفع مستوى المبيعات لديه بعد استئناف عمليات البناء, يشير إلى أن البناء بشكله الحالي لم يحقق له مستوى المبيعات الذي كان يتوقعه لإخراجه من أزمته المالية.

وقال مغاري لمراسل "شمس نيوز": بعد أن أغلقت الأنفاق ضعفت حركة المبيعات، لأن عملنا مرتبط بالبناء، وأي مواطن يبني بيتا جديدا يقوم بتعفيشه, لكن لم نشهد الحركة التي توقعناها, الناس لديها أولويات أخرى تقدمها على العفش والأثاث".

ولفت بائع المفروشات إلى أنه في الوقت السابق كان الناس يقومون بشراء الأثاث لكامل مرافق المنزل إلا أنهم في الوقت الحالي يجهزون جانبا من البيت دون الآخر، مضيفا: اليوم الزبائن يقومون بشراء بعض المستلزمات، لا تجدهم يجهزون جميع مرافق البيت بالأثاث، هم فقط يجهزون أماكن الضيافة على سبيل المثال".

يطلبون العمل

المقاول عبدالله عزام، والذي ينفذ حاليا العديد من مشاريع البناء في قطاع غزة، يشير إلى كثرة وتزايد أعداد الشبان الذين يتوافدون إليه طلبا لفرصة عمل.

وقال عزام لـ"شمس نيوز": في كل يوم يأتيني شبان يطلبون العمل، معظمهم من الخريجين, في أقل يوم يأتيني 15 شابا, ومنهم من هو مستعد للعمل بمبلغ بسيط، وذات مرة جاءني رجل وطلب العمل معي مقابل أن أوفر له طعام أسرته في كل يوم فقط".

ويشير المقاول عزام إلى أنه وبالرغم من حركة البناء النشطة التي يشهدها القطاع إلا أنه لا يمكن له استيعاب كافة الأعداد التي تدق بابه, آملا أن تتسع رقعة الإعمار في قطاع غزة وأن يتمكن من تشغيل أعداد أكثر من العمال".

ليس المطلوب

الخبير الاقتصادي د. سمير أبو مدللة يوضح أن الأسمنت ورغم توفره، ومساهمته في إعادة تشغيل بعض المشاريع الخاصة، إلا أن ذلك لم يسهم في إنعاش القطاع الخاص بغزة بالشكل المطلوب.

وقال أبو مدللة لـ"شمس نيوز": خلال الفترة الماضية كان هناك تسهيلات بإدخال مواد البناء لغزة وأصبح الاسمنت لدى الموزعين, هذه خطوة جيدة، وحركت بعض المشاريع الخاصة, ولكن لا يمكن القول إن القطاع الخاص وصل حد الانتعاش".

وأشار الخبير الاقتصادي إلى وجود حركة ملحوظة لعمليات البناء في قطاع غزة أدت لتشغيل أعداد من المتعطلين عن العمل, مؤكدا أنه لا يمكن الحديث عن انخفاض في معدلات البطالة إلا إذا دخلت مواد البناء بالشكل المعتاد وانتعش القطاع الخاص .

وبين أبو مدللة أن سكان القطاع لن يلمسوا نتائج دخول مواد البناء إلا إذا دخلت بشكل طبيعي وبأسعار مناسبة, منوها إلى أنه وبالرغم من انخفاض أسعار الاسمنت إلى 800 شيكل بدلا من 1500 للطن، إلا أن الأسعار الحالية تبقى مرتفعة مقارنة بالأسعار الطبيعية التي لم يتجاوز فيها ثمن طن الاسمنت الـ400 شيكل.