غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

المؤلف: إسرائيل شاحك

خبر التاريخ اليهودي .. الديانة اليهودية وطأة ثلاثة آلاف سنة

عرض: باسم شعبان

هذا الكتاب نقد موجه للمجتمع اليهودي في إسرائيل, و تراثه الذي يؤثر على واقعه و مستقبله, تراثه أثناء الشتات, و من خلال التوراة و التلمود و خاصة الأخير الذي يشكل ايديولوجية إسرائيل من خلال تكريسه عن طريق اليمين و الأحزاب المتدينة.

الفصل الأول: يوتوبيا مغلقة

يقول المؤلف: بدا واضحا لي أنه لا الصهيونية- حتى في جناحها الذي يبدو علمانيا- و لا السياسة الإسرائيلية منذ ولادة دولة إسرائيل, و بصورة خاصة سياسة مؤيدي إسرائيل في الخارج, يمكن أن تفهم ما لم يؤخذ التأثير العميق للقوانين التلمودية و نظرتها إلى العالم بالاعتبار, و السياسات الإسرائيلية العملية التي اتبعت بعد حرب الأيام الستة لاسيما التمييز العنصري الذي اتسم به الحكم الإسرائيلي للمناطق المحتلة و مواقف أغلبية اليهود من المسائل المتعلقة بحقوق الفلسطينيين, و أي شكل من أشكال العنصرية أو التمييز أو كره الغير يصبح أكثر فاعلية و تأثيرا في السياسة إذا اعتبره المجتمع الذي يتعاطاه أمرا مسلما به, و عندما تغذي العنصرية و ميول التمييز و كره الغير السائد لدى اليهود و الموجهة ضد غير اليهود بالدوافع الدينية تصبح مثل نقيضتها اللاسامية بدوافعها الدينية.

تعريف الدولة اليهودية

لا يمكن من دون بحث المواقف اليهودية السائدة تجاه غير اليهود فهم مفهوم إسرائيل كدولة يهودية حتى كما تعرف هي نفسها رسميا, و إسرائيل كدولة كدولة يهودية تشكل خطرا لا على نفسها و على سكانها فحسب, بل على كل اليهود و الشعوب الأخرى في (الشرق الأوسط), و اعتبر المؤلف أنه من المؤسف بحث الخطر الذي تشكله الدول العربية و الإسلامية على إسرائيل بينما الخطر الذي يشكله الطابع اليهودي لدولة إسرائيل لا يبحث أبدا, و يشير المؤلف إلى أن مبدأ كون إسرائيل دولة يهودية كان و لا يزال ذو أهمية فائقة لدى السياسيين منذ قيام الدولة, و قد أقرت الكنيست عام 1985 بالأغلبية قانون لا يجوز بموجبه لأي حزب يعارض برنامجه مبدأ الدولة اليهودية أو يعلن عن عزمه على تغيير هذا المبدأ بالوسائل الديمقراطية أن يشارك في انتخابات الكنيست, و هذا المثل في حد ذاته يظهر أن إسرائيل ليست ديمقراطية بسبب تطبيق الأيديولوجية اليهودية الموجهة ضد غير اليهود جميعا, و سيواصل هذا المظهر الأيديولوجي نموه طالما تعزز عاملان معتمدان حاليا و هما:

1-   مواصلة تعزيز الطابع اليهودي لإسرائيل, و مواصلة تعزيز قوتها و خاصة قدرتها النووية.

2-   و العامل المشئوم الآخر هو تنامي التأثيرات الإسرائيلية على المؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية.

وفق القانون الإسرائيلي يعتبر الشخص يهوديا إذا كانت أمه يهودية, أو جدته لأمه يهودية, أو جدة أمه يهودية الديانة, أو إذا تحول الشخص إلى اليهودية بأسلوب ترضى عنه السلطات الإسرائيلية.

و هناك ضرورة ملحة لتعريف اليهودي و غير اليهودي رسميا, لن دولة إسرائيل تميز رسميا لمصلحة اليهود في مجالات عديدة, ثلاثة منها كبيرة الأهمية و هي:حقوق الإقامة و حقوق العمل و حق المساواة أمام القانون, و يقوم التمييز في الإقامة على أساس ملكية الدولة بنسبة 92% من الأراضي, و تدير سلطة أرض إسرائيل وفق قانون ينكر حق الإقامة أو التجارة أو حتى العمل على غير اليهودي لا شيئا لا لأنه غير يهودي ,وتمنع إسرائيل منعا باتا تأجير اليهود المقيمين على أرض تملكها الدولة أرضا للعرب المواطنين فيها ولو لفترة قصيرة. ولا يتمتع المواطنون غير اليهود في إسرائيل بحق المساواة أمام القانون .و هذا واضح في عدة قوانين .فاليهود يملكون فور العودة حق الترشيح و الانتخاب للكنيست ,حتى ولو لم يستطيعوا نطق كلمة عبرية واحدة, أداة التمييز في الحياة اليومية هي بطاقة الهوية,لأنها تذكر قومية الشخص يهودي ,عربي,درزي من دون ذكر كلمة إسرائيل لأنه تقرر عدم الاعتراف بقومية إسرائيلية.

عقيدة الأرض المستوردة

ويقصد بها تلك التي انتقلت ملكيتها من غير اليهود إلى اليهود والأرض العائدة لغير اليهود فهي على العكس أرض غير مستردة وهي اليوتوبيا التي تعتمدها دولة إسرائيل كأرض مستردة بكاملها ,لا يملك فيها غير اليهودي شيئا ,ولا يعملون فيها ,وقد عبر عن هذه الفكرة قادة العمل الصهيوني بكل وضوح ,وتمثل الكيبوتسات محاولة لإيجاد يوتوبيا ,وهي ما زالت يوتوبيا مغلقة حتى ولو تألفت من ملحدين, فلا عجب إذا اعتبر أبناء الكيبوتسات أكثر فئات المجتمع الإسرائيلي عدوانية, و في كل أنحاء إسرائيل يسعى الصندوق القومي اليهودي ,مدعوما من أجهزة الدولة ,وينفق مبالغ طائلة من الأموال العامة لاسترداد أي أرض يرغب غير اليهود في بيعها , ويمنع أية محاولة يقوم بها يهودي لبيع أرضه لغير اليهود.

التوسعية الإسرائيلية

الخطر الأساسي الذي تشكله إسرائيل كدولة يهودية على شعبها  وعلى اليهود الآخرين وجيرانها هو سعيها المحكوم بدوافع أيديولوجية  إلى التوسع الإقليمي وسلسلة الحروب التي ترتبت حكما على هذا السعي  وكلما أصبحت إسرائيل أكثر يهودية "عادت إلى اليهودية" كلما أصبحت الاعتبارات العقائدية اليهودية _اللاعقلانية_هي التي تحكم سياستها, والأيديولوجية اليهودية هي التي تحدد سياسات إسرائيل الفعلية أكثر من أي عامل آخر, وتجاهل اليهودية في حقيقتها  والأيديولوجية اليهودية يجعل هذه السياسات تبدو عصية على الفهم لدى المراقبين الأجانب الذين لا يعرفون شيئا في العادة عن اليهودية سوى التبريرات الفجة .

وفق التفسير الديني للتوراة أو التلمود .يجب أن تعود إلى إسرائيل _ما دامت دولة يهودية _كل الأرض التي حكمها أي حاكم يهودي في العصور القديمة أو وعد الله اليهود بها.

وقيد التداول الآن نسخ عديدة متناقضة للحدود التوراتية لأرض إسرائيل و أبعد هذه النسخ مدى تشمل جنوبا كل سيناء و جزء كبير من شمال مصر حتى ضواحي القاهرة,وشرقا كل الأرض وقطعة كبيرة من السعودية وكل الكويت وجزء من العراق جنوب نهر الفرات ,و شمالا كل لبنان وسوريا و جزء كبير من تركيا و غربا حتى قبرص.

الفصل الثاني

التحامل والمراوغة

إن العقلية الدينية كانت تحكم تفاصيل السلوك اليهودي اليومي في كل مناحي الحياة ,سواء في علاقة اليهود مع غير اليهود ,ولذلك كان صحيحا أن اليهودي لا يستطيع أن يشرب كوبا من الماء في بيت غير اليهودي و قواعد السلوك تجاه غير اليهود كانت مطبقة من اليمن حتى نيويورك. وكل جاليات اليهود في العالم منعزلة عن المجتمعات التي كانت تعيش فيها وكانت مراعاة الشريعة اليهودية و غرسها في الأذهان عن طريق التعليم ملزمة تحت طائلة الإرغام, ولا  يستطيع المرء أن يهرب منها إلا بالتحول إلى دين الأغلبية وما إن برزت الدول الحديثة إلى الوجود حتى فقدت الجالية اليهودية سلطة معاقبة أو تخويف اليهودي الفرد, وهكذا انهارت روابط مجتمع محكم الإغلاق و أحد أكثر المجتمعات شمولية في التاريخ البشري.

التحرير من الخارج

لقد تحرر اليهود في بلدان أوربا الشرقية كما في العالم العربي من طغيان ديانتهم نفسها ,ومن جالياتهم بفعل قوى خارجية ورغم ذلك تمت المحافظة على التصور القديم للمجتمع والايدولوجيا نفسها ,لاسيما ما تعلق منها بغير اليهود, وهذا ينطبق على بعض اليهود الذين انضموا إلى الحركات التقدمية و اليسارية لخدمة المصالح اليهودية , وهم في إسرائيل يؤيدون التمييز ضد اليهود.

و يتبنى المؤلف فكرة المجتمع المفتوح كحل لأزمة اليهود ويقول:أن المجتمع المغلق لا يهتم  بوصف نفسه ولا بنقدها. وكلما كان المجتمع أكثر انفتاحا زاد اهتمامه  بالتأمل الوصفي أولا ,ثم النقدي في حاضره و ماضيه ,ويقول إن اليهودية الكلاسيكية قليلة الاهتمام بوصف نفسها,و إيضاحها لأعضاء جاليتها ,سواء كانوا دارسين للتلمود أم لا و السمة البارزة أن الحاخامات خافوا من التاريخ اليهودي أكثر مما خافوا من التاريخ العام, وقضت السلطات الحاخامية في شرق أوروبا بأن كل الدراسات غير التلمودية ممنوعة , لأنها تشكل مضيعة للوقت الذي يجب أن يكرس لدراسة التلمود أو ربح النقود , وأبقي على فترة واحدة فقط هي الفترة التي يقضيها اليهودي في المرحاض ففي ذلك المكان النجس تحظر الدراسات المقدسة, ولذلك يسمح بقراءة التاريخ هناك شريطة أن يكون مكتوبا بالعبرية وعلمانيا تماما.

تاريخ شمولي

الأدب التلمودي يحتوي تعابير عدائية و مفاهيم موجهة ضد المسيحيين تحديدا, فبالإضافة إلى سلسلة المزاعم الجنسية البذيئة ,يقول التلمود:أن عقابهم في الجحيم سيكون بإغراقهم في غائط يغلي . وهناك أمر يقوم بموجبه اليهودي بإحراق الإنجيل, و في عام 1980 أحرقت مئات النسخ علنا و بصورة احتفالية بالقدس برعاية "ياد لياخيم" وهي  منظمة يهودية تدعمها وزارة الأديان, و منذ القرن الثالث عشر شنت في أوروبا هجمات مركزة ضد التلمود , وكانت الرشوة سلاح الحاخامات وفي معظم البلدان الأوربية كانت تسوى الأمور بالرشوة, وروما خير مثال لذلك في ظل باباوات عصر النهضة , وكتاب بن ميمون "ميشناه توراة"طافح بأسوأ النعوت لكل الأمم و بالهجمات الصريحة على المسيحية و المسيح الذي كان يضيف بعد اسمه "ليختفي اسم الشرير".

آليات الدفاع

بالإضافة إلى الرشوة كانت هناك بعض الآليات ,مثل المعارضة الخفية المقرونة بالتوافق الظاهري .فقد اقتضى الأمر تعديل أو حذف الفقرات التلمودية المتضمنة هجوما على المسيحية أو غير اليهود و مع استمرار الهجوم أصبح الدفاع أكثر تعقيدا مما أدى إلى نتائج مأساوية أحيانا وكان أشدها أثرا في روسيا القيصرية التي حاسبتهم بشدة على تلك الألفاظ , وبعد قيام دولة إسرائيل وشعور الحاخامات بالأمان أعيدت كل الفقرات و التقاليد التي تأمر كل يهودي بأن يتلو دعاء الرحمة إذا مر بالقرب من مقبرة يهودية,وأن يلعن أمهات الموتى إذا كانت لغير اليهود.

ويستمر الخداع

علماء اليهود الحديثين لم يواصلوا حيلة الخداع هذه فحسب,بل زادوا أساليب الحاخامية وقاحة و افتراء مثل إبادة اليهود الكفرة صراحة. وفي النصوص الانجليزية "الواجب اتخاذ تدابير نشطة لتدميرهم", والنص العبري ما زال يتحدث عن نماذج مختارة من الكفار يجب أن يبادوا مثل يسوع الناصري و تلاميذه وتزادوك,و باتيوس و تلاميذهما ,وليختفي اسم الشرير ,و لا تظهر كلمة واحدة من هذه الكلمات في النص الانجليزي و في الولايات المتحدة ترجمة لكتاب بن ميمون "دليل الحائرين"و ما زال يقرا على نطاق واسع حتى اليوم ولسوء الحظ بالإضافة إلى موقفه من غير اليهود عامة , و المسيحيين خاصة كان ابن ميمون عنصريا و معاديا للسود و هم في رأيه لم يبلغوا مستوى الكائنات البشرية و المستوى السائد بينهم هو دون مستوى الإنسان وفوق مستوى القرود و إضافة إلى أن الحاخامات و بعض الشخصيات اليهودية الهامة مثل برنارد لويس  الذي ينتقد الإسلام و يحاول أن يطعن فيه_باتهام الإسلام أنه معاد للسود_ بينما يسكت عن مثل هذه النصوص اليهودية التي توزع في أمريكا و فوق ذلك يتظاهرون بالوقوف مع مارتن لوثر كينغ و يصف المؤلف هذا الموقف المخادع بالتكتيك وليس بالمبدئي.

الفصل الثالث

الأرثوذكسية و التأويل

يقول المؤلف يجب تغيير الآراء الخاطئة في معظم اللغات الأجنبية غير العبرية,وخاصة اعتبار الديانة اليهودية ديانة توحيدية.فكما يعلم العلماء اليهود, و ما تكشف عنه قراءة العهد القديم بعناية. فان وجود آلهة أخرى أمر معترف به بكل وضوح , ولكن "يهوه " (إله اليهود حسب اعتقادهم) إله غيور جدا من منافسيه ويمنع شعبه من عبادتهم, و لم ينكر وجود آلهة أخرى غير "يهوه" إلا في الكتب المتأخرة جدا و يركز اليهود على الطقوس و ليس على المعتقد. والذي يعتبر درجة ثانية من الأهمية بعد الشكل.

تأويل التوراة

يجب فهم النصوص بالعبرية حتى يتم فهم الديانة اليهودية , و التأويل,يتم  أساسا اعتمادا على التلمود,وليس على التوراة فمثلا لا تسرق فسرت كنهي عن سرقة اليهودي فمصرح به, وكذلك العين بالعين لليهودي فقط  ولا يجوز إنقاذ غير اليهودي و كذلك احترام جثث و مقابر اليهود و لعن قبور غير اليهود.

هيكلية التلمود

يمكن وصف النظام الشرعي في التلمود بأنه شامل كليا و سلطوي  و من الأمثلة على ذلك عدم القيام بأي عمل يوم السبت و يشمل 39 نوعا من الأعمال, و أحد هذه الأعمال الممنوعة هو الكتابة فإذا قام شخص و كتب أكثر من حرفين ارتكب خطيئة الكتابة ,وللاحتراز من الكتابة حرم عليهم لمس أية أداة كتابة في يوم السبت, و مثل ذلك طحن القمح يوم السبت واتبع ذلك معه تحريم أي نوع من الطحن, كطحن الأدوية للعلاج, و يوم السبت يمنع الحصاد, و يمنع قطع غصن أية شجرة, و لذلك حظر ركوب الحصان خشية الوقوع في اقتراف قطع غصن شجرة لضرب الحيوان.

الإعفاءات الشرعية

كما لاحظنا في يوم السبت فالنظام التلمودي نظام "دوغماتي" لا يسمح بأي تساهل في تطبيق أحكامه, حتى ولو أصبحت سخيفة, و يعتبر النص التلمودي ملزم بخلاف التوراة , لكن هناك أحكام تلمودية يتم التحايل عليها , لأنها تتعارض مع مصالح الطبقات اليهودية الحاكمة, و مع كبار الحاخامين و يسمى ذلك بنظام الإعفاءات الشرعية مثل تقاضي الربا إذ يحظر التلمود على اليهودي أن يتقاضى فوائد على إقراض يهودي آخر, لذلك اخترع اليهود نظاما للتحايل في أخذ الربا من بعضهم البعض, و كذلك يتم التحايل على السنة السبتية (التي تترك فيها الأرض لتستريح كل 7 سنوات),عن طريق بيعها بمبلغ  رمزي عند السنة السابعة ثم إعادتها لمالكها الأصلي عند انتهاء السنة...الخ من ذلك التحايل.

 

المظاهر الاجتماعية للإعفاءات

إن المظهر البارز للإعفاءات هو الخداع, خداع الله أولا_إذا جاز استعمال هذا المصطلح_لأنه يخدم بسهولة تصرفات الحاخامين  الذين يعتبرون أنفسهم أذكى منه (أي إلههم)ولا يمكن تصور تناقض أشد من ذلك القائم بين اله التوراة (و خاصة إله الأنبياء العظام) و إله اليهودية الكلاسيكية, فالأخير شديد الشبه بإله روما القديم جوبيتر.

   

الفصل الرابع

سلطان التاريخ

كتب الكثير من اللغو في محاولات لتقديم تفسير اجتماعي أو باطني لليهود أو اليهودية ككل ولكن هذا غير ممكن لأن البنية الاجتماعية للشعب اليهودي و البنية الأيديولوجية لليهودية تغيرت عبر العصور و يمكن تمييز أربعة مراحل رئيسية.

1-   مرحلة الملكيات القديمة في إسرائيل و يهودا حتى تدمير المعبد الأول 587ق.م والسبي البابلي, معظم العهد القديم يعنى بهذه الفترة رغم أن معظم أسفار العهد القديم ربما فيها الإسفار الخمسة الأولى قد ألفت بعد ذلك التاريخ.

2-   مرحلة ازدواج المركز في فلسطين و وادي الرافدين "من العودة من بابل 537ق.م حتى 500 م" و قد اتسمت بوجود مركزين مستقلين لليهودية. خلال هذه الفترة استمر الحكم الذاتي اليهودي و قمع أي انحراف عن الديانة الأرثوذكسية.

3-   فترة حقبة اليهود الكلاسيكية حتى العصور  الحديثة و هي تضم المجتمع اليهودي المشتت داخل المجتمعات و الشعوب الأخرى.

4-   الفترة الحديثة و تتسم بانهيار المجتمع اليهودي الشمولي و محاولات إعادة فرضه و أهمها الصهيونية و تبدأ هذه الفترة في هولندا في القرن السابع عشر وفي فرنسا و النمسا  و في بعض الدول الإسلامية.

السمات الأساسية لليهود الكلاسيكية

يمكن تمييز اليهودية الكلاسيكية فيما بين القرينين من 1000 إلى 1200وهي ما زالت قوة نافذة حتى اليوم ويميز المؤلف بين اليهودية السابقة و اليهودية الكلاسيكية بثلاث مظاهر هي.
1- المجتمع الكلاسيكي اليهودي كان بدون فلاحين وهذا يختلف جذريا عن يهود فلسطين و وادي الرافدين و التاريخ اليهودي المكتوب بالانجليزية مضلل لأنه يميل إلى التركيز على فقر اليهود ويقول عن دور اليهود أن مهمتهم الاجتماعية في تلك المناطق هي التوسط لقمع الفلاحين بالنيابة عن النبلاء

2-    المجتمع اليهودي الكلاسيكي كان يعتمد بصورة خاصة على النبلاء ذوي السلطة الملكية و يبين الكاتب كيف كان يمارس اليهود اللعن لغير اليهود باستثناء الملوك فالملك يمدح و يصلي من أجله و اليهود الممنوعون من علاج غير اليهود يوم السبت يقومون بعلاج الملوك في نفس اليوم و اليهود مأمورون لبذل أقصى جهد لشفاء الحكام و الزعماء على عكس العاديين من غير اليهود.

3-   مجتمع اليهود الكلاسيكية كان على تعارض كلي مع المجتمع غير اليهودي المحيط به باستثناء الملك وكانت تنتعش في ظل الأنظمة القوية المنفصلة عن طبقات المجتمع ففي هذه المجتمعات يقوم اليهود بدور الطبقة الوسطى ولكن بشكل اتكالي على الدوام.

اضطهاد اليهود

طوال فترة اليهود الكلاسيكية تعرض اليهود لموجات من  الاضطهاد وهذه الواقعة تعتبر اليوم الحجة الرئيسة التي يعتمدها الذين يبررون موقف الديانة اليهودية من غير اليهود و لاسيما الصهيونية,و بالطبع كما يقول المؤلف أن تتوج إبادة النازية لخمسة أو ستة ملايين يهودي حجم هذا الخط في التفكير, و يقول المؤلف يجب أن نفرق بشكل حاسم بين الاضطهاد في الفترة الكلاسيكية من جهة و الإبادة النازية  من جهة أخرى, فالأولى كانت حركات شعبية منطلقة من تحت فيما أثيرت و نظمت و نفذت الثانية من فوق, و مع ذلك ظل الاضطهاد المتكرر لليهود في بلدان عدة خلال الفترة الكلاسيكية يعتبر نموذجا و عذرا للسياسيين الصهاينة لاضطهاد الفلسطينيين, و الملفت للنظر أنه و في أسوأ حالات الاضطهاد المعادية لليهود كانت النخبة الحاكمة و الإمبراطور و البابا و الملوك و الأرستقراطية العليا و كبار الكهنة البرجوازيين و الأغنياء في المدن و على الدوام إلى جانب اليهود و لكن جماهير الفلاحين هي التي قاومت الاستقلال اليهودي.

الرد الصهيوني

تاريخيا اليهودية هي رد فعل للاسامية و تحالف محافظ معها هذا على الرغم من أن الصهاينة مثل المحافظين الأوروبيين الآخرين لم يدركوا تماما مع من كانوا يتحالفون و الحقيقة هي أن علاقات وثيقة قامت بين الصهاينة و اللاساميين, و بالضبط كبعض المحافظين الأوروبيين ظن الصهيونييون أن بإمكانهم تجاهل السمة الشيطانية للاسامية و استغلال اللاساميين لخدمة أغراضهم و هناك أمثلة عديدة عن مثل هذا التحالف, مثل العلاقة بين هرتزل و الكونت بليهفي, و كذلك عقد جابوتنسكي ميثاقا مع بتليورا القائد الأوكراني الذي نفذ مذابح قتل فيها أكثر من مئة ألف يهودي, و ربما كان أفظع نوع من الأمثلة الابتهاج الذي أبداه الصهاينة ترحيبا بصعود هتلر لأنه يشاركهم بأولوية العرق و بمعارضته لاستيعاب اليهود ضمن العرق الآري و لا يدرك معاصرون عديدون إلى أين تتجه الصهيونية بخليط من أحقاد اليهودية الكلاسيكية ضد غير اليهود و الاستغلال غير المميز و اللاتاريخي لكل حالات اضطهاد اليهود لتبرير الاضطهاد الإسرائيلي للفلسطينيين.

الفصل الخامس

القوانين ضد غير اليهود

القتل و إبادة الجنس البشري: تعتمد الهالاخاه باعتبارها النظام القانوني لليهودية الكلاسيكية بشكل أساسي على التلمود, و أقدم مجموعة للقانون التلمودي هي مشناة توراه وفقا لها يعتبر قتل اليهودي جريمة كبرى عقوبتها الإعدام, أما قتل غير اليهودي فهي واجبة في حالة الحرب, و يمكن أو يجب قتل الشعب المعادي و قد صدر كتاب عن قيادة الجيش في المنطقة الوسطى في العام 1973 أنه خلال الحرب أو الملاحقات الساخنة إذا كنا غير متأكدين من قدرة الأعداء على إيذائنا... يجب قتلهم ....حتى المدنيين الطيبين و الأمثلة على ذلك ما جرى في كفر قاسم حيث لم يعاقب القتلة .

إنقاذ الحياة وانتهاك حرمات السبت لإنقاذ الحياة

والقاعدة في إنقاذ الحياة معروفة حسب المبدأ التلمودي فإنقاذ اليهودي واجب أما غير اليهودي فليس واجبا إنقاذهم ,كما أنه محظور قتلهم يقول التلمود: غير اليهود ليس واجبا رفعهم من البئر ولا إنزالهم فيها.

 ويشرح بن ميمون النص :يحظر إنقاذ غير اليهود إذا كانوا على وشك الموت كأن يسقط أحدهم في البحر وجب عدم إنقاذه, وابن ميمون واضح في ذلك وهو طبيب  "محظور عليك شفاء غير اليهودي و لو بأجر" و إذا كان غير اليهودي ذي سلطان فابن ميمون يوضح " إذا خشي منه أو من عداوته فعالجه مقابل أجر  و يبقى ممنوعا أن تفعل ذلك دون أجر ويضيف يجوز  أن تجرب الدواء على الكافر.

و انتهاك حرمة السبت في المواضيع المهمة فهو واجب لإنقاذ حياة اليهودي أما غير اليهودي فلا يهتم بها التلمود, عدا الأمراء و السلاطين خوفا منهم أو كسبا لهم.

الجرائم الجنسية: بالنسبة للزنا فهو من الجرائم الكبرى وخاصة عند المرأة اليهودية أما المرأة غير اليهودية فوضعها مختلف إذ تفترض الهالخاه أن كل غير اليهود إباحيون و ينطبق عليهم "لحمهم كلحم الحمير" و قذفهم المني كقذف الجياد " و الزنا بين اليهودي و غير اليهودية مباح  ولكن العقوبة الرئيسة توقع على المرأة إذ يجب أن تعدم  ولو كان اليهودي قد اغتصبها.

الوضع القانوني

يجب على اليهودي أن لا يعين غير اليهودي في وظيفة مسئول عن يهود مهما كانت صغيرة, و يعتبر كل غير اليهود كاذبون بالفطرة و لا يحق لهم الإدلاء بشهادتهم أمام محكمة دينية, و وضعهم النظري في هذا الخصوص يشبه وضع المرأة و القصر و العبيد, و في بعض المسائل تؤخذ شهادة المرأة اليهودية و لكن غير اليهودي فلا تقبل منه الشهادة.

المال و الأملاك

يمنع التلمود و بفظاظة إعطاء هدايا لغير اليهود إلا إذا كانت لمصلحة و تعتبر استثمارا, و كذلك الصدقات واجب ديني لليهودي أما غير اليهودي فلا.

أما بالنسبة للربا فالتمييز ضد غير اليهود في هذه المسألة أصبح نظريا إلى حد كبير بسبب الإعفاءات التي تبيح بالفعل تقاضي الفائدة حتى من المقترض اليهودي, و لكن عدم تقاضي الفائدة من اليهودي أمر مندوب, و لكم من غير اليهودي فتقاضي الفائدة أمر ملزم, و أقصى فائدة هو المطلوب, أما الأملاك المفقودة إذا كان صاحبها يهوديا فواجب اليهودي أن يعلن عنها و يعيدها و لكن التلمود و المراجع الدينية تسمح لمن وجد شيئا فقده غير يهودي بأن يحتفظ به, و حتى تمنعه هذه المصادر من إعادته, و في التشريعات الحديثة ألزم الحاخامات اليهود أتباعهم بطاعتها تعبيرا عن طاعة الدولة, و ليس كواجب ديني, و الخداع التجاري في الأمور المهمة و اجب, فخداع أي تاجر يهودي جريمة كبرى, أما بالنسبة لغير اليهودي فيحذر الخداع المباشر, و إذا سلمت عواقبه تجاه اليهود فهو مباح, و لهذا السبب ندرك المبرر وراء تأييد غالبية السلطات لسلب الفلسطينيين.

غير اليهود في أرض إسرائيل

فضلا عن القوانين المعادية لغير اليهود بصورة عامة تتضمن الهالخاه قوانين خاصة بغير اليهود في أراضي إسرائيل, أو الذين يمرون عبرها, و القصد منها هو تعزيز التفوق اليهودي, فالمراجع اليهودية المتطرفة تعتبر كل الشرق الوسط تقريبا أرض إسرائيل, و التفسيرات المعتدلة تضم حوالي نصف سوريا و لبنان حتى حمص, و هذا الرأي أيده بن غوريون, و جميع التفسيرات التلمودية تشمل قبرص في أرض إسرائيل, و الهالخاة تمنع بيع الأموال التابعة في أرض إسرائيل لغير اليهود, و في سوريا يسمح ببيع البيوت و ليس الحقول, و تأجير البيت لغير اليهود مباح بشرطين, الأول ألا يستعمل للسكن بل للأغراض الأخرى كالتخزين, و الثاني ألا تؤجر بيوت ثلاثة مجاورة له, و وجود غير اليهود مؤقت في أرض إسرائيل, و مقامهم مؤقت, و عندما يكون اليهود أقوياء فإنه لا يسمح لغير اليهود بالمرور و الإقامة بينهم أو حتى السماح للبائع المتجول ممنوع, و يقول المؤلف إن مسألة كيفية معاملة الفلسطينيين وفق أحكام الهالخاة هي ببساطة مسألة القوة اليهودية فإذا كان اليهود أقوياء بما فيه الكفاية فواجبهم الديني يقضي بطرد الفلسطينيين, و يقول عن أحكام الهالخاة هذه قلما عارضها اليسار الصهيوني, و لذا فالوصية القائلة لا تدع شيئا يتنفس يفسر كل ما يجري, و الحاخام شوفال يسرائيلي استشهد بالآيات التوراتية التي تصرح بإبادة المدنيين من أجل تبرير مجزرة قبية.

السباب

و هو يستعمل لتحقير غير اليهود و يستعمل على نطاق واسع في التعليم الديني, و يلعن اليهودي مقابر غير اليهود  و كذلك الأحياء و المباني ليست معفاة من اللعن و خاصة الكنائس و دور العبادة للديانات الأخرى, و حتى مدح غير اليهود ممنوع و الكاتب اليهودي عجفون بعد حصوله على جائزة نوبل للآداب امتدح الأكاديمية السويدية و سارع إلى القول "لم أنس أن مدح غير اليهودي ممنوع و لكن لدي سبب خاص لهذا المديح و هم أنهم منحوا الجائزة ليهودي ", و الاحتفالات يمنع اليهود من المشاركة فيها إذا كانت لغير اليهود.

الموقف من الإسلام و المسيحية

تكن اليهودية كراهية شديدة للمسيحية, و تعزز هذا الموقف باضطهاد المسيحيين, و قيل عن هذا أنه موقف جاهل, فاضطهاد اليهود يعود إلى الوقت الذي كانت فيه المسيحية ضعيفة و مضطهدة, ومن مظاهر الكراهية الافتراء البشع ضد المسيح, والتي آمن بها اليهود حتى القرن التاسع عشر, و ما زال العديدون و خاصة في إسرائيل يؤمنون بها, و بالتأكيد لعبت دورا في تشكيل الموقف المسيحي من اليهودية.

وفق ما ورد في التلمود فقد أعدم المسيح تنفيذا لحكم محكمة دينية سليمة بتهمة الوثنية وتحريض اليهود على عبادة الأوثان, وكل مصادر اليهودية الكلاسيكية التي تذكر إعدامه سعيدة تماما بتحمل مسؤولية ذلك, و اسم يسوع يمثل لليهود رمزا لكل ما هو رديء, و الأناجيل مكروهة و لا يسمح الاستشهاد بها, و ينظر اليهود للمسيحية باعتبارها ديانة وثنية, فكل الرموز المصورة تعتبر أوثانا حتى لدى اليهود الذين يعبدون اللفائف  والحجارة و كل أمتعة الرجال المقدسين.

 وموقف اليهودية تجاه الإسلام هو ألطف نسبيا, رغم أن نعت "محمد"التقليدي هو مجنون و على كل حال أخف من الألقاب الشنيعة التي تطلق على المسيح والقرآن ليس محكوما بالحرق كالإنجيل  ولكنه ليس مكرما كما تكرم الشريعة الإسلامية المخطوطات المسيحية المقدسة(التوراة و الإنجيل), و معظم المراجع الدينية توافق على أن الإسلام ليس وثنيا, و يصرح بن ميمون بأن الإسلام ليس دينا و ثنيا و يستشهد بكل احترام بالأعمال الفلسفية لعدد من فلاسفة المسلمين.

الفصل السادس

النتائج السياسية

يقول المؤلف كلما أصبحت إسرائيل أكثر يهودية تزايد تأثر سياستها بالاعتبارات الأيديولوجية اليهودية بدل المصالح التي يتصورها الإمبرياليون, وهذا التأثير الأيديولوجي لا يدركه الخبراء الأجانب عادة و يميلون إلى تجاهله, و التقليل من أثر الديانة اليهودية على سياسات إسرائيل, و العديد من أزمات الحكومة الإسرائيلية يعود إلى أسباب دينية تافهة أكثر مما يعود لأي سبب آخر, و المساحة التي تخصصها الصحافة لبحث الخلافات التي تنشب عادة بين المتدينين و العلمانيين أكبر المساحات التي تخصص لأي موضوع آخر, باستثناء أوقات الحر و التوتر الأمني,  و مبدأ استرداد الأرض يستتبع أن كل الأرض و ليس جزءا منها سيستعاد في الوقت المناسب, و العنصر المهم عند الأيديولوجية اليهودية هو فقد الأرواح اليهودية في الحرب, و يجعل قدسية الحياة من أهم الاعتبارات الأخرى لذلك يمكن لإسرائيل التنازل عن بعض الأراضي بشكل مؤقت خوفا من فقدان الأرواح.

و يقول المؤلف في الامتحان الحقيقي الذي يواجه إسرائيل و يهود الشتات هو امتحان النقد الذاتي, هو الذي يجب أن يشمل نقد الماضي  اليهودي, و الجزء الأكبر من هذا النقد يجب أن يكون مواجهة صريحة و مفصلة للمواقف اليهودية من غير اليهود, و يقول: خلال السنوات الأربعين الأخيرة كان عدد غير اليهود الذين قتلهم اليهود أكثر بكثير من عدد اليهود الذين قتلهم غير اليهود, و نطاق التحيز و الاضطهاد التي تمارسه الدولة اليهودية ضد غير اليهود بتأييد من يهود الشتات المنظمين اكبر بكثير من ظلم اليهود في الأنظمة المعادية لهم, و رغم النضال ضد اللاسامية وكل أشكال العنصرية الأخرى, يجب أن لا يتوقف النضال ضد الشوفينية و الانغلاق اليهوديين.