غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر هل بقي "لإسرائيل" أهدافاً لتحققها في غزة؟

بقلم: أ. محمد مشتهى

مما استرعى انتباهي لكتابة هذا المقال هو تكرار سماع ( ان "إسرائيل" في كل مرة تعتدي على غزة فيها لم تحقق أهدافها، فسألت نفسي سؤالا: ما هي أهداف "إسرائيل"؟ وما هي تصنيفاتها؟ وهل حققت أهدافها أم لا؟ لأنه وحده من يعرف أهداف "إسرائيل" هو المخوَّل بأن يحكم ما إذا حققتها أم لا!

إن زاوية أهداف العدو الإسرائيلي دوما تنطلق في أفعالها المرحلية لتحقيق هدف استراتيجي "ما"، وعندما يكتشف هذا العدو بأن إجراءاته المرحلية لم تعد تخدم ذاك الهدف الاستراتيجي، أو لربما تكون عائقا في تحقيقه فانه يعمد إلى التراجع عن تلك الإجراءات، واللافت هنا أن هذا العدو عند تراجعه أيضاً يحاول أن يخدم هدفه الاستراتيجي وكأنه شاخصاً أمام أعينه لا يفارقه ولا يبارحه، وهذا ما حدث مع اتفاقية أوسلو، فقد كان الهدف الاستراتيجي للعدو "إنهاء الانتفاضة وخلق بيئة حاضنة أوسع ومقبولة لكيانه المحتل في الأوساط العربية والإقليمية"، لكنه عندما شعر بأن هذه الاتفاقية أصبحت عبء عليه ولا تخدم أهدافه الإستراتيجية سرعان ما انسحب منها وجعل من انسحابه وتنصله منها ما يصب في مصلحة أهدافه الإستراتيجية، فلا جعل الفلسطينيون ينتفضون ولا يستفيدون شيئا من الاتفاقية، فهل هنا حقق العدو هدفا استراتيجيا أم لا؟!

عندما بدأ العدو الإسرائيلي يشعر بخطورة ما يشكله العديد من قيادة الشعب الفلسطيني السياسيين والعسكريين من الصف الأول وضع لنفسه هدفاً هو "التخلص من تلك القيادات المزعجة لكيانه الغاصب" وقد حقق هدفه، والأسماء الكبيرة من القيادات الفلسطينية السياسية والعسكرية والتي تعد بنكا فكريا استراتيجياً للشعب الفلسطيني، يتزاحم فكرها وصورها في وجداننا وعقولنا لدرجة أننا نتمنى وجود أمثالهم بيننا في تلك المحن، فهل حقق العدو هدفا استراتيجيا أم لا؟!

في الانتفاضة الثانية أيضا التي كانت من أقوى الضربات إيلاما له، فهي أصبحت بيئة خطرة عليه بعد تصاعد وتيرة المقاومة في غزة، فكان لابد للعدو الإسرائيلي من دفع ثمن مرحلي وهو "الانسحاب من غزة" لتحقيق هدفا استراتيجيا "ما" ، نعلم جميعا بأن العدو تألم كثيرا في غزة خلال الانتفاضة الثانية لذلك قرر الانسحاب لإنهاء الانتفاضة التي كانت قاسية على جميع مكوناته، فهي كانت معادلة غير منتظمة وعشوائية أربكت حساباته وأخرت من عجلة نموّه لسنوات طويلة، فهو لم يستطع احتواءها أو تحملها إلا بدفع ثمن "ما"، فانسحب من غزة ليبقيها رمزا أمام العالم ككيان مستقل يشار له عند الحاجة لاستحضار مقولة "بأن للفلسطينيين أرض وحكم ومعابر ومطار وسيادة" لكنها "غزة" على مدى الوقت تحت أعينه، فأبقاها تحت الحصار وتحت النيران علاوة على شيطنتها تارة باسم الإرهاب وتارة بالاقتصاد وتارة أخرى بتعزيز الانقسام والحفاظ عليه كهدف استراتيجي للكيان يحقق من مآربه المحلية والاقليمية، فهل حقق العدو هدفا استراتيجيا أم لا؟!

وبالأمس القريب كانت الضربات الجوية للعدو الإسرائيلي على غزة، فبعض المحللين والصحف ربطت تلك الضربات الجوية بالمركب الشراعي للمتضامنين لكسر الحصار وأن الاحتلال يغطي على هذا الحدث من خلال ضرب غزة، فهل من المعقول أن يضرب العدو غزة، والتي ممكن أن تتطور إلى حرب من أجل مركب للمتضامنين ومن أجل هدف بسيط  يستطيع أن يعالجه بكل سهولة باصطحاب المركب إلى ميناء بحري ثم يرسل المتضامنين إلى بلدانهم، فلماذا يضرب غزة اذا؟!

هنا نعود إلى الأهداف الإستراتيجية للعدو الإسرائيلي، وبما أننا لا نعرف إلا بعضا عن تلك الأهداف الإستراتيجية وهذا ربما يكون مبررا ، لكننا يمكن استنباط تلك الأهداف مستخدمين الوسائل العلمية وإشارات وقراءات الواقع ومستحضرين دروس الماضي، نجد بأن الاحتلال الإسرائيلي له هدف مرحلي ينبع بالتأكيد من هدف إستراتيجي بإبقاء حالة الردع قوية على غزة كما يريدها هو، ومن هذه الإجراءات التي يقوم بها هي تلك التصريحات المتكررة على لسان كبار قادته السياسيين والعسكريين مهددين غزة على الدوام في حال أطلق منها صاروخ واحد، فلو رجعنا إلى الوراء سنوات قليلة سنجد بأن هذا الكيان كان يتعرّض لإطلاق دفعات من الصواريخ ولا يرد عليها سوى بجملة من التصريحات أو ضربات محدودة هنا وهناك، ثم تطوّرت هذه الحالة تدريجياً لحالة أشبه بالرسم البياني العسكري، بمعنى أن هذا الاحتلال يعمل على تخفيف حدة إطلاق الصواريخ تدريجياً، وكأنه يريد أن يصل إلى تحقيق هدف وهو خط  معادلة جديدة كالتي تكون بين البلدان المجاورة لبعضها البعض، فأي إطلاق ولو لصاروخ واحد يمكن أن يكون بمثابة اعتداء على دولة مجاورة قد يرقى لدرجة حرب بين البلدين، وربما هو يريد ذلك بهدف التأكد من تأمين جبهة غزة نهائيا على الأقل في هذه المرحلة، وهنا أستشعر بأن هذا الكيان ينوي القيام بشيء "ما"، خاصة بعد سلسلة التدريبات المكثفة في الأشهر الماضية، لربما خوض حرب جديدة أو انشغالات إقليمية قادمة تحتاج إلى جهد ووقت ليس ببسيط، علاوة على تحقيق انجاز بضرب البنية التحتية للمقاومة، فما شهدناه من ضربات مكثفة ومن قنابل ارتجاجية تشير إلى محاولة واهتمام الاحتلال بضرب السلاح الاستراتيجي للمقاومة...المهم ما أريد قوله بأن قراءة واستشفاف الأهداف الإستراتيجية والمرحلية للعدو وربطها بتصرفاته على كافة الصُعد سواء سياسية أو اقتصادية أو إقليمية فهي تساعدنا على مواجهة تلك الأهداف وإفشالها وربما خلق أهداف طفيلية تستفيد من تصرفات العدو فينقلب السحر على الساحر....وحتى لا يفهم القارئ بأن الكاتب مفتون بذكاء العدو وأنه لا يمكن التغلب عليه، فهنا أسجل بأننا نثق كثيرا بمقاومتنا وما حققته وما ستحققه من انجازات عسكرية ومعنوية خلال السنوات الماضية والقادمة بإذن الله، ولكن تلك هي قراءة خاصة بأهداف العدو الإستراتيجية، وكما للعدو أهداف إستراتيجية يريد تحقيقها فان لشعبنا وأمتنا حقوق إستراتيجية...... نريد انتزاعها.

المقال يعبر عن رأي الكاتب

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".