شمس نيوز/خاص
منذ أن عُقد مؤتمر "عين السخنة" بمصر منتصف الشهر الحالي, تشهد العلاقة الفلسطينية المصرية، حالة من الارتباك والتوتر ناتجة عن عدة مجريات حدث منها بالسر وأخرى بالعلانية بين الطرفين، وربما كان اعتبار السلطة ما يحصل في المؤتمر تدخلا في الشؤون الداخلية الفلسطينية هو أبرز أسباب التوتر - كما قال الإعلام المصري- .
محللون سياسيون، اتفقوا في أحاديثهم لـ"شمس نيوز" على أن زيارة رئيس السلطة الفلسطينية الأخيرة إلى الدوحة وتركيا، وعقد مؤتمر "عين السخنة" خطوات عكرت صفو المزاج السياسي والإعلامي للطرفين، فيما رآها أخرون مجرد تهويل إعلامي لم يمثل الموقف الرسمي السياسي.
علاقات متوترة
المحلل السياسي خليل شاهين، يرى أن هناك توتر أو برود في العلاقة ما بين السلطة وعدد من العواصم العربية وعلى رأسها القاهرة، لافتاً إلى أن هذا التوتر بدأ بعد تحرك الرباعية العربية، بشأن المصالحات الفلسطينية سواء على مستوى حماس وفتح أو على مستوى عباس ودحلان.
وأوضح شاهين في حديثه لـ"شمس نيوز"، أن تدخل هذه الدول بعودة دحلان لحركة فتح، أثار غضب رئيس السلطة عباس، مضيفا: "مؤتمر عين السخنة فُسر من البعض أنه محاولة التفافية في استمرار التدخل بالشأن الفلسطيني ضمن البوابة "الدحلانية" مرة أخرى".
وشدد على، أن زيارة عباس الأخيرة لأنقرة والدوحة ستؤدي في نهاية المطاف إلى المزيد من البرود في العلاقات بين السلطة والقاهرة، مؤكداً أن هذه الزيارة استفزت الحكومة المصرية بشكل كبير جداً، حسب اعتقاد المحلل شاهين.
أما الكاتب والمحلل السياسي ثابت العمور، أكد أن هناك الكثير من المؤشرات الدالة على توتر العلاقة بين مصر والسلطة الفلسطينية، معتبرا في حديثه لـ "شمس نيوز"، أن استضافة القاهرة لمؤتمر "عين السخنة"، هو أحد مؤشرات التوتر، إلى جانب الحديث عن عقد مؤتمر لرجال الأعمال والتجار في غزة، دون مشاركة السلطة ، وإعادة فتح معبر رفح، وصيانته.
زيارة استفزازية
وتابع: ذهاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لأنقرة ثم إلى الدوحة، بهدف تحريك المياه الراكدة في موضوع المصالحة، وهو يعلم أن هناك توتر بين القاهرة وأنقرة وبين قطر، وبالتالي فالزيارة كانت زيارة "استفزازية" بالدرجة الأولى للقاهرة، أغضبت الجانب المصري والإعلام المقرب من الحكومة المصرية الذي هاجم عباس ووصفة "بالخرف السياسي".
وبين المحلل العمور، أن هناك تقارب مصري مع حماس و دحلان بشكل كبير جداً، وأن المشهد يؤكد أن عباس بات خارجه، فحماس تطالب بتحسين العلاقات مع مصر وتشيد بالدور المصري وبفتحها للمعبر.
أما عن لقاء الدوحة الأخير، قال: "وحتى وإن التقى الطرفان في الدوحة، فإن حماس تعلم بأن عباس يريد اللقاء بها، لا لإجراء مصالحة ولكن لقطع أي خيوط التقاء مع القيادي المفصول من فتح محمد دحلان".
وأشار إلى، أن كل المؤشرات تدل أن علينا الاستعداد لانتهاء مرحلة محمود عباس، لأسباب شخصية تتعلق بسنه أو بحالته الصحية، أو لأسباب موضوعية فكل التقديرات حتى داخل حركة فتح تقول بأن هناك استعدادات لما بعد عباس، والجميع مقتنع أن عباس لن يكمل عام 2017.
من جانبٍ أخر، قال الإعلامي المصري، أشرف أبو الهول، نائب رئيس صحيفة الأهرامات، إن رئيس السلطة محمود عباس يعبر عن سياسات خاصة في السلطة، له أن يحققها بأي طريقة كانت، ومصر لم تمنع السلطة التعامل مع أي دولة ولا تنتقد تعاملها، لأنها تعلم أن للشعب الفلسطيني ظروف خاصة ويجب أن يتعامل فيها مع الجميع".
شأن فلسطيني
وأضاف: "ليست هذه المرة الأولى التي يزور فيها عباس لقطر وتركيا ويتعامل فيها مع القطريين والأتراك وهذا شأن فلسطيني داخلي، وبالتالي هذا شيء عادي ويخص السلطة الفلسطينية وحدها ولن يؤثر تحت أي ظرف من الظروف على العلاقات المصرية مع السلطة".
ولفت إلى، أن القنوات المصرية التي شنت هجوماً على عباس مؤخراً لا تُعبر عن الموقف الرسمي، فهي وسائل إعلام خاصة يمتلكها رجال أعمال.
واعتبر الصحفي أبو الهول، أن الأزمة التي حاول الإعلام المصري أن يختلقها حول مؤتمر "عين السخنة"، لم تؤثر على الدولة المصرية بأي حال من الأحوال، مشدداً على حق مصر في الاستماع لأي طرف مهما كان.
وأشار في حديثه إلى، أن البيان الذي خرج عن ندوة "عين السخنة" أكدت على شرعية الرئيس محمود عباس، وأن الدولة المصرية دائما تحرص على ضرورة حدوث مصالحة فلسطينية على كافة المستويات".
وتابع: "السلطة الفلسطينية لم تهاجم بشكل مباشر ندوة عين السخنة، فقط قالت دحلان يرعاها وهذا غير حقيقي، لأن الذين شاركوا يمثلون أطياف أخرى منهم نشطاء وأستاذة جامعيين وممثلين فصائل وجامعات، وهذا لن يؤثر على الموقف المصري"، منوهاً إلى أن مصر ستواصل اتصالاتها بالأطراف الفلسطينية والجميع، ولكن دون أن يؤثر على علاقتها مع السلطة الفلسطينية وأبو مازن.
وكان السفير الفلسطيني في العاصمة المصرية (القاهرة)، جمال الشوبكي، نفى ما يتردد حول وجود خلافات بين الرئيسين الفلسطيني محمود عباس والمصري عبد الفتاح السيسي، مشدداً على أن العلاقات بين الجانبين جيدة ولا يشوبها أي توتر.
وقال الشوبكي، في تصريحات صحفية، إن هناك أطرافاً تسعى لتخريب العلاقات المصرية الفلسطينية، خاصة في ظل العلاقات الإستراتيجية القائمة بين الجانبين، منوهاً إلى أن مصر تمثل حاضنة للقضايا العربية بشكل عام وللقضية الفلسطينية بشكل خاص.
وأضاف الشوبكي: "الرئيس عباس ومنذ 30 يونيو بدأ يتحرك كوزير خارجية لمصر، ويضع الحدث المصري قبل الفلسطيني لأنه يدرك أهمية مصر، والتي تمثل مصلحة عربية، خاصة في ظل الارتباط الوثيق بين القضية الفلسطينية ومصر"، على حد تعبيره.
ونوه السفير الفلسطيني في مصر، إلى أن السلطات المصرية تؤكد مراراً على أنها لن تتعامل مع أي طرف فلسطيني خارج إطار الرئيس محمود عباس ومنظمة التحرير، متابعاً: "الإعلام يبحث عن الإثارة وليس بالضرورة أن يعبر عن الحقائق، كما أن مصر دولة تحمل هم القضية الفلسطينية"، وفق الشوبكي.