بقلم: أكرم عطالله
بترحيب روسي وصيني وتحفظ من أوروبا استقبل فوز ترامب المفاجئ برئاسة الولايات المتحدة ،أما العرب المغلوب على أمرهم دوما لم يجدوا غير الترحيب بغض النظر عن رغباتهم الشخصية بمرشحه المناسب، لكن الأهواء الأميركية لم تضبط نفسها على ساعة الرغبات العربية العاجزة التي كان لدى بعضها أمل كبيربانتخاب كلنتون ومنهم بعض الاسلاميين بالمنطقة .
اطلاقا لم يتوقع أحد فوز ترامب غير المتزن برئاسة أقوى دولة في العالم، وهذه المرة فشلت الاستطلاعات التي جعلت أنصار الديمقراطيين ينامون على حرير الفوز مطمئنين للنتائج فلا السياسيين ولا ولا أعتى المحللين وخبراء الانتخابات والمتخصصين بالشئون الأميركية، ربما كان الأمر بحاجة الى منجمين لاعطاء هذه النتيجة المفاجئة حقا .
ترامب الجاهل في السياسة الخبير بشئون النساء أصبح الرئيس الخامس والأربعون للولايات المتحدة الأميركية، قد وضع فوزه الجميع في حالة ارتباك ، ليس فقط السياسيين بل والمحللين ووسائل الاعلام التي أعدت كل مواد بثها لليوم الثاني بعد الانتخابات عن كلنتون والبحث في أرشيفها، معظم التحليلات ذهبت باتجاه سيناريوهات باهتة لأن لا أحد أعد نفسه لما حدث، وقد تحدث ترامب بتناقض عجيب أثناء حملته الانخابية لذا لم يأخذه أحد على محمل الجد . ا
لشيء الوحيد الذي يمكن الحسم به هو أن هذا الرئيس هو مرشح بنيامين نتنياهو واسرائيل التي كانت تعد السنوات والأشهر والأسابيع لانتهاء ولاية أوباما، وتضع كل جهودها لمنع فوز هيلاري كلنتون، فقد تلقى ترامب ماليا دعما هائلا من الملياردير اليهودي شلدون أدلسون الذي يعتبر الأب الروحي والمالي لبنيامين نتنياهو .
خصوم الولايات المتحدة الحقيقيين وبالذات روسيا والصين كانوا أكثر ارتياحا بفوز الجمهوري الأغر معتقدين أن فوزه سيقدم الولايات المتحدة بأقل من وزنها الدولي ويلعب دورا هاما في تراجع الدور الأميركي والاقتصاد الأميركي والحضور الأميركي على مستوى العالم لصالح هؤلاء الخصوم، ولكن الحقيقة أن الجمهوريين للمرة الثانية يقدمون رئيسا يبدو للوهلة الاولى انه مدعاة للسخرية، و لكن المؤسسات الامريكية كما أثبتت التجربة تشكل ضمانة كبيرة لعدم الانهيار و ان باتت الولايات المتحدة الامريكية تشهد في العقود الاخيرة تنامي لدور الرئيس.
و هنا لابد من ذكر قصة اختيار بوش الثاني كمرشح للحزب الجمهوري في مقال له تحت عنوان رئيس من تكساس نشره قبل أكثر من عقد الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل استعرض فيه أزمة الحزب الجمهوري نهاية تسعينات القرن الماضي في ايجاد مرشح مناسب لانتخابات عام 2000، فذكر ان قادة الحزب الجمهوري عقدوا اجتماعا في بيت جورج بوش الاب حضره كبار المسؤولين منهم بوش الاب و ديك تشيني و دونالد رامسفيلد و وولفوفتز للبحث عن خيار، وضعوا على الطاولة عدة اسماء من بين الحاضريين أولهم كان بوش الاب مقدريين أن الشعب الاميركي الذي أعطاه ولاية واحدة قد ندم و يمكن أن يعوضه بولاية أخرى فكان الرد أن من الصعب ترشيح رجل عجوز بعد رئيس شاب أثار شغف الامريكيين بقضاياه الجنسية مع مونيكي لونسكي ثم طرح اسم كولن باول "بطل حرب الخليج " فكان الرد ان الشعب الاميركي ليس مهيئا بعد لانتخاب رجل أسود ثم وضع اسم ديك تشيني فأجاب الحاضرون أن سمعة ابنته الشاذة لطموحات الحزب ...
عجز الاجتماع عن ايجاد خيار مناسب أثناء الاجتماع دخل بوش الابن كما يصفه المقال كان يرتدي سروال جينز و يطلق صفير فصرخ أحدهم لماذا لا نرشح دوبيا ؟ و دوبيا كان اسم السخرية من بوش الصغير و ما ان طرح الاسم حتى كاد الحضور يقعون على ظهورهم من شدة الضحك و يرددون باستخفاف دوبيا ؟ دوبيا ؟ و هم يواصلون الضحك و لكن دوبيا أصبح رئيسا للولايات المتحدة و بعد الفوز و قبل تسلمه الرئاسة كان نفسهم كبار المسؤوليين في الحزب يوزعون المناصب و عندما عرضتت القائمة على بوش الاب علق مازحا " لم تتركوا مكانا لابني " الذي أحاطه الحزب بكل الكبار اللذيم احتلوا المواقع في الادارات الاميركية بين 2000 الي 2008 بل و احتل العالم و خاضوا كل الحروب و قاتلوا خصومهم بشراسة أسقطوا نظم ووضعوا نظم، كان بوش مجرد الواجهة، ترامب الذي نجح في استثماراته العقارية لن تتركه المؤسسة الاميريكية وحيدا يتخبط في قرارته كدعايته الانتخابية انه أكث كفاءة من دوبيا و حضوره الشخصي أكبر بكثير من حضور بوش الابن سيكون لترامب تأثيره، التقديرأن هذا الحضور لن يشكل أزمة لاحد لان ترامب رفع طوال حملته الانتخابيه شعار أمريكا أولا، واضح أن سياسات الرجل ستركز على الداخل الاميريكي و حتى اللحظة يمكن الاعتقاد أن اميريكا ستشهد انكافأ داخلي في سياستها القادمة الا اذا كان ذلك تعبيرا عن جهل الرجل السياسي و انحسار معلوماته عن العالم و حين يتسلم الرئاسة ستوضع أمامه الملفات التى تضعه وسط عواصف العالم و الاقليم حينها يمكن ان يخرج و نرى سياسات جامحة سمعناها فى بعض حملته.
المقال يعبر عن رأي الكاتب