شمس نيوز/ وكالات
منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا، منتصف آذار/مارس 2011، أكثر ما جرى محاولة توثيقه، وعرضه على المنظمات الحقوقية، ومجلس الأمن الدولي، الانتهاكات التي كان يتعرض إليها المعتقلون، ذكورًا وإناثًا، علاوةً على إرسال أسماء المفقودين في أقبية الفرع المتعددة داخل المدن السورية.
الشاعر والمترجم جولان حاجي، يقدم في كتابه "إلى أن قامت الحرب، نساء في الثورة السورية"، (رياض الريس للكتب والنشر، بيروت 2016)، شهادات لنسوة اختبرن المعتقلات، وأقبية التعذيب، بعد اعتقالهن أثناء المظاهرات السلمية التي كانت تضرب أحياء ومدن سوريا كاملة، ليوثقن بأسمائهن المستعارة، فصلًا جديدًا من فصول التعذيب الممنهج، الذي كان يمارس ضد معارضي رئيس النظام السوري بشار الأسد.
يقول حاجي، معرفًا عن الكتاب: "عمل دؤوب، جامع، متعدد الأصوات، روته نساء سوريات شاركن في الثورة السورية، فشهدن جمال بداياتها الشعبية والمدنية، عبر تظاهرات وخطوات سلمية، ورأين مع الأمل الموت، لينهار أمامهن كل ما هو بشر وحجر، المنازل والأمكنة في مدنهن وبلداتهن التي انتفضت ضد السفاح بشّار الأسد".
ما يقدمه حاجي في كتابه التوثيقي، الذي أنجز بالاستناد لمقابلات أجرتها منظمة "استيقظت" مع نساء سوريات، سرد على لسان النسوة اللواتي كن معتقلات، وكيف اضطرت بعضهن إلى مغادرة سوريا قسرًا، في شهادات حية، قادمة من داخل بلاد مزقتها الحرب، لحماية نظام من الانهيار، حتى لو مات نصف الشعب.
في شهادة هيام، التي يتضمنها الكتاب، تتحدث عن تعاطي عائلتها، عندما علمت أنها معارضة للنظام السوري، كونها من قرية "علوية" مؤيدة للنظام، ليروي حاجي شهاداتها نقلًا على لسانها، التي تقول فيها: "انكشف الاسم المستعار الذي نوديت به هيام جميل. أنكرته أولًا، ثم عذّبت صديقتها أمامها، فما لبثت أن أقرّت بما أنكرته. بدد التوقيف مخاوفها إلى حين، فأخشى ما تخشاه قد وقع. من دون أن تتعرض للضرب، عنفت في التحقيق تعنيفًا مضاعفا، لأنها من قرية علوية في جبال الساحل. القرية نفسها تبرأت منها. أتاها التعنيف من كل حدب وصوب".
معظم النسوة اللواتي يبحن بشهادتهن، ويتحدثن عن حلقات التعذيب اللواتي كن شاهدات عليها، وعن الصرخات التي تصل إليهن من الغرف المجاورة، ووفاة الشبان تحت التعذيب، أو معاملة الأطباء للشبان النازفين بسبب التعذيب، والتحرش الجنسي الذي كن يتعرضن له من قبل عناصر الأمن، والتهديد اليومي بالاغتصاب، ما يجعل القارئ في حالة صدمة جديدة، لكنها لن تكون مثل الضربة الكيماوية التي تلقاها ريف دمشق قبل ثلاثة أعوام، أو حتى الفيديوهات القادمة يوميًا من فصول المقتلة السورية.
وينقل حاجي، مرة ثانية على لسان إحداهن، طرق التعذيب النفسي التي كن يتعرضن لها، وكان المحققون يقيدونها بطريقة تدل على مدى قسوتهم، وانتمائهم للنظام في سوريا، "سئلت صفاء في فرع الخطيب عن ابنها. (لا بد أنه مع الجيش الكر)، سخر المحقق، متوعدًا بأنهم سيجلبونه ويعذبونه أمامها. لم يعرف أحد بما تضمر من ألم. ابنها طالب طب أخّره عن التخرج اعتقاله مرتين، وقد أسبغ الأهالي لقب (دكتور) على أقرانه من طلبة الطب الذين عملوا في المستشفيات الميدانية في الغوطة".
أخيرًا في هذا الكتاب، شهادات جديدة، ربما لن تنفع حاليًا، في ظل هذا العجز الدولي، الذي لا يستطيع معاقبة النظام السوري، وأركان حكمه، لكن ما قدمه جولان حاجي، هو أنه سجل توثيقًا سرديًا، لشهادات مسجلة، ربما تجد فرصة للظهور، أو حتى إنصافها، في يوم من الأيام القادمة.
المصدر: مراجع أدبية الكترونية أردنية