شمس نيوز / عبدالله عبيد
ما زال المواطن أبو مصطفى زيد (50 عاماً) والذي يعيل 12 فردا من أسرته، يسكن في مركز الإيواء بمنطقة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، بعد أن قصفت طائرات الاحتلال الحربية بيته وأرضه خلال العدوان الإسرائيلي على غزة.
ويعيش مئات المتضررين والمشردين من جراء الحرب الإسرائيلية، بحسب مراكز حقوقية رسمية، حالة إنسانية واقتصادية صعبة للغاية، وخاصة بعد توقف الحرب منذ أكثر من ثلاثة أسابيع وحتى اللحظة لم يتلقوا أي دعم عاجل، بعد إخلاء منازلهم المهدمة والسكن في مراكز الإيواء المؤقتة التي لا تصلح للعيش.
يقول زيد لـ"شمس نيوز": قاعدين أنا وأولادي بننتظر رحمة ربنا، كل يوم بنسمع إنه مواد البناء دخلت بس عالفاضي ما بنشوف إشي، صارلنا أكثر من شهرين على هذا الحال، 13 شخص داخل غرفة واحدة"، لافتاً إلى أنه يعيل أيضاً أطفال ابنته التي استشهد زوجها في الحرب الثانية على غزة.
ولا يعلم الحاج الخمسيني آخر مشوار فصول معاناته، فمن قصف مأوى إلى تدمير أرض زراعية كانت مصدر رزقه الوحيد، ليضيف: كل شيء راح مني والحمدلله، بس أنا إللي بسأله للمسؤولين لمتى راح نضل هيك عايشين"، مطالباً السلطة الفلسطينية وقيادة حركة حماس بالإسراع في العمل على إدخال مواد البناء لإعادة إعمار البيوت المهدمة.
وتابع: أهل هذه البيوت بحاجة للعيشة الهادية وراحة البال، مش الشحططة من مكان لمكان ثاني".
كتب على أبناء قطاع غزة التهجير والتشريد فصولاً وأبواباً، فمع كل حرب من الحروب الثلاثة التي حرقت الأخضر واليابس، ثلاثة حروب لم يفصل بين الواحدة والأخرى عامان أو ثلاثة، لنشاهد ونسمع معاناة المواطن الغزي، تلك المعاناة التي لم تمر على أحد قط.
ننتظر الفرج
أم نبيل عودة ( 62 عاماً) من مخيم النصيرات وسط مدينة غزة، هُجرت من منزلها قسراً هي وابنتها خلود التي تجاوزت الـ 16 عاماً وابنها محمود 22عاماً، بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي لمسجد الشهداء، وعلى أثره تم تدمير منزلها، وأصبح غير صالح للسكن.
تقول أم نبيل لـ"شمس نيوز" :" بعد ما قصفوا المسجد دارنا تدمرت عالآخر ما بتنفع لأي عيشة، شردنا أنا والأولاد على المدرسة، بس بعد هيك المدارس بدهم يبدوا تدريس الطلاب، رحت سكنت في دار ابني الكبير "نبيل"، لحد ما يجي الفرج من عند ربنا".
وتضيف الحاجة الستينية : مش عارفة لمتى راح يضل وضعنا هيك مشردين من مدرسة لمدرسة ومن دار لدار، حتى إنه فقدنا الأمل في بناء دارنا، لأنه ما في مواد بناء ولا في أي شيء، والمسؤولين عنا بيتقاتلوا وبيغلطوا على بعض، وناسيين الشعب يموت".
وطالبت الحاجة عودة قيادتي حركتي حماس وفتح أن يكفان عن المناكفات السياسية فيما بينهم، وأن تنظر لحال الشعب الفلسطيني المدمر والمهجر "لأن هناك ناس مش عايشين العيشة الهادية"، وفق أم نبيل.
تراشق إعلامي
أما الشاب أحمد سعيد (33 عاماً) من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، فأعرب عن استيائه وتذمره لما يحدث بين قيادة الشعب الفلسطيني من تراشق إعلامي، وصفه بأنه " لا يقدم ولا يؤخر، ولا يفيد شعب غزة ولا إعمارها".
وأشار الكفارنة إلى أن منزله تعرض للقصف والحي الذي يقطن فيه أثناء اقتحام الجيش الإسرائيلي لبلدة بيت حانون، مضيفاً " لم يتبق أي شيء لي، والآن أسكن بالإيجار وحالنا كحال المشرد والمهاجر والمبعد".
وتابع: كنا على أمل بنجاح حكومة الوفاق، ولكن ما نسمعه من تصريحات لبعض وزرائها ومن تصريحات بعض قيادة حماس وفتح، ذهب هذا الأمل في مهب الريح"، مشدداً على أن الأمل يبقى في وجه الله تعالى فقط.
وتسود حالة من الغضب والغليان في الشارع الفلسطيني، وخاصة من"المتضررين والمشردين" بسبب الحرب الإسرائيلية، بعد فشل المسئولين حتى اللحظة بوضع خطة تنفيذ عملية وسريعة لإعادة إعمار القطاع، وتبادل الاتهامات حول الجهة المعطلة لتنفيذ مشاريع الإعمار.
غياب التوافق الفلسطيني
من جهته، أكد المحلل السياسي هاني حبيب غياب التوافق الفلسطيني الداخلي، أثر كثيراً على تأخير عملية إعمار قطاع غزة، مشيراً إلى أن حكومة التوافق الوطني الفلسطيني، لم تتمكن من أن تقوم بعملية إعادة الإعمار، وفقاً لاتفاق القاهرة الذي خولها بهذه المهمة.
وشدد حبيب خلال حديثه لـ"شمس نيوز" على أن التراشق الإعلامي المتبادل بين حماس وفتح يؤثر تأثيراً مباشراً على عملية المصالحة، مضيفا: ومن ثم هو سبب رئيس في تأخير عملية إعمار القطاع".
وقال: كما العادة، المواطن الفلسطيني دفع وما يزال يدفع فاتورة الاحترام الداخلي الفلسطيني، مقابل حالة الانقسام ومقابل عدم وجود إرادة حقيقية لإنهاء هذه الحالة".
وأضاف حبيب: أعتقد أن المواطن الفلسطيني مازال ضحية، وسيظل هو الضحية إذا لم يثور الرأي العام الفلسطيني، من أجل الضغط على كافة الأطراف لإزالة كافة العقبات أمام تمكين حكومة الوحدة من أن تدير قطاع غزة ومن ثم تدير إعادة الإعمار".
كما وطالب المحلل السياسي حركتي حماس وفتح بالتحلي بالمسئولية الوطنية تجاه شعبهم، وذلك لأن إعادة اعمار قطاع غزة مسؤولية وطنية فلسطينية, وفق حبيب.
ويحتاج إعمار قطاع غزة بعد الحرب التي شنتها إسرائيل في السابع من يوليو/تموز الماضي واستمرت 51 يوماً، إلى نحو 7.5 مليار دولار أمريكي، وفقاً لتصريح سابق للرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وتسببت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، بتدمير 9 آلاف منزل بشكل "كامل"، كما دمّرت 8 آلاف منزل بشكل "جزئي"، وفق إحصائيات أولية لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية. هذا ومن المقرر أن تستضيف مصر في الـ12 من الشهر المقبل، مؤتمر المانحين لإعادة إعمار القطاع.