شمس نيوز/ توفيق المصري
قال محللون سياسيون، إن إبلاغ السلطة في رام الله لـ "إسرائيل" عدم دفعها فاتورة كهرباء قطاع غزة، من أخطر ما يستجد على القضية الفلسطينية في ظل ما يحاك في المنطقة من مشروع تقسيمي لتشكيل نواة دولة غزة، قد تستثمر فيه "إسرائيل" ما أبلغتها به السلطة للشروع بتنفيذ مخططاتها.
وكانت السلطة الفلسطينية أبلغت "إسرائيل"، الخميس الماضي، امتناعها عن دفع فاتورة الكهرباء لقطاع غزة.
**حماس تحذر
حركة "حماس"، بدورها، حذرت الاحتلال الإسرائيلي من التعاطي مع قرارات السلطة الفلسطينية برام الله بشأن الامتناع عن دفع فاتورة كهرباء قطاع غزة.
وقال المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم لـ "شمس نيوز"، "إن قرار السلطة سيؤدي للانفجار في وجه كل من يشارك بالحصار المفروض على القطاع".
وأضاف، "القرار الذي اتخذته السلطة خطير ويعبر عن مدى اللامسؤولية الوطنية واللاأخلاقية التي تمارسها السلطة ضد سكان قطاع غزة"، مشيرًا إلى أن هذا السلوك سيزيد من تعقيد الأزمات في القطاع، وأنه يتقاطع مع هدف الاحتلال الإسرائيلي.
ودعا قاسم، السلطة للتراجع عن القرار والكف عن سياسة التحريض ضد قطاع غزة، كما دعا حكومة الوفاق للقيام بمهامها في قطاع غزة.
هل تساير "إسرائيل" السلطة الفلسطينية في إجراءاتها بحق غزة؟ يقول قاسم، "إن هذا تصرف خطير وله تداعيات خطيرة على الواقع الإنساني في القطاع وعلى المشروع الوطني، ويحقق الانفصال الحقيقي بين الضفة وقطاع غزة".
وشدد، أن حماس "لن تسمح بفصل غزة عن الضفة وعن مناطق فلسطين، وسنعمل بكل جهدها لإفشال السياسة الانتقامية للرئيس عباس".
**تعامل بمرونة
من جهة ثانية، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، أن قرار السلطة الأخير في ملف الكهرباء خطوة في اتجاه فك الارتباط مع القطاع وتشي بتخلي السلطة الفلسطينية عن مسؤولياتها تجاه غزة.
وقال المدهون لـ"شمس نيوز"، إن هذه الخطوة تضع المشروع الوطني في منطقة خطرة، وأنها تزيد الانقسام انقسامًا وتباعد ما بين السلطة وما بين قطاع غزة، وتزيد حالة الفراغ الذي تركته السلطة الفلسطينية في غزة.
وأوضح المحلل السياسي، أن خطوة السلطة ستدفع الإدارة الفلسطينية الموجودة "اضطراريا" في قطاع غزة لملء الفراغ.
وذهب المدهون إلى توقع السيناريوهات ما بعد حالة الفراغ التي سيتركها قرار السلطة، في أن تتعامل "إسرائيل" مع الإدارة الاضطرارية في قطاع غزة، أو مضاعفتها للأزمات، التي ستؤدي إلى خلق حالة من حالات الفوضى.
وقال: "الاحتلال الإسرائيلي يدرس ويفكر كيف يمكن ألا تصل حالة الأزمات المتراكمة لقطاع غزة، إلى مرحلة الانفجار".
وتابع، "موقف الاحتلال الإسرائيلي حتى اللحظة، لا يعدو عن محاولات لئلا تصل المرحلة لمرحلة الانفجار والصدام؛ لأن قطع الكهرباء ووقف مد قطاع غزة باحتياجاته الأساسية والرئيسية ولو بالحد الأدنى، سيؤدي إلى ردود فعل شعبية تلقائية وسيؤدي إلى حالة إرباك".
وتوقع المحلل السياسي، أن يطرأ إرباك في معادلة التهدئة والحرب مع الاحتلال الإسرائيلي وفي العلاقة ما بين السلطة وقطاع غزة، التي سيكون لها تداعيات، إما مواجهة كبيرة مع الاحتلال الإسرائيلي-وليس شرطًا أن تكون مواجهة عسكرية- قد تكون شعبية على نقاط الاحتكاك والخط الفاصل والدخول إلى منطقة الحاجز الفاصل، وقد تؤدي إلى مواجهة عسكرية، أو إيجاد بدائل عن السلطة في تعامل الاحتلال الإسرائيلي للتخفيف عن أهالي قطاع غزة".
وتوقع المدهون، أن الاحتلال سيلجأ للبديل الثاني حتى لا تصل إلى مرحلة تدفق السكان الفلسطينيين نحو "إيرز" والخط الشرقي-الفاصل-لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
وأضاف أن "إسرائيل" ستبدي مرونة كبيرة في التعامل مع المستجدات في قطاع غزة.
**فرصة تاريخية
ويتفق المختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر، مع سابقه المدهون في أن السلطة الفلسطينية أبلغت "إسرائيل" بعدم دفعها فاتورة كهرباء غزة؛ من أجل الضغط على حركة حماس لتسليم القطاع للسلطة.
وقال أبو عامر لـ"شمس نيوز"، "إن هذه السياسة- باعتقادي-قد تجدي نفعًا في عملية الضغط على حركة حماس، لا أن تقود حماس السلطة في قطاع غزة؛ فأوضاع غزة لا تخضع للعلاقة ما بين السلطة وما بين حماس لوحدهما، وهي موجودة في الإقليم والمحيط الاستراتيجي الإسرائيلي".
وأضاف أبو عامر، أن "إسرائيل" لن تسمح بحالة من الفوضى في منطقة تخضع لإدارتها الاستراتيجية، وتدرك تمامًا أن حالة تدهور الوضع في قطاع غزة سيؤدي إلى حالة عدم الاستقرار في إقليمها أو في فضائها الاستراتيجي الذي تهيمن عليه في منطقة الضفة الغربية وقطاع غزة، وأنها ستسعى للبحث عن خيارات وبدائل لمنع حدوث أي مواجهة تؤدي إلى تأجيج الوضع في القطاع.
وتابع المختص في الشأن الإسرائيلي، "إن من أخذ القرار باتجاه قطاع غزة لم يضع في حساباته ردة الفعل الإسرائيلية؛ فـ"إسرائيل" تسعى لتعزيز حالة الانقسام ما بين الضفة وغزة، وهذه فرصة تاريخية ونادرة، وربما تسعى إسرائيل لتطوير هذا الوضع ولإيجاد بدائل عن علاقة الضفة الغربية وقطاع غزة مع بعضهما".
وأوضح أبو عامر، أن قرار السلطة فتح البوابة لوجود بدائل محلية ودولية "ستضرب في عضد السلطة الفلسطينية نفسها".
وقال: "إن هم إسرائيل الأول الهيمنة والسيطرة، وهناك خطة إسرائيلية جاهزة من خلال إقامة سكة حديد لقطاع غزة وتوسيع معبر إيرز ليشمل بضائع، وهي مؤشرات على أن إسرائيل ماضية باتجاه تعزيز حالة الانقسام بين الضفة وغزة وتستغل هذا الحدث لهدف آخر وهو تعزيز الانقسام".