شمس نيوز/تمام محسن
كشف وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، عن نية دفينة لدى واشنطن لتشكيل حلف دفاعي إقليمي في الشرق الأوسط، على غرار حلف شمال الأطلسي" الناتو"، بدعوى مواجهة " داعش" وإيران وما وصفه بـ"التطرف الاسلامي".
ففي تصرف غير مسبوق، صرح ماتيس في زيارته، أخيرًا، لـ"إسرائيل" عن توجه أميركي لتشكيل تحالف عسكري سيشمل دولًا مثل مصر والأردن الموقعة مع "إسرائيل" معاهدتي سلام، بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المُتحدة واللتان لا تربطهما علاقات دبلوماسية بـ"إسرائيل".
وأوضح ماتيس، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره أفيغدور ليبرمان، أن "تحالفنا مع إسرائيل هو حجر الزاوية في هيكلية أمنية إقليمية واسعة جدًا، تضم التعاون مع مصر والأردن والسعودية وشركائنا في دول الخليج". وحدد هدف هذا الحلف بـ " تعزيز شراكتنا في هذه المنطقة، من أجل ردع وهزيمة التهديدات، وفي نهاية الأمر إخافة أعدائنا".
فيما لم تصدر أي تعليقات رسمية من الجانب الإسرائيلي حول تصريحات الوزير ماتيس.
اللحن الأمريكي
بالعودة إلى مطلع خمسينيات القرن الماضي، طرحت فكرة تشكيل حلف في الشرق الأوسط "الميدو" في عهد الرئيس الأمريكي هاري ترومان؛ لمواجهة المد الشيوعي، وتحمّس لها خلفه دوايت أيزنهاور، لكن الفكرة لم تلق اهتمامًا ذلك الحين عندما طرحت على مصر الملكية وبعد ذلك على الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
لكن ترامب الطامح لاحتواء المنطقة العربية، يعاود طرح فكرة أسلافه، في ظل ظروف يرى فيها محللون مواتية لإخراج هذا الحلف إلى النور.
ويرى محللون تحدثوا لـ"شمس نيوز"، أن الحلف يهدف في المحصلة إلى حرف الأنظار عن قضة فلسطين كأساس للصراع في الشرق الأوسط، في مقابل دمج "إسرائيل" في جغرافيا المنطقة.
وفي هذا السياق، يرى الخبير العسكري اللبناني العميد الركن أمين حطيط، أن الحلف يسعى إلى إدخال "إسرائيل" بشكل رسمي في منظومة أمنية إقليمية إلى جانب الدول العربية، تمهيدًا لـ"زرع إسرائيل" بالمنطقة باعتبارها "مكونًا عضويًا وليس جسم غريب".
ويرى حطيط، هدفًا آخر يتمثل في تحضير قوى عسكرية إقليمية تتمحور حول هدف رئيسي هو مواجهة محور المقاومة وقلب معادلة الصراع، بحيث تصبح المواجهة بدلا من "إسرائيل" إلى مواجهة بين محورين إقليميين، وبالتالي تحييد القضية الفلسطينية في الصراع.
ويقول في اتصال هاتفي مع "شمس نيوز"، إن تحالف الشرق يجسد "إعادة تنظيم القوى المتحالفة أو أدوات أمريكا في المنطقة بحيث يوفر على أمريكا مغبة القدوم بقواتها لمواجهة إيران".
إلى ذلك، قال عثمان عثمان أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية، إن الولايات المتحدة تسعى لـ "تربيط" دول المنطقة باتفاقات بحيث يتعذر معها خروج تلك الدول عن إرادتها.
ويضيف عثمان، أن "الهدف المعلن هو الوقوف ضد حركات الإسلام الراديكالي (الإرهاب الإسلامي)"، مستدركا أن الهدف الفعلي هو "خلط" إسرائيل بأحلاف عربية لتثبيت وجود الأولى، وتعزيز دور الولايات المتحدة كقائد لهذه التحالفات الجديدة ضد روسيا وإيران.
ويشير إلى، أن المستفيد بالدرجة الأولى من هذا التحالف هو "إسرائيل" إذ تعاني من أزمة شرعية وتحاول الانخراط في المنطقة وحماية وجودها.
لكنه يستدرك، أن دولًا عربية - تعاني من أزمة شرعية وعلى علاقة سيئة مع إيران- هي الأخرى قد تلبي طموحها –من خلالها المشاركة في الحلف بتثبيت وجودها.
من الناحية العسكرية، يشرح حطيط أن تشكيل تحالف شرق أوسطي، يرتكز بشكل أساسي على السلاح والقدرة العسكرية الإسرائيلية، في حين يقع على عاتق الدول العربية مسألة التمويل المالي فقط.
ويشير الخبير العسكري إلى جملة من التحديات من شأنها إعاقة تشكيل حلف "ميدو"، قائلًا "إن طرح هذا المشروع في الوقت الراهن غير مؤات ماليًا، خاصة أن الدول العربية المشاركة في الحروب المنطقة غير قادرة على تمويل هذه المنظومة بالشكل الذي يرتضيه الحال".
وفي سياق العمليات الميدانية، أكد حطيط أنه من الصعب الجمع بين قوى عسكرية متفاوتة الحجم والقدرة في ميدان واحد.
ويتابع: الجيش الإسرائيلي جيش حديث ويعتمد على الآلة المتطورة في حين أن الجيوش العربية لا تقارن وبالتالي يكون اللقاء يأخذ شكل التبعية وليس التحالف المتوازن".
لكن ما هو مدى واقعية تشكيل الحلف؟
يلفت عثمان إلى، أن إدارة ترامب تسعى في ظروف مختلفة كليًا عما كانت عليه في عهد ترومان، فالحاجة الأمريكية لحلف شرق أوسطي أقوى بكثير مما كانت عليه في السابق، فضلًا عن أن الظروف العربية مهيأة كليًا لإقامة علاقات مع "إسرائيل"، مضيفًا أن الطرح قد يلقى قبولًا في دول عربية كمصر ودول الخليج والأردن والسعودية.
ويستدرك بالقول، إنه قد يلقى رفضًا في العراق إذا ما أعلنه أنه موجه لمحاربة إيران، مؤكدًا أن القيادة العراقية لن تقبل باتخاذ موقفًا معاديًا من حليفتها إيران.
وهو ما يتفق حوله، الخبير العسكري حطيط، بالإشارة إلى أن الأنظمة العربية قد تواجه أزمة في تبرير انضمامها للحلف، موضحًا أن "الدول العربية ستجد نفسها كتفًا بكتف مع إسرائيل تدير ظهرها لفلسطين هذه الخطوة ليست بالأمر السهل فرغم توقيعات اتفاقات الصلح لم تستطع الأنظمة العربية الترويج لإسرائيل".