غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر رجال ينتقمون بـ"الزواج الجكر" وبيوت يهدمها الطلاق الصامت

شمس نيوز/ منى حجازي

لأسباب عديدة، قد يلجأ الكثيرون من الرجال للزواج الثاني، إما لتعويض ما ينقصه في زوجته الأولى، أو ما يعانيه من إهمال وانعدام لسبل الراحة، وغياب التفاهم بينهما، فكل هذه الأسباب يتفهمها المجتمع، ويجيز من خلالها الإسلام الزواج من امرأة أخرى شرط أن يكون عادلا بين الاثنتين .

لكن ماذا لو كان الهدف الحقيقي وراء الزواج الثاني للرجل هو الانتقام من الزوجة الأولى، نتيجة خلافات سابقة بينهما؟

الشابة الثلاثينية، حليمة حسن "اسم مستعار"، وجدت نفسها في -غمضة عين- بين الوقوع في مرارة الطلاق أم تظل رهينة الاستغلال من قبل الزوج.

تقول لـ "شمس نيوز"، عن بدايات القصة، "تقدم لي العديد من الخاطبين، وكنت دائما أرفض لأني أشعر أنهم يطمعون براتبي، رغم حلمي بالزواج وبناء أسرة صغيرة، بالنهاية تقدم أحد الموظفين ممن لديهم مرتبات مالية عالية، لكنه متزوج ولديه أطفال".

وتضيف، بتنهيدة، "قال إنه يعاني من مشكلات مع زوجته وصلت لحد المحاكم وإنه سيطلقها قبل زواجي منه، وأنه سيوفر لي بيت وحقوق وأن راتبي ملكي ولا دخل له فيه، وافقت وسارت الأمور بشكل جيد، وبعد الزواج بشهور تبدلت الأحوال، حينما قررت الزوجة الأولى العودة لبيتها وأولادها".

مجرد "جكر" !

تتابع: بدأ يتجاهلني ولا يسأل عني، وكلما طلبته عبر الهاتف يعنفني بحجة أنه مشغول، لا يزورني ولا يسأل عني ولا يوفر أدنى حقوقي، ولا أراه إلا في موعد الراتب، حيث اشترط بعد الزواج تسليم راتبي له كاملًا، وما زاد قهري أنني تمنيت أن يرزقني الله طفلاً لكنه رفض رفضًا قاطعًا رغم مرور أكثر من سنة على زواجي منه".

وتختتم حديثها حليمة وهي تعمل كمعلمة، "اكتشفت أن زواجي منه مجرد جكر في زوجته الأولى، حتى يرغمها على الرجوع إلى البيت والتنازل عن قضية الطلاق، وحينما عادت الأولى حليت بعيونه، وتحولت أنا إلى رهينة مزاجه ومصدر مالي له".

حليمة لم تكن الأولى ممن واجهن نفس المصير، ووقعن في فخ الزواج "الجكر"، فبعدما يحقق الزوج نواياه، تتحول الحياة بين الزوجين إلى "الطلاق الصامت"، هو نهاية غير رسمية للعلاقة الزوجية، فلا تواصل بين الزوجين ولا كلام.

"بتلخبط في اسمي"

واقع آخر، وجدته العشرينية إسلام، فتروي لـ"شمس نيوز": تقدم إليّ شاب متزوج ولديه طفلين، رفضت زوجته الرجوع إليه بعدما سجن في قضية تعاطي "الترمادول"، وبعدما تعهد لعائلته وعائلتي بالهداية وافقت عليه ، في البدايات حينما كنت أخرج معه أشعر كأن جل تفكيره في زوجته الأولى، حتى فترة طويلة من الخطوبة وهو بتلخبط في اسمي".

تضيف: "يذكرها كثيرًا وأحيانًا يبعث لها المسجات أمامي، تحملت وصبرت، وحين نجحت جهود الإصلاح في إقناع زوجته الأولى بالعودة للبيت مقابل تعهدات بعدم التعاطي والعلاج، بدأ يخرج الإشاعات ضدي إلى أن وصلتني ورقة الطلاق في نفس يوم رجوع زوجته الأولى، التي اشترطت أيضًا تطليقي منه".

وتتابع: وجدت نفسي في يوم وليلة "مطلقة" ولم يمض على ارتباطي به سوى شهور قليلة فقط، دون أن يراعوا مشاعري وحقوقي كإنسانة لا ذنب لها، لا أجد ما أقوله إلا "حسبي الله ونعم الوكيل".

كسر شوكة

من طرف آخر، وبعد محاولات "بحثية" مضنية، نظرًا لرفض أغلبهم الحديث معنا، التقت "شمس نيوز"، ببعض الأزواج ممن وجدوا في خلافاتهم الزوجية، الزواج بأخرى حل جيد.

في البداية، يروي لنا أبو سميح خالد (اسم مستعار)، قصته مع زوجته التي يعترف بأنه يحبها، لكن تماديها في فرض الأوامر، إلى جانب أنها كثيرة التشاجر مع "سلفاتها"، مقابل إهمالها للبيت، وتحديها المستمر له بقولها إنه "لا يستطيع الاستغناء عنها مهما كان"، إلى جانب تحدي زملائه له في كل جلسة تجمعهم أنه "لا يستطيع الزواج خوفا من زوجته وأهلها"، فما كان منه إلا أن سارع بالبحث على زوجة ثانية ليثبت لزملائه أنه "رجل" يستطيع الزواج مثنى وثلاثاً ورباعاً، و"ليقهر" زوجته.

أما عبدالله أحمد، فقد لجأ للزواج الثاني بعد ثلاث سنوات من زواجه الأول، وقال: تزوجت بسبب مشاكلي "غير المنتهية" مع زوجتي، وبسبب عجرفتها، فكنت لـ"كسر شوكتها" حتى أستطيع العيش في حياة زوجية هانئة وهذا ما حصل، فبعد زواجي الثاني تقلصت المشاكل بيني وبينها، وأحسست أني استطعت اختيار الحل الأفضل، بالفعل لا يكسر شوكة المرأة إلا المرأة"

غير سوي

من جانبه، قال أستاذ علم الاجتماع في جامعة النجاح، أسامة القواسمي: كان الناس في السابق ينصحون بالزواج الثاني بحجة أنه يحل مشاكل الرجل، ولكن الأصل في الزواج الاستطاعة وليس انتقام الرجل من المرأة بأخرى، حيث قد يهمل الرجل الزوجة الأولى وينصرف تماما للثانية أو يعود للأولى ويطلق الثانية، وهذا ليس الحكمة من التعدد ولكن الحكمة هي القدرة على العدل والمساواة.

وأضاف القواسمي، لـ "شمس نيوز": يجب على كل زوج أن يعرف أن القوامة هي القدرة على تحمل المسئولية ومواجهة المشاكل وليس الهروب منها وتخطيها للوقوع بأكبر منها، مشيراً إلى أن الرجل الذي يهرب من مشاكله من زوجته الأولى، ويعالجها بانتقامه بالزواج الثاني يعاني من الضعف والخذلان ويعتبر سلوكه غير سوي وشخصيته ضعيفة وغير قيادية ولا تستحق القوامة.

وعن العواقب النفسية، أوضح أستاذ علم النفس، درداح الشاعر، أن هذا الأسلوب الذي يعتبره البعض عقاباً أو انتقاماً كان تحل به المشاكل في السابق من قبل أجدادنا، حيث لم يكن هناك بعض المقومات الحياتية للحياة الزوجية كالتي نعيشها اليوم من ناحية المهور ورفاهية العيش والتسوق وقضاء الإجازات والكماليات المتعدد، ولكن معالجة المشاكل بهذا الأسلوب في زمننا لا تجلب سوى مشاكل أخرى، ومنها مشاكل نفسية عديدة للزوجين .

وأشار إلى، أن الرجل الذي ينتهج هذا الأسلوب يوقع نفسه في دوامة ومشاكل متزايدة، وقال: لأن الزواج المتعدد شرع للتكافل الاجتماعي وليس للعقاب والانتقام، والقرآن الكريم -وفي سورة النساء- وجد الحل لأي مشكلة تواجه الزوجين ومن أهمها الحوار، وهذا أصبح من أولويات اهتمام الجمعيات التي تهتم بحماية الأسرة والدورات المكثفة، ثم إذا لم يفد الحوار فيكون الهجر، وهو أسلوب يعالج به حتى في النظريات بالعلاج النفسي، ومن ثم إدخال حكم بينهما.

إلى الظلم

عن الرأي الديني، قال رئيس دائرة الإفتاء، في الجامعة الإسلامية، ماهر السوسي: إن الانتقام من الزوجة عن طريق الزواج من أخرى يعدّ بعض أنواع العنف وفيه ظلم للزوجة الأولى  والثانية، سواء لدفع الاولى عن التنازل عن حقوقها المشروعة، هذا يعني أن ارغامها عن التنازل عنها هو أمر غير مشروع، وفيه اعتداء على شرع الله، من ناحية أخرى وفيه أكل لمال الناس بالباطل وهذا نوع من أنواع الظلم أيضًا.

وأضاف الدكتور السوسي، لـ "شمس نيوز": "وعرفنا أن الله سبحانه وتعالى قد حرم الظلم من فوق سبع سماوات، كما قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي "إني حرمت الظلم على نفسي وإني جعلته بينكم محرماً "، وهذا يبين أن الظلم الذي يفعله هذا الانسان إنما هو ارتكب فعلاً ما حرمه الله تعالى".

و أوضح أن الزواج الثاني في هذه الحالة هو زواج حرام لأنه وسيلة إلى الظلم وفي الاسلام قاعدة تقول أن الوسائل تأخذ حكم المقاصد، بمعنى أنه إذا خصصت لظلم الناس فلا يجوز ذلك لأنه أي وسيلة تستدعينها تكون محرمة، فأي وسيلة تتبعينها تكون محرمة لأن ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام، لذلك فان هذا الزواج الثاني حرام ولا يجوز لهذا الرجل أن يفعل هذا الأمر.