غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خبر "إسرائيل" والإستباق السياسي للمفاوضات

بقلم/ ناجي صادق شراب

المفاوضات القادمة لن تكون مفاوضات من أجل المفاوضات، والتلاعب بالوقت ، أو أن يتم منح إسرائيل وضعا سياسيا مريحا للاستمرار في سياسات الاستيطان، ومصادرة الأراضي الفلسطينية ، ودفن حل الدولتين بشكل نهائي. المفاوضات القادمة وتدرك إسرائيل ماذا تعني ؟ تقديم الثمن السياسي، أو بلغة التفاوض تقديم التنازلات. 

وهنا وقبل الخوض في السيناريوهات المتوقعة التي يمكن أن تلجأ إليها إسرائيل لإحباط أو احتواء المفاوضات القادمة ،أن نشير إلى ماهية التنازلات أو الثمن السياسي الذي ينبغي ان تقدمه إسرائيل؟ قد يرى البعض أن التنازلات تقابل المطالب الفلسطينية، وهذا نظريا صحيح، ولكن في النهاية المفاوضات لا يمكن ان تصل لحد التنازلات المطلقة لأنها تعني نفي الآخر. فهذا مستبعد. التنازلات حلول وسط لقضايا لها الأولوية أو بعبارة اخرى بدونها لا يمكن الحل التفاوضي والتسوية السياسية. وأول هذه المطالب التي لا بديل عنها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية التي تشكل نواة الدولة الفلسطينية. وثانيا الاعتراف الصريح بالدولة الفلسطينية ، والاعتراف بالدولة اعتراف بعناصرها الثلاث الإقليم والشعب والسيادة، ماذا تعني الاستجابة لهذين المطلبين؟.

إنهاء الاحتلال يعني أن إسرائيل تعترف انها دولة احتلال، وهذا يترتب عليه عدم شرعية كل ما قامت به على الأراضي الفلسطينية، وثانيا يعني إطلاق سراح جميع ألأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أيا كانت انتماءاتهم, وثالثا المطالبة بالتعويض عن كل سياسات الاحتلال. واما الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو اعتراف بالحقوق القومية للشعب الفلسطيني على أرضه، كون الدولة تعبير قومي او تجسيد لطموحات قومية. 

وأيضا اعتراف بان هذه الدولة لها حقوق سيادية على أرضها وخصوصا ما يتعلق بالسيادة على الموارد الطبيعة. ويعني الاعتراف أيضا الإقرار بمبدأ المواطنة المتساوية وبالشراكة السيادية والشراكة في الحقوق. سأكتفي بهدين المطلبين واتساءل ثانية هل إسرائيل على استعداد لتقديم تنازل في هذين المطلبين، وبدونهما لا يمكن الوصول إلى تسوية تفاوضية ، ولا يوجد رئيس أو قيادة فلسطينية يمكن أن تقبل بأقل من ذلك.

لا يبدو في ضوء التركيبة الحكومية الحالية، وفي ضوء الخطاب السياسي والأيدولوجية السائد، وفي ضوء ما صدر أخيرا من الكنيست من قانون الدولة اليهودية أن إسرائيل يمكن ان تقدم تنازلات جوهرية في هذين الملفين الرئيسيين، وأنها قد تعود لسياساتها وخياراتها السابقة لاحتواء اي مفاوضات تنوي إدارة الرئيس ترامب البدء بها بعد زياراته للمنطقة وتعهده بإنهاء الصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي في صفقة القرن كما أشار.

وبداية التحول الجديد الذي سيحدد خيارات إسرائيل للتعامل مع مفاوضات تحمل تنازلات هو وصول الرئيس ترامب للرئاسة وتأكيده على عمق علاقاته وصداقته بإسرائيل، وتشكيل فريق عمل قوي مؤيد لإسرائيل، وهو ما سيدفع إسرائيل لتجنب الصدام بشخصية الرئيس ترامب ، وخصوصا بعد قراره تأجيل نقل السفارة ألأمريكية من تل أبيب إلى القدس مما يشكل بداية التوتر في العلاقة بينهما، لكن إسرائيل قد تلجأ لخيار احتواء الآثار السلبية لهذا القرار، او على أقل تقدير توظيفه بما يخدم خياراتها وأبرز هذه الخيارات رفع سقف المطالب من الفلسطينيين، كالاعتراف الصريح بيهودية إسرائيل كدولة ، وانها دولة للشعب اليهودي ، وهذا يتواكب مع مواقف الرئيس ترامب، والمطالبة بمزيد من الضغط ألأمريكي للتسريع بتحرك السلام الإقليمي مع الدول العربية.

ومن هذه المطالب التأكيد على ان القدس العاصمة الأبدية والموحدة لإسرائيل، ومطالبة الولايات المتحدة الاعتراف بذلك على غرار اعتراف روسيا. ومطالبة الفلسطينيين بوقف كل سياسات التحريض، ووقف دفع الرواتب للأسرى وأسرر الشهداء. وفي السياق ذاته التأكيد على أن السلطة الفلسطينية لا تملك الشرعية اللازمة للتفاوض. ومن الخيارات الإسرائيلية ممارسة لعبة السياسة الداخلية ألأمريكية، بتفعيل دور الكونجرس، وهو من أكثر المؤسسات السياسية ألأمريكية انحيازا لإسرائيل للضغط على الرئيس، وتفعيل دور اللوبي الصهيوني، والاستفادة من فريق العمل الذي يعمل مع الرئيس ترامب كالسفير ألأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان، وصهر الرئيس ترامب، كوشنير للتأثير على القرار الذى قد يتخذه الرئيس الأمريكي من خلال المعلومة التي تؤيد وجهة نظر إسرائيل، وفي سياق هذا الخيار استغلال كل المشاكل التي تواجه الرئيس ترامب كملف التجسس الروسي ، ونقل معلومات استخباراته.

والخيار الثالث الذي قد تلجأ اليه إسرائيل استباقا لمفاوضات ترى أنها تلزمها بتقديم تنازلات اللجوء للانتخابات المبكرة بذريعة ان الحكومة اليمينية القائمة لا تقبل ايا من المطالب الفلسطينية ، ومن شأن هذا الخيار تعويم وتمييع العملية التفاوضية وتأجيلها انتظارا لانتخابات قد تفرز نفس الحكومة ، وقد يكون من بين هذه الخيارات التي قد تذهب لها إسرائيل تجديد خيار الحرب على غزة، والاستفادة من توصيف الرئيس ترامب لحركة حماس بالإرهاب، وتوظيف هذه الورقة للضغط على السلطة وعلى الولايات المتحدة ان ملف الإرهاب له الأولوية .

وهي بهذا قد تحول الانتباه من المفاوضات إلى الأوضاع الفلسطينية الداخلية بالتأكيد ان السلطة ليست شريكا حقيقيا وجادا لصنع السلام في هذه المرحلة، خيار فرض الشروط والمطالب العالية على السلطة قد يكون اكثر الخيارات احتمالا مما يدفع إما لتفكيك السلطة وإما لخلق مقاومة داخلية للسلطة ، وكلها في النهاية الهدف منها إثبات ان السلطة لن تقدر على المفاوضات ومن ثم لماذا تذهب إسرائيل للتفاوض.

هذه بعض الخيارات الإسرائيلية لاستباقية لأي مفاوضات قادمة. ويبقى السؤال كيف ستتعامل السلطة والإدارة ألأمريكية مع هذه الخيارات؟هل بمزيد من الضغط على الفلسطينيين،وهذا هو المتوقع، أو بتقديم حزمة إغراءات إقليمية وأمريكية ؟.


المقال يعبر عن رأي كاتبه

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".