شمس نيوز/تمام محسن
كسياسي انتهازي، يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، النجاة بنفسه من التحقيقات بشأن شبهات الفساد في قضية الغواصات الألمانية، والتي تورط فيها مقربون منه.
في خطوة رعناء غير محسوبة العواقب، أمر نتنياهو بإقامة بوابات الكترونية في مداخل المسجد الأقصى المبارك في 14 يوليو/تموز، متغافلًا تحذيرات جهاز الأمن العام (الشاباك) والجيش الإسرائيلي بأن وضع هذه البوابات من شأنه أن يؤجج غضب الفلسطينيين، ويضع المدينة المقدسة على حافة حرب حقيقة.
ويأتي قرار رئيس حكومة الاحتلال، في أوج التحقيقات بشأن قضية الغواصات المعروفة إعلاميًا بـ "القضية 3000"، والتي قد تطاله شخصيًا وتهدد مستقبله السياسي على أبعد تقدير.
وكانت اعتقلت الشرطة الإسرائيلية، في الأسابيع الماضية، شخصيات مقربة من نتنياهو للاشتباه بتورطها في القضية، في حين أكد مصدر مطلع على سير التحقيق، أن الشرطة ستستدعي رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، للإدلاء بإفادة في القضية.
ويرى محللون مهتمون بالشأن الإسرائيلي، أن نتنياهو يحاول حرف أنظار الرأي العام الإسرائيلي بعيدًا عن التحقيقات الجارية بشأن قضية "الغواصات"، نحو القدس والأوضاع الأمنية الملتهبة في الأراضي المحتلة.
وتشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة، منذ أيام، توترات شديدة في أعقاب تركيب البوابات الالكترونية ما أدى إلى اندلاع مواجهات عنيفة في كافة الأراضي الفلسطينية، أسفرت عن استشهاد أربعة فلسطينيين وإصابة أكثر من 390 آخرين، يومي الجمعة والسبت، ومقتل ثلاثة مستوطنين في مستوطنة "حلميش" بعملية طعن، مساء الجمعة.
وانهالت على نتنياهو مطالبات دولية بإزالة البوابات الإلكترونية؛ تفاديًا لاشتعال الموقف أكثر، لكن قررت حكومته الأمنية الإبقاء عليها. وفضّل نتنياهو أن "يعتلي الشجرة" في التعامل مع أزمة البوابات. لكنه لا يعرف كيفية النزول إلى الآن.
وفي أعقاب ذلك، وعلى نحو مفاجئ، قرر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الجمعة الماضية، وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، وذلك للمرة الأولى منذ أكثر من 10 سنوات، بقراره ذاك يضع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في مهب الأجواء الساخنة بالضفة والقدس.
في السياق، فسّر أحمد عوض، المحلل المختص بالشأن الإسرائيلي، ما يجري في القدس، بعدة أسباب، كمحاولة لصرف الأنظار عن قضايا الفساد المتورط فيها نتنياهو بينها القضية 3000، بالإضافة إلى تسويق شخصيته للغرب كمحارب لـ"الإرهاب الإسلامي"، وحرق عملية التسوية.
ويلفت عوض، إلى أن ما يحدث من توترات في القدس والضفة، يخدم نتنياهو على نحو ما، إذ يقلل التركيز على قضية الغواصات ويعطل عملية "التسوية" ويحرج الإدارة الأمريكية ويمنعها من التدخل.
وتسير التحقيقات، فيما يتعلق بالغواصات بوتيرة متسارعة، وتقترب من نتنياهو شخصيًا، وتوقع عوض أن تقدم لائحة اتهام ضد نتنياهو إذا ما تدهورت الأوضاع الأمنية في القدس والأراضي المحتلة على نحو الأسوأ.
إلى ذلك يتفق الكاتب حسين حجازي، ويقول إن نتنياهو اختار كسياسي انتهازي من بين جميع الحسابات مصلحته الشخصية والأنانية المجردة، بالهروب من التحقيقات حول الفضائح والفساد الذي يلاحقه بديلاً عن حسابات مصلحة دولة الاحتلال.
ويضيف، أن هذه المعركة خاسرة سلفًا، ولن يفلت منها نتنياهو منتصرًا أو سالمًا على أية حال. ويستدرك قائلًا " لكن الحسابات الضيقة والمباشرة أي الهروب بأي ثمن هي ما سولت له نفسه. حتى وإن أدى هذا القرار إلى عدم التراجع عما يشبه الانتحار السياسي بتحطيم كل محاولاته الأخيرة".
فيما يخالف المحلل السياسي، عمر جعارة، سابقيه وينفي أي صلة بين ما يجري من تحقيقات في قضايا الفساد وأزمة "البوابات".
ويوضح ذلك بالقول، أن التحقيقات انفجرت منذ مدة طويلة، بدءًا من الملف 1000 وصولًا إلى ملف الغواصات، وإلى الآن استطاع نتنياهو النجاة بنفسه من التحقيقات ولم يحقق معه سوى في الملف "الهدايا". لكنه يستدرك أن هناك خطورة على نتنياهو.
وقعنا في الفخ**
إسرائيليًا، استدعى تهور نتنياهو لوم المعارضة الإسرائيلية، والمحللين الإخباريين في الصحف ووسائل الإعلام العبرية.
وقال زعيم "يش عتيد" المعارض يئير لبيد، إن قرار نصب البوابات "لم يتم بعد دراسة صحيحة، ولم ينجم عن مبررات عملانية حقيقية".
وأضاف، أن نتنياهو وحكومته "يرتجلان بين الفترة والأخرى قرارات وقوانين عشوائية من هذا القبيل".
وكتب المعلق العسكري في "يديعوت أحرونوت" أليكس فيشمان، أن إسرائيل "وقعت في الفخ" بعد عملية الأسبوع الماضي، وأنها "تسلقت الشجرة بقرار متهور، والآن هي في حاجة إلى قائد شجاع لينزلها عنها بأخف قدر من الأضرار، على أن تكون الخطوة المقبلة السريعة إزالة البوابات الإلكترونية".
وأشار إلى، خروج الأمور عن السيطرة، موضحًا أن المشكلة لم تعد محصورة بين إسرائيل وبين الفلسطينيين أو النواب العرب في الكنيست، إنما مع "كل العالم العربي والسني الذي تجند ضدنا وليس فقط على مستوى القيادات".
فيما رأى المعلق العسكري في "هآرتس" عاموس هارئيل، أن وزير الأمن الداخلي يغآل أردان الذي قرر بمفرده نصب البوابات الالكترونية إنما "حشر رئيس حكومته في الزاوية، والأخير يتصعب الخروج منها طالما بقي عالقاً بعناق الدب مع زعيم المستوطنين الوزير (نفتالي) بينيت".