كتب المحلل الاسرائيلي "يوني بن مناحيم" : -
الاستعدادات في قطاع غزة لوصول سمير المشهراوي، اليد اليمنى لمحمد دحلان في ذروتها.
يتوقع أن يصل المشهراوي للقطاع قادما من مصر خلال بضعة أيام، بعد غياب إجباري لأكثر من 10 سنوات، وسيتم تنظيم استقبال حافل له بمشاركة الآلاف من ناشطي حركة فتح وموافقة حركة حماس.
تشير عودة المشهراوي للقطاع إلى بدء التطبيق العملي للتفاهمات بين حماس ومحمد دحلان التي أنجزت مؤخرا في القاهرة برعاية مصر، وسط استياء كبير من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
الخطوة القادمة ستكون على ما يبدو عودة محمد دحلان لقطاع غزة، وفقا للاتفاقات مع حماس، يفترض أن يكون دحلان بمثابة وزير خارجية القطاع، وحاشد الأموال لتطويره اقتصاديا وحلقة الوصل مع إسرائيل فيما يتعلق بمسائل الحياة اليومية.
يحتمل أن تتزامن عودة دحلان مع فتح معبر رفح بشكل دائم لعبور الأفراد والبضائع بمناسبة عيد الأضحى، ما يرمز بشكل عملي لبدء التخفيف في الحصار المفروض على القطاع منذ 2007.
يذكر أن حركة حماس كانت سيطرت بالقوة على القطاع بعد فوزها في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية في 2006 وطردت منه دوائر الحكم التابعة للسلطة الفلسطينية.
ولدى دحلان حساسية مع قطر التي تعد الداعم الرئيس في العالم العربي لجماعة "الإخوان المسلمين"، مع ذلك فإن حماس الحركة الابنة لـ"الإخوان المسلمين"، أظهرت نهجا براجماتيا للغاية وتصالحت مع دحلان لاعتبارات خاصة بالمصالح.
دحلان هو المندوب غير الرسمي والمدلل لدى مصر والإمارات العربية المتحدة والمرشح من قبلهما لمنصب الرئيس القادم للسلطة الفلسطينية.
كذلك يحظى دحلان بدعم كبير من قبل حركة فتح بقطاع غزة، وُلد في مخيم خان يونس للاجئين ويعرف منذ الطفولة يحيي السنوار، الزعيم الجديد لحماس بالقطاع ومحمد ضيف، القائد العسكري الأعلى للجناح العسكري "عز الدين القسام".
تمنح الصفقة الثلاثية الجديدة بين حماس ودحلان ومصر الحركة دفعة كبيرة، إذ يفترض أن تخفف بشكل كبير الحصار على القطاع، وتحل أزمة الكهرباء وتقود القطاع نحو تنمية اقتصادية، من خلال الأموال التي سيحشدها دحلان من الإمارات ودول الخليج والمجتمع الدولي.
حصلت حماس على مقابل فوري بإخراجها من قائمة الإرهاب ل الخاصة بـ"الرباعية العربية" (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) التي نشرت الشهر الماضي، بعد اندلاع الأزمة مع قطر.
وبدأت مصر أيضا في ضخ السولار من خلال معبر رفح داخل القطاع لتشغيل محطة الكهرباء في غزة. اضطرت حماس للتكيف مع مصر في أعقاب أزمة قطر مع "الرباعية العربية"، وإعلانها من قبل الرئيس ترامب في مؤتمر الرياض كـ"تنظيم إرهابي".
الحيلة الجديدة لقيادة حماس فشلت، على مدى بضعة شهور حرص مسئولو الحركة على إعداد وثيقة سياسية جديدة، هي بمثابة "عملية تجميل" لميثاق حماس المعادي للسامية عام 1988، لكن الأمر لم ينطل على إدارة ترامب والاتحاد الأوروبي حتى الآن.
اضطرت حماس للتخندق مع مصر ودحلان انطلاقا من إداركها أن دور قطر في غزة على وشك الانتهاء وأن الإمارات ستحتل مكانها في مجال المساعدات الاقتصادية.
تعهد دحلان ليحيي السنوار خلال محادثات القاهرة بالحصول على مساعدات كبيرة من دولة الإمارات لإقامة محطة جديدة لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية ومستشفى بالقطاع. كذلك ترسخ العقوبات التي فرضها محمود عباس على قطاع غزة حافز حماس للتقارب أكثر من خصمه اللدود دحلان وتوطيد التعاون مع مصر التي ترتبطها علاقات باردة مع رئيس السلطة الفلسطينية على خلفية معارضته لدحلان.
بدأت حماس العمل على إقامة منطقة عازلة على حدود القطاع مع مصر والتعاون الاستخباري والعملياتي مع المخابرات المصرية ضد داعش بسيناء.
هذه الخطوات تعزز القوة السياسية لمحمد دحلان، فتفاهماته مع حماس برعاية مصر ترسخ مكانته بقطاع غزة، وتعيده للساحة الفلسطينية كلاعب مهم وتفتح أمامه بابا مستقبليا للضفة الغربية.
علينا أن نذكر أن لدى دحلان اليوم قوة وجماعات مسلحة موالية له في معظم مخيمات اللاجئين بالضفة.
بالنسبة لدحلان، فإن قطاع غزة ليس سوى "منصة وثب" تجاه الهدف الجوهري المتمثل في السيطرة على المقاطعة في رام الله بدعم سياسي من صديقه المقرب مروان البرغوثي المسجون في إسرائيل.
بحسب مصادر داخل فتح، توصل دحلان لتفاهم مع السنوار بإدراج اسم البرغوثي في قائمة المطالب التي ستقدم لإسرائيل استعدادا لصفقة تبادل أسرى جديدة، مقابل الأسرى والمختفين الإسرائيليين الأربعة لدى حماس.
تنفيذ التفاهمات بين دحلان وحماس سيعزز نفوذ مصر والإمارات بالقطاع ويقطع أرجل قطر منه. حماس في ظل هذه الظروف مضطرة لذلك رغم علاقاتها الوطيدة مع قطر.
على المدى القصير، ستعمل هذه التفافهمات بين دحلان وحماس على استقرار الحالة الأمنية بالقطاع، وستكون العلاقة المتطورة بين حماس ومصر ودحلان وتخفيف الحصار عنصرا مهدئا يحول دون الانجرار لجولة قتال جديدة مع إسرائيل رغم استمرار حماس في الاستعدادات العسكرية التي تشمل صناعة الصواريخ وحفر الأنفاق.
إذا ما نجح دحلان في حشد الأموال لتحقيق تنمية اقتصادية بالقطاع من الإمارات فيمكن أن يساهم ذلك في التهدئة على حدود قطاع غزة وإسرائيل.
الخلاصة
* يشكل المحور الثلاثي الجديد مصر حماس دحلان تلاقي للمصالح بين الأطراف الثلاثة، يدور الحديث عن تلاقي مصالح مؤقت لكن يمكن أن يستمر لفترة طويلة. هذا التلاقي يمكنه أن يسهم في تخفيف الحصار على القطاع وتحقيق الاستقرار الأمني والهدوء على حدود قطاع غزة مع إسرائيل.
* يفترض أن يتحسن الوضع الإنساني بقطاع غزة نتيجة لتطبيق التفاهمات التي توصل لها الأطراف الثلاثة، وتزيد مصر من نفوذها بالقطاع، وتمد الإمارات قدميها تدريجيا داخل غزة وتطرد قطر من هناك.
* مكانة مصر المتعاظمة أمام حماس ستسمح لها بأن تكون الوسيط الرئيس بين إسرائيل وحماس في كافة القضايا بما في ذلك الوساطة في صفقة جديدة لتبادل الأسرى.
* الخاسر الرئيسي هو محمود عباس الذي يحاول بشتى الطرق الممكنة تخريب تلك التفاهمات والتصالح مع حماس لإعادة تحييد محمد دحلان، دون تحقيق نتائج تذكر حتى الآن.
الآراء والمصطلحات تعبر عن كاتبها