د. كاظم ناصر
دعا عضو مجلس النواب الأردني يحيى أبو السعود عضو الكنيست الإسرائيلي الصهيوني "أورن حزان" إلى حفلة "مباطحة" مصارعة عند معبر الملك حسين على حدود فلسطين المحتلة مع الأردن، وذلك احتجاجا على قتل مواطنين أردنيين في السفارة الإسرائيلية في عمان. لقد قَبِل حزان التحدي، وفور إعلانه عن نيّته التوجه إلى الجسر، بادر رئيس البرلمان الإسرائيلي "يولي إدليشطاين "إلى إرسال ثلاثة حراس معه ليرافقوه ويحموه.
لقد وصل إلى الجسر صباح يوم الأربعاء الموافق 2- 8- 2017، لكنه غير رأيه وألغى اللقاء، وقال في بيان للصحافة إنه يرغب "بخفض اللهب بناء على طلب رئيس الوزراء". بنيامين نتنياهو متخصّص في إشعال الحرائق في الوطن العربي، لكنّه يشعلها أو يطفئها وفقًا لمصالح إسرائيل وخدمة لاستراتيجيتها السياسية.
"حزان" انتقد موقف الشعب الأردني ومجلس النواب ورئيسه من أحداث الأقصى، ومن الجريمة التي ارتكبها حارس السفارة الإسرائيلية في عمّان في تغريدة بذيئة قال فيها "يبدو أن جيراننا الأردنيين الذين نحرس لهم أقفيتهم ليل نهار يحتاجون لتربية من جديد". يا حزان الأنظمة العربية هي التي أبدعت في حماية "أقفيتكم" منذ اغتصابكم لفلسطين، لكنّكم تردّون لها حرصها عليكم بقتل الفلسطينيين والعرب عندما تريدون ذلك، وتمر جميع جرائمكم دون عقاب!
أنتم الذين "تحتاجون لتربية من جديد" لأنّكم لا تفهمون أن الأنظمة العربية المتعاقبة هي التي حمت حدود دولتكم "وأقفيتكم" من غضب الشعوب العربية المقهورة!
قادة إسرائيل يدركون أن عدوّهم الذي لا يقهر هو الشعب الفلسطيني والشعوب العربيّة، ولهذا فإنهم هم والأنظمة العربية المتآمرة معهم فعلوا المستحيل لمنع الاشتباك المباشر بين الشعوب والصهاينة. لقد قال ديفد بن جوريون، أول رئيس وزراء إسرائيلي لناحوم جولدمان رئيس المنظمة الصهيونية "لقد أتينا هنا وسرقنا بلادهم وأرضهم فكيف لهم أن يقبلوا بذلك". بن جوريون قال الحقيقة لأن الشعب الفلسطيني والشعوب العربية لن تنسى القدس وفلسطين أبدًا رغم انبطاح الأنظمة العربية وتخاذلها.
عار علينا نحن الذين وصل عددنا إلى حوالي 400 مليون عربي أن يهيننا ويحتل وطننا ويدنّس مقدّساتنا ستة ملايين صهيوني هاجروا إلى وطننا من جميع بقاع الأرض. لقد حاولوا أن يخدعوا العالم ويضلّلوه بأكاذيبهم وتزويرهم للتاريخ، وتصوّروا أن الأجيال الفلسطينية التي ستتمخض عن الجيل الذي كان يعيش في فلسطين عند احتلالها سيموت، وبموته تنتهي علاقة الأجيال الجديدة بها وينعم الصهاينة بالسلام.
لكن الذي أدهش الصهاينة والعالم هو قدرة شعب الجبارين الفلسطيني على البقاء وتمسّكه بأرضه ووطنه. وبعكس ما تصوّر الصهاينة، فإن الأجيال الفلسطينية التي قاومتهم وتمسكت بوطنها خلال السبعين عاما الماضية ولدت بعد النكبة، وكانت تعيش في ظل احتلالهم وفي المهاجر، وإن معظم الذين يتصدّون لهم اليوم هم من الجيل الفلسطيني الثالث الذي ولد بعد خمسين سنة من احتلال فلسطين.
الشعوب لا تموت، وفلسطين ومقدّساتها ستظلّ حيّة ولن تمحى أبدا من ذاكرة الفلسطينيين والعرب. حقيقة أن الوضع العربي الحالي وصل إلى درجة غير مسبوقة من التردّي والخذلان، لكن هذه المرحلة لا يمكن أن تستمر. إن الإمة العربية تمر بمرحلة مخاض قاسية مرّت بها دول كثيرة قبلها ثم انطلقت من جديد. عندما تتجاوز أمتنا هذه المرحلة، ويسمح لـ 400 مليون عربي بمواجهة الصهاينة، ستتغير المعادلة وقد ينتصر الحق العربي "بالمباطحة" فقط ودون حاجة إلى سلاح !
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"