شمس نيوز/ هيئة التحرير
كشف مسؤولون في الهيئات الأرثوذكسية بالأردن وفلسطين، مؤخرًا، عن "صفقات" بيع لزهاء 600 دونمًا من الأراضي الفلسطينية التابعة للكنيسة الأرثوذكسية إلى جهات إسرائيلية، أبرمها مع البطريرك اليوناني ثيوفولوس الثالث، بطريرك المدينة المقدسة وسائر أعمال الأردن وفلسطين، وبقيمة تزيد عن 15 مليون دولار.
وبحسب تقرير أصدرته الهيئات الأرثوذكسية بفلسطين والأردن، فإن تسريب الأملاك الأرثوذكسية لمالكيها الجدد الإسرائيليين تم على خمس "صفقات بيع" في فترات متلاحقة مؤخراً، "لمساحات شاسعة من الأراضي والأملاك، التي تحمل إرثًا تاريخيًا دينيًا وحضاريًا وأثريًا غنيًا".
وتدور تلك "الصفقات"، بحسب توضيحات الناطق الاعلامي باسم الشباب العربي الارثوذكسي في فلسطين، جلال برهم، حول "استيلاء اسرائيل على أراضٍ من أبو طور، الواقعة في قسم منها عند حدود العام 1967، بمساحة تبلغ نحو عشرة دونمات، ورحافيا والطالبية 600دونم، وفي شرقي القدس، بحوالي 570 دونماً، وطبريا بحوالي 11 دونم، والقدس - البقعة -، والقدس - شارع الملك داوود -، بإجمالي زهاء عشرة دونمات".
عمليات الكشف تتوالى
وفي التفاصيل، أضاف الناطق برهم، في حديثه لـ "شمس نيوز"، أنه في الشهور الأخيرة توالت عمليات الكشف عن تسريب العديد من العقارات والوقف العربي التابع للكنيسة الأرثوذكسية لصالح دولة الاحتلال، فالعديد من الصفقات كانت تأجير لسنوات طويلة امتدت لـ (99 عامًا)، وعقود أخرى كانت قديمًا تعود لفترة الخمسينات والستينات من القرون الماضية، أيضًا تم بيعها بالكامل.
وأشار إلى، أن أخر الصفقات، قد تم بموجبها بيع دوار الساعة في يافا، و قيساريا بمساحة 1000 دونم في طبريا، وبالرملة صفقة "راحافيا"، وصفقة "الشيخ جراح" على الطريق في الطور، وأخيرًا باب الخليل.
وأوضح الناطق، بأن الصفقات تتم بين شخص البطريرك وطاقم مستشاريه من المحاميين والقانونيين، مشيرًا إلى أصل البطريرك وهو "يوناني"، أي لا علاقة له بالأرض ولا لغتها ولا شعبها، وفق برهم.
وأكد برهم على، استمرار الجهود المبذولة من قبل مسحيي فلسطين بالنضال من أجل حماية "مقدساتنا والحفاظ على الوقف العربي والارثوذكسي، لكي لا يتسرب لدولة الاحتلال لأن مجرد تسريب وبيع هذه العقارات يعني المساهمة في تهويد الأرض والقدس وتهجير المسيحين من هذه المنطقة".
بيعًا مطلقًا**
من جهته، أوضح المتحدث باسم الحراك الأرثودوكسي أديب صباغ، أن البطريركية الأرثوذكسية لا تقوم بتأجير وتمديد عقود التأجير لصالح الصندوق القومي اليهودي والشركات الاسرائيلية الاستثمارية فقط، بل تبيع هذه الأراضي للإسرائيليين بيعا مطلقًا، وأن التأجير بداية البيع.
وبيّن صباغ لمراسل "شمس نيوز"، أن آخر صفقة كانت في دير أبو طير بالقدس لعشرة دونمات ونصف، تم تأجيرها لـ110 عام ليتم بناء مباني ووحدات سكانية من قبل شركات استثمارية اسرائيلية، مبينًا أنه تم تأجيرها بالرغم من وجود كنيسة وقبور على هذه الأرض، وأن تأجير هذه الأرض كان بداية لبيعها .
وقال صباغ، "مؤسف جدًا أن البطريرك يقدم أراضي في بيت لحم والخضر وبيت جالا بأسعار بخس لمستثمرين فلسطينيين ذوي نفوذ، ويقدم أراضٍ أخرى لمستثمرين أردنيين في الأردن ذوي نفوذ، حتى يتم حمايته ودعمه ضد أبناء الكنيسة العرب".
ولفت إلى أن، عمليات البيع تُسجل في "الطابو" وأنه بالإمكان معرفة كافة تفاصيلها من خلال "الطابو" والمحاكم، مشيرًا إلى أنه خلال الأسبوع الماضي تم الكشف عن صفقة في طبريا بساحة تسمى "دير الرسل" وهي ملاصقة لمياه بحيرة طبريا .
وتابع: "هذه الأرض بمساحة 11 دونم تم بيعها بالمطلق، بمليون دولار، الأرض سعرها في طبريا مليون دولار لدونم الواحد، تباع 11 دونما بسعر الدونم منها".
بالرجوع إلى التاريخ
وقال صباغ: "إن البطريركية استولت على الكنيسة الأرثوذكسية التي أصلها عربية، كما واستولت على مقدراتها وأملاكها وكنائسها، وسجل هذا بمساعدة الحكم العثماني باسم الأمة اليونانية، وقامت ما تسمى بأخوية القبر المقدس، وهو تنظيم يوناني عنصري، طرد من سلك الرهبنة كل الرهبان العرب خلال 500 عام، ويحاول في هذه الأيام العودة الى حياة الرهبنة والعودة الى قيادة هذه الكنيسة".
وعبر صباغ عن أسفه، لوقوف السلطات الفلسطينية والأردنية بصف ما أسماه " المستعمر اليوناني" ضد العرب، مضيفًا "السلطة الأردنية تقف صامتة بل تبرر وتدافع عن هذه الصفقات بحجة حاجة الكنيسة إلى مال، هذا مال فاسد ومُفسد وكل من يشارك في ذلك التبرير أو يصمت عن هذه الجرائم شريك بها"، محملًا السلطات الأردنية والفلسطينية مسؤولية ما يجري.
وحول مواجهة ما يجري، يرى صباغ أن هناك عدة طرق للمواجهة، منها إمكانية قيام السلطات الفلسطينية والأردنية بتعديل قوانين تمنع التصرف بالأراضي من قبل البطريركية، كما أن هناك إمكانية لسحب الاعتراف من البطريرك كونه "خان الأمانة ولم يوفِ بموعوداته قبل انتخابه من الأردنيين والفلسطينيين" .
والبطريرك كيريوس ثيوفيلوس الثالث، بطريرك المدينة المقدسة وسائر فلسطين وسوريا العربية والأردن وقانا الجليل، وهو البطريرك الأرثوذكسي الـ 141 على كرسي "أورشليم".
انتخب ثيوفيلوس الثالث بطريركًا بالإجماع في التاسع من أغسطس/آب 2005، وتوج على الكرسي الأورشليمي في 22 من نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته.
في القدس، ارتبط اسم ثيوفيلوس بعدد من صفقات بيع لأوقاف تابعة للكنيسة أو تأجيرها للاحتلال، واتهم ببيعها بصفته المسؤول عن هذه الأوقاف بموجب أحكام القانون الأردني، وتحديدا القانون رقم 27 لعام 1958.
كذلك، توجه للبطريرك ثيوفيلوس الثالث اتهامات بالمشاركة ببيع ما يعرف بصفقة باب الخليل، وتشمل بيع فندقي البتراء والإمبيريال الواقعين في ساحة عمر بن الخطاب في باب الخليل بالقدس المحتلة، وما يتبع لهذه الفنادق من محال تجارية في المباني نفسها، بالإضافة إلى عقارات أخرى داخل البلدة القديمة تتبع أوقاف البطريركية.
في يوليو/تموز 2017، كشفت صحيفة "كلكليست" الاقتصادية الإسرائيلية النقاب عن صفقة سرية بيعت بموجبها أراض وقفية في أحياء غربي القدس تتبع الكنيسة الأرثوذكسية لبلدية الاحتلال بالمدينة، التي بدورها ستخصصها لمستثمرين يهود.
وتشمل صفقة البيع خمسمائة دونم (الدونم=ألف متر مربع) من أصل 560 دونمًا من أراضي البطريركية الأرثوذكسية بالقدس، تقع في حيي الطالبية والمصلبة وما يعرف اليوم بشارع الملك داوود ومحيط حديقة الجرس وغيرها من الأحياء.
وأمام هذه الاتهامات التي دعت بعض الأطراف إلى فتح تحقيق فيها، سارعت بطريركية الروم الأرثوذكسية في بيان لها إلى انتقاد "الحملة المحمومة والمغرضة التي يقودها البعض ضدها" بالصحف الإسرائيلية، وقالت إن البطريركية هي الحامية للمقدسات المسيحية بالبلاد ولكنيسة القيامة".
وأضاف البيان: أن "تحميل البطريركية مسؤوليات عجزت أن تحملها دُول لهو غير منطقي ومغرض وكذلك محاولة قلب الأدوار وتحويل البطريركية التي انتُزعت أراضيها من ضحية الممارسات الرسمية بحقها إلى الجلاد, لهو زيف وقلب للحقائق".
يشار إلى، أن بطريركية الروم الأرثوذكس بالقدس المحتلة المكونة من كهنوت أغلبيته الساحقة من اليونانيين، تورطت في الماضي بصفقات تسريب أراضٍ وعقارات على طرفي الخط الأخضر مما أغضب أبناء الرعية الفلسطينيين وأدى إلى الإطاحة بالبطريرك السابق إيرينيوس.