شمس نيوز / عبدالله عبيد
مع بدء هبوب نسائم فصل الشتاء على قطاع غزة، تقرع المخاوف قلوب عشرات العائلات التي تجرعت ويلات العواصف والمنخفضات القطبية في شتاء العام الماضي، وخاصة سكان المناطق المنخفضة عن سطح الأرض، مثل منطقة النفق شرق غزة والصفطاوي شمالا ومخيم جباليا.
وأعرب عدد من المواطنين لـ"شمس نيوز" عن تخوفهم الشديد، من حدوث كوارث إنسانية في فصل الشتاء، جراء التدمير الواسع للبنية التحتية خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
قطاع غزة كان قد تعرض خلال شتاء العام الماضي ( ديسمبر/ كانون أول) لمنخفض جوي قطبي عميق أطلق عليه اسم "أليكسا" تسبب في أضرار كبيرة بالبنية التحتية الهشة أصلا بفعل الحصار وأغرق أحياء سكنية كاملة ما أدى لتشرد آلاف العائلات.
وقدرت حكومة غزة السابقة آنذاك الخسائر المادية المباشرة للمنخفض بـ 64 مليون دولار.
ننتظر كارثة
المواطن أحمد أبو ليلى من منطقة "النفق" شرق حي الشيخ رضوان، أعرب عن تخوفه من حدوث كارثة في منطقته وغرق الكثير من البيوت كما حصل العام الماضي، خصوصاً وأن فصل الشتاء على الأبواب.
وقال أبو ليلى لـ"شمس نيوز" : العام الماضي حدث منخفض جوي أغرق منطقة النفق بأكملها، وهذا العام جميع المواطنين متخوفون من تجدد الأمر، خصوصاً وأن فصل الشتاء قد بات على الأبواب"، مشيراً إلى أن منطقة "النفق" تعرضت لتدمير واسع خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
وناشد أبو ليلى الأونروا والدول المانحة بضرورة إسراع إعمار قطاع غزة، والبدء بتصليح البنية التحتية المدمرة وتجهيزها لفصل الشتاء.
كل شيء تدمر
أما المواطن إسماعيل مقاط، أحد جيران سابقه (أبو ليلى)، فقال لـ"شمس نيوز" : الحرب الأخيرة ما تركت شيئا عامرا، ولا ندري كيف سنفعل في الشتاء الذي يطرق قلوبنا قبل أبوابنا"، لافتاً إلى أن منزله قد تعرض لبعض الأضرار خلال حرب 2014، خصوصاً وأن سقف بيته من "الأسبست" .
وأضاف مقاط : السنة الفائتة عانى الناس في منطقة النفق كثيرا بسبب المنخفض الشهير، وهذه السنة قد يعانون أكثر وأكثر، في كل حارة وشارع دمار كبير، ومن المؤكد أن مياه الأمطار ستغرقنا، وحينها لا ندري أين سنذهب ولا ماذا سنفعل".
وأشار إلى أن المياه في المنطقة التي يقطن فيها تطفو سريعاً في فصل الشتاء، بسبب انخفاض منطقتهم عن سطح الأرض، معرباً عن توقعه بحدوث كارثة كبيرة هذا الشتاء إذا أهملت البلديات إصلاح البنية التحتية.
غرق طفيف
ولم تكن حال المواطن أبو السعيد من معسكر الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة أفضل من سابقيه، فالمنزل الذي يسكن فيه وعائلته المكونة من عشرة أفراد كل عام يتعرض "لغرق طفيف" حسب وصفه، موضحاً أن بيته من الزينقو ويعاني من مياه المطر في كل عام.
ونوه أبو السعيد خلال حديثه لـ"شمس نيوز" إلى أنه في فصل الصيف يعاني من حر الجو وفي الشتاء يعاني من تساقط الأمطار الشديدة عليه، مضيفاً : هي هيك حالنا والحمدلله على كل شيء بيصير إلنا".
وأضاف : العام الماضي لما كان المنخفض رحنا عند نسايبنا لأنه الدار كلها غرقت، والسنة هذه إن شاء الله ما بيحدث من هذا الشيء، لكن أنا حاسس أنه راح يصير مثل العام الماضي وزيادة كمان" بحسب تعبيره.
وأردف بالقول : بس ما بعرف وين راح نروح لما نغرق، نسايبنا دارهم في الحرب انقصفت، وهم الآن مشردين بالمدرسة وفي بالإيجار"، لافتاً إلى أن أهل زوجته أيضا كانوا يقطنون في حي الشجاعية الذي تدمر بالكامل، خلال حرب "الجرف الصامد" الأخيرة على قطاع غزة.
البلدية تحذر
من جهتها، حذرت بلديات في قطاع غزة، من كارثة إنسانية قد تحدث في فصل الشتاء، جراء التدمير الواسع للبنية التحتية، خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
وأشار م. سعد الدين الأطبش مدير عام المياه والصرف الصحي في بلدية غزة لـ"شمس نيوز" إلى أن قطاع غزة خرج حديثاً من حرب إسرائيلية مدمرة، الأمر الذي فاقم المشكلات لدى بلديات قطاع غزة، منوهاً إلى تدمير البنية التحتية ومياه الصرف الصحي.
وقال الأطبش: هناك العديد من خطوط مياه الصرف الصحي الفرعية والرئيسية، وخطوط مياه الأمطار تم تدميرها خلال الحرب قمنا بتصليح بعض منها، ولكن ما زالت هناك خطوط فرعية تحت الأبراج والبيوت المهدمة مازالت مقطوعة، وهذا سيؤثر على مياه الأمطار التي قد تختلط بمياه الصرف الصحي، وهذا ينذر بكارثة بيئية إذا لم يعالج الأمر بسرعة".
وأضاف: الدول المانحة لم تتحرك حتى الآن على أرض الواقع لكي تقوم برفع الركام وأطلال البيوت المهدمة، فليس بمقدور البلدية لوحدها أن تعيد البنية التحتية وتصلحها"، مبينا أن إصلاح البنية التحتية بحاجة إلى أكثر من 30 مليون دولار بعد تدميرها في الحرب الأخيرة.
وحول احتمالات حدوث منخفض جوي كما العام الماضي، قال مدير عام المياه والصرف الصحي في بلدية غزة: إذا تكرر منخفض العام الماضي "أليكسا" ستكون هناك مصيبة كبيرة، لأن مياه المطر سوف تختلط مع مياه المجاري"، مشدداً على أن بلديات القطاع تعمل جاهدة لتفادي هذه المشكلات.
وعقد صباح يوم الأحد الماضي في القاهرة مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة بهدف توفير الدعم الدولي لإعادة بناء ما دمرته الحرب الإسرائيلية، التي بدأت في السابع من يوليو/ تموز الماضي، ودامت 51 يوما، تعهدت الدول المانحة المشاركة فيه بتقديم مساعدات قيمتها قرابة الـ (5.4) مليارات دولار أمريكي للفلسطينيين.
ويحتاج إعمار القطاع، الذي يقطنه نحو 1.9 مليون نسمة، إلى نحو 4 مليار دولار أمريكي، بحسب ما أعلنه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس.
وتسببت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، بتدمير البنية التحتية بشكل "كامل"، وفق إحصائيات أولية لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.