غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

عطاء الله مهاجراني

خبر الفلسطينيون والإسرائيليون.. مفاوضات إلى ما لا نهاية

قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه: - إنه لا توجد حتى الآن أي مستجدات على صعيد المسيرة السياسية مع إسرائيل. ولم يجرِ التوصل إلى مخرج من المأزق الحالي في المفاوضات، وإن إسرائيل تريد التمديد للمفاوضات إلى ما لا نهاية.

هناك أربع أفكار رئيسية في كلام ياسر عبد ربه، وهذه الأفكار الأربع تصل جميعها إلى نتيجة واحدة أشبه بهرم ذي أربعة أبعاد، وهي أن إسرائيل لا تؤمن ولن تقبل بحكومة فلسطينية مستقلة، فهذا هو ديدن اليهود منذ قديم الأزل، وهو اللعب بالكلمات لكسب المزيد من الوقت. علاوة على ذلك، فهم يعتقدون أنهم أمة مختارة، وأن حقهم المطلق لا يتمثل فقط في حكم فلسطين والمنطقة، من النهر إلى البحر، بل إنهم شعب مختار من قبل «يهوه» لحكم العالم.

ولآرثر كوستلر، المفكر الكبير واليهودي أيضا، مقولة غاية في الأهمية بشأن الهوية اليهودية، والواضح أنه غير معادٍ للسامية، بل هو يهودي، وهو من بين كتاب قلائل قرروا إعادة كتابة أو أعادوا التفكير بشأن كل رواياتهم وكتاباتهم غير القصصية، فيقول في آخر كتبه «بريكس تو بابل»: «الكلمة العبرية (غوي) التي تشير إلى غير اليهود لا تعني بالقطع كلمة كافر أو غير مؤمن، ولا تشير إلى روح قادرة على الخلاص أو جسد يمكن قبوله في المجتمع بعد أن تحلى بالإيمان الحقيقي»، (بريكس تو بابل ص 280).

وقد طرحت إسرائيل في الوقت الراهن خيارا جديدا، ألا وهو الغذاء مقابل مفاوضات لا تنتهي، وأن على الفلسطينيين القبول والإعلان رسميا، أن إسرائيل دولة يهودية، وفي بعض الأحيان نشهد في الصحف الإسرائيلية الجانب الآخر من العملة، الدولة اليهودية. ومنطقيا، نستطيع أن نفرق بين تعريفين: الدولة اليهودية، ودولة اليهود.

ما المعنى الحقيقي للدولة اليهودية أو دولة اليهود؟ أعتقد أننا نستطيع أن نقرأ، بين السطور، أنها تعني أنه لا مكان للفلسطينيين في إسرائيل. والسؤال الكبير الثاني الذي يثار هنا، أين إسرائيل؟ يجيب الإسرائيليون بأن القدس ككل هي العاصمة الموحدة لليهودية وإسرائيل، وأن الضفة الغربية ملك لإسرائيل، واسمها يهودا والسامرة! ونتيجة لذلك، لا نجد سوى توسيع أو إنشاء مستوطنات يهودية جديدة في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية.

وبعبارة أخرى، يمكننا التمييز بين قضية أو مشكلة في شقين؛ أحدهما على الأرض، وهو ما لم تضعه إسرائيل في اعتبارها، من حقوق الفلسطينيين على الإطلاق عبر اعتقالهم وتدمير منازلهم وبناء مستوطنات يهودية جديدة في الأراضي الفلسطينية، والآخر هو أن إسرائيل ترغب وتفضل الدخول في مفاوضات لا نهائية لها مع الفلسطينيين.

وعندما تنزع من الفلسطينيين المسؤولية والمعونات الأوروبية والأميركية ويكون مارتن إنديك هو الحكم وراعي المفاوضات، أتذكر قصيدة الجواهري التي كتبها عام 1929، ونشرت في صحيفة «العراق»، العدد 2871، وتبدو القصيدة وكأن الجواهري كتبها بالأمس فقط، ويقول فيها:

يا أمة لخصوم ضدها احتكمت

                                          كيف ارتضيت خصيما ظالما حكما؟

سلي الحوادث والتاريخ هل عرفا

                                                    حقا ورأيا بغير القوة احترما؟

لا تطلبي من يد الجبار مرحمة

                                                      ضعي على هامة جبارة قدما

وهنا أتفق بشكل كامل مع نبيل عمرو، الكاتب الفلسطيني الذي نشر مقالا قال فيه:

« ثار سؤال على لسان الفلسطينيين جميعا.. ماذا سيحدث غدا أو بعد غد؟ وأمام سؤال كهذا، يسارع الإسرائيليون إلى الإجابة، ليس بالتصريحات والبيانات، وإنما بالأفعال شديدة القسوة، والتجرؤ على أبسط القواعد والاعتبارات».

إنها مقالة قوية للغاية، وقد انتقدت إسرائيل الفلسطينيين والرئيس محمود عباس، على اتصالهم بالمؤسسات الدولية، فهل ينبغي على الفلسطينيين الترويج للمفاوضات مع إسرائيل فقط؟ هذا هو منطق القوة ومنطق دولة تمتلك أسلحة نووية، وفي الوقت ذاته، تزعم أنها أيقونة الديمقراطية في المنطقة.

كيف سيتخلص الفلسطينيون والعالم الإسلامي من تلك الدائرة الشريرة؟ أعتقد أنه ما من سبيل إلى ذلك، وينبغي على الفلسطينيين بمن فيهم فتح وحماس إعادة توحيد صفوفهم، وكذلك داعميهم وتعزيز موقفهم، والحديث بصوت واحد قوي. وعلى الرغم من مواجهتنا نحن والعالم اختلافات استراتيجية بين الفلسطينيين، فإن المؤكد أن إسرائيل تستغل هذه الفجوة بين الفلسطينيين أنفسهم، للحصول على مزيد من المزايا لصالحها.

في البداية، كانت إسرائيل تقول إنه ينبغي على الفلسطينيين القبول بإسرائيل، والآن يقولون ينبغي عليهم قبول إسرائيل كدولة يهودية. وغدا سيقولون، بناء على قبولنا، وشرعيتها كدولة يهودية ينبغي على كل المسلمين الرحيل عن إسرائيل. وخطوة بخطوة سنكتشف الوجه الحقيقي للحكومة الإسرائيلية واستراتيجيتها بعيدة المدى. والآن، نحن ندرك تماما ما يعنيه هذا عندما همس نتنياهو في أذن الحاخام إسحاق خدوري: «لقد نسوا ما تعنيه كلمة يهودي».

وذات مرة، كتب روائي إسرائيلي شهير، عاموس أوز، في كتابه «إسرائيل والفلسطينيون»: «نحن نخشى التساؤل بشأن هويتنا الحقيقية، والهدف من وجود إسرائيل وهدفنا في الحياة»، (عاموس أوز ص 79).

ويبدو لي، كمسلمين بشكل عام، وعرب بشكل خاص، أننا بحاجة إلى تقييم جديد لرؤيتهم واستراتيجيتهم بشأن فلسطين. وأذكر أن قمة الخرطوم التي عقدت في الأول من سبتمبر (أيلول) تمخضت عن ثلاثة قرارات بالغة الأهمية، وهي «لا سلام مع إسرائيل، ولا اعتراف بإسرائيل، ولا مفاوضات مع إسرائيل». وبعد سلسلة من الموافقات تنتظر إسرائيل موافقتين جديدتين: موافقة للدولة اليهودية، وموافقة للقضية الفلسطينية كقضية ذهبت في غياهب النسيان. ودعوني أعد إلى الجواهري:

يا دجلة الخير خليني بما قسمت

                                        لي المقادير من لدغ الثعابين

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".