شمس نيوز/ هيئة التحرير
قمع وصل ذروة الفشل، بعد الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لـ "إسرائيل"، وما قابله من غضب عربي وعالمي، لكن المشهد الفلسطيني كان مختلف نوعًا ما في المواجهة المباشرة مع جنود الاحتلال على طول خطوط التماس في الضفة والقدس وقطاع غزة .
توسعت دائرة المواجهات في المدن الفلسطينية، ضد القرار الأمريكي بحق القدس، مما زاد تخوف الاحتلال من العودة إلى مربع الرد الاقوى من خلال العمليات الفدائية، فأرسلت التعزيزات ووحدات القمع المختلفة لمواجهة الشبان المنتفضين.
الجديد هذه المرة، هو الاستهداف المباشر لنشطاء برزوا في مسيرات ضد الاستيطان والجدار، نشطاء قد عرفوا بنشاطهم السلمي، كل ما بأيديهم لافتات من الكرتون، وأعلام فلسطينية وشعارات شعبية وسلمية.
قوات الاحتلال، في الآونة الأخيرة، قامت باعتقال عدد منهم، بواسطة المستعربين، وعلى رأسهم الناشط منذر عميرة الذي تم اختطافه قرب المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم، بالإضافة إلى اللواء المتقاعد والناشط يوسف الشرقاوي الذي تم اعتقاله قرب مستوطنة "معالي أدوميم" شرق القدس المحتلة، إلى جانب اعتقال الطفلة عهد التميمي وأمها وابنة عمتها، في إطار محاولات التضيق الممنهج ضد هؤلاء النشطاء، في ظل غياب الفصائلية الفلسطينية الوطنية والإسلامية، وما شكله الانقسام من تفرقة.
المستعربون هم، الذين يموّهون أنفسهم كأنّهم من العرب، لأغراض أمنية معيّنة، فهناك عدد من الوحدات من المستعربين في "إسرائيل " والتي تنتمي إلى أجهزة أمنية مختلفة. المعروفة من بينها هي وحدات المستعربين التي تنتمي إلى ما يسمى حرس الحدود وتلك المنتمية إلى وحدة "دوفدوفان" (الكرز - وحدة معيّنة خاصّة، للقتال في أراضي الضفة المحتلة).
منذر عميرة الناشط في التنسيقية الشعبية في الضفة الغربية، كان قد طالب الشعوب العربية والإسلامية وكل الأحرار بأن يساندوا هذه القضية، وأن المعركة مع هذا الاحتلال طويلة، إلا أن الاحتلال اعتقل منذر بعد دقائق من حديثه لـ "شمس نيوز"، قرب المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم حيث تم توقيفه في معتقل عوفر.
بينما قُدمت لائحة إتهام بحق اللواء المتقاعد والناشط "يوسف الشرقاوى" (60 عامًا)، بعد اعتقاله يوم الأحد الماضي، تشمل تهم التحريض وتنظيم مظاهرات عنيفة، بعد رفعه شعار الصليب المعكوف فى مظاهره جرت الجمعه الماضيه فى مخيم عايده قرب قبر رحيل.
تعليقًا على اعتقاله، قال ضابط تحقيقات شرطة الحدود: "هذا هو أحد المحرضين الرئيسيين الذين نجري ضدهم تحقيقا منذ عدة أشهر".
في المقابل، حاول الشبان المقاومون التملص من فخاخ المستعربين عبر سلسلة من الإجراءات استقوها بالملاحظة والتجربة الميدانية؛ فمثلًا، مشاهدة ناقلة مدنية أو "البوسطة" التي تنقل الأسرى تدل على تجهيز هجوم مستعربين، كما يوجّه الشبان نداءات متكررة بعضهم لبعض عبر مواقع التواصل بضرورة ارتداء "الفانيلا" الداخلية والتخلي عن "التيشيرت" خلال المواجهات، لأن المستعرب لا بد أن يحتفظ بمسدسه على خصره تحت ثيابه.
وتشرح مصادر متطابقة أنه رغم هذه الإجراءات لا وجود لحل سحري لمكافحتهم، فبعض الحلول قد تنجح في الصيف كارتداء "الفانيلا"، لكنها تفشل في الشتاء بحكم البرد، كذلك فإن كشف المستعربين يكاد يكون مستحيلاً في نقاط المواجهة القريبة من المدن، لأن المتظاهرين يختلفون في اللهجة والبيئة وبسبب عددهم الكبير، على عكس المواجهات داخل القرى والمخيمات، التي تكون في مناطق محصورة جغرافيًا وثقافيًا، والناس يعرف بعضهم بعضًا جيدًا من ملابسهم أو طبيعة الصوت
"عربٌ ليسوا بعرب"
ورد في أحد التقارير التفلزيونية الإسرائيلية، التي كانت تسرد مميزات وحدات المستعربين أنهم "يهتمون بأدق تفاصيل التنكر، إذ لا يجيدون الحديث باللغة العربية باللهجة المحكية فقط، بل يُعلّقون سجادة صلاة أمام مقعد سائق المركبة، ويضعون الميداليات والألعاب على مرآة السيارة الداخلية، كما يتقنون لبس الكوفية، تمامًا كما يفعل المواطن الفلسطيني".
"أسلوب التنكر يُدعّم الركيزة الأساسية، وهي الضربة الخاطفة، إذ يتيح للمستعربين التحرك بحرية لتنفيذ مهماتهم من أجل مباغتة الهدف، سواء أكان مطلوبًا للعدو أم جماعة تتظاهر، ولا توجد آلية ثابتة للتنكر، رغم وجود ملامح عامة عن طبيعة عملهم"، يقول المتابع بالشأن الإسرائيلي، محمد أبو علان.
وفق أبو علان، تختار قيادة الاحتلال جُلّ المستعربين بملامح شرقية وبشرط أن يجيدوا اللغة العربية بلكنة فلسطينية غالبًا، كما أنهم ضليعون بثقافة المنطقة المستهدفة وعاداتها وعائلاتها، ويخضعون لتدريبات مكثّفة تؤهلهم للسيطرة على الخصم بلياقة بدنية عالية وبحرفية في الأداء.
أما المستعربون ذوو الملامح الغربية، فيمكنهم التنكر مثلًا بهيئات تناسبهم كناشطين أجانب أو صحافيين غربيين.
ويضيف أبو علان أن تنكّر المستعربين يختلف وفق اعتبارات عدة، منها طبيعة المنطقة وماهية المستهدف؛ فأحيانًا قد يُضطرون إلى أن يكونوا ممرضين وأطباء أو مصابين، وتارةً يكونون باعة متجولين أو نسوة حوامل، وقد يتنكرون بهيئات عجائز أو شبّان ملثمين أو فنيي صيانة.