بقلم: هاني حبيب
من المتوقع أن يعقد رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال غادي ايزنكوت صباح غد الخميس، جلسة «تقدير موقف» مع كبار ضباط الجيش بالمنطقة الجنوبية، هدف هذا الاجتماع كما أشارت إليه مختلف وسائل الإعلام الإسرائيلية مواجهة «مسيرة العودة» التي بدأ الاعداد والإعلان عنها منذ بضعة أسابيع، مصادر الجيش الإسرائيلي أشارت إلى أن هناك تعليمات واضحة ودقيقة للجنود بعدم السماح بكل الوسائل للمتظاهرين على الحدود مع قطاع غزة باختراق السياج الحدودي، بما في ذلك الاستخدام المكثف للنار الحية، وفي نفس الوقت، سيتم توزيع منشورات على السكان الفلسطينيين بالمناطق الحدودية لتحذيرهم من الاقتراب من السياج الحدودي، وأن الجيش سيستهدف النشطاء من بين المتظاهرين!
«مسيرة العودة» لا تبرر ـ من الناحية النظرية والعملية» هذه الخطوات الحربية التي سيتخذها الجيش الإسرائيلي. مسيرة العودة، لن تصل إلى السياج الحدودي، وستبتعد هنه على الأقل لمسافة 700 متر، داخل أراضي قطاع غزة وعلى طول الحدود، وستنطلق في الثلاثين من شهر آذار الجاري لمناسبة «يوم الأرض»، ولن تقتصر على الحدود بين قطاع غزة ومناطق 1948، بل في كافة أماكن تواجد الفلسطينيين ومخيمات اللجوء في الدول المجاورة، وستتجاوز هذه المسيرة، كافة الخلافات السياسية الفلسطينية كونها تتخذ من هذا الحراك شعارًا واحدًا وحيدًا، حق العودة وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، خاصة البند (11) الداعي إلى أن عودة اللاجئين إلى المناطق التي تم تهجيرهم منها، حق من حقوقهم، يضاف إلى ذلك تعويضهم عن كل ما خسروه من جراء هذا التهجير، في اطار حق العودة والتعويض، وهكذا فإن هذه المسيرة، وفقاً لما تم التخطيط لها، ستكون معنية حصرياً بهذا الحق وهذا الشعار، ودعوة عملية لتفعيل هذا الحق وفقًا لمبادئ الأمم المتحدة، ولهذا، لن تلجأ حشود المسيرة الكبرى إلى أي شكل من أشكال العنف، مهما كانت، فلن يحمل المتظاهرون أية أسلحة أو أدوات أو حجارة، ولن يتم حرق الاطارات او ما شابه، وستُنصب الخيام على مبعدة كافية من قوات الاحتلال، لتجنب أي مبرر للعودة لمهاجمة الحشود.
مسيرة العودة، رسالة سلام حقيقية للعالم أجمع، ترتكز على القرارات الدولية، ولهذا، فإن هذه المسيرة ليست معنية بأي تجاذبات سياسية حول قضايا تتعلق بالتطورات، ليس من شأن هذه المسيرة الحديث عن الانقسام الفلسطيني، أو «صفقة القرن»، أو وكالة «الأونروا»، أو ما شابه من شعارات سياسية، نقول ذلك، استنادًا إلى ما قررته الجهات التي كانت وراء هذه المسيرة، وكانت ولا تزال تعد العدة لإطلاقها، ذلك أن هناك جهات عديدة حاولت تمرير شعارات تبتعد عن الهدف المباشر لمسيرة العودة، بعض هذه الجهات ـ على سبيل المثال ـ حاولت أن تطلق على المسيرة «مسيرة العودة وفك الحصار» الجهات المنظمة للمسيرة اعتبرت هذه الشعارات تحرف أهداف المسيرة، القانونية والإنسانية والتي تتخذ من القرارات الدولية سندًا لها.
«مسيرة العودة» تنطلق كما أسلفنا في الثلاثين من الشهر الجاري، لكنها ستستمر لشهر واحد على الأقل، وربما تتجدد في الخامس عشر من أيار، ذكرى النكبة، وهي بالتالي، تضع نصب أعينها كافة القرارات التي اتخذتها دولة الاحتلال والولايات المتحدة، خاصة في الفترة الأخيرة، حول القضية الفلسطينية، ولكن بشكل غير مباشر، وترسل رسالة للرأي العام العالمي، ولإدارة ترامب كما لحكومة نتنياهو، ومن خلال التمسك بحق العودة، بأن الشعب الفلسطيني لن يرضخ لإدارة قوى الظلم والاحتلال.
لكن، ونظرًا لهذه الأفكار الجديدة، والممارسة المختلفة في إطار المواجهة مع الاحتلال، فإن إسرائيل ترى فيها، خطرًا داهمًا، أكثر نجاعة وتأثيرًا في المواجهة مع الشعب الفلسطيني، لذلك، فإن محاولات جر حشود «مسيرة العودة»، وافتعال اشتباك معها من خلال إطلاق النار، هو الأمر الأكثر احتمالًا، ورأينا في الأيام السابقة كيف تعاملت قوات الاحتلال مع «العبوات الناسفة» بالقرب من الشريط الحدودي، برد صاروخي مدفعي وجوي، في محاولة منها، لمجابهة مسيرة العودة قبل أن تبدأ. الاصرار الفلسطيني، الشعبي والوطني على المضي قُدمًا في الاعداد الجيد ووضع كل الإمكانيات لنجاح «مسيرة العودة» هو ضمانة مؤكدة لتأكيد قدرتنا على مواجهة تداعيات الاحتلال الإسرائيلي!
صحيفة الأيام
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"