شمس نيوز/تمام محسن
على الرغم من تعليق مباحثات التهدئة بين حركة "حماس" و"إسرائيل"، لا تزال تلقي بثقلها على الحلبة السياسية، وتثير مخاوف السلطة برام الله التي لوحت مؤخرًا بعصا العقوبات في وجه حماس العازمة على المضي قدمًا في الاتفاق.
ومنذ انطلاق المباحثات الشهر الماضي، كررت السلطة الفلسطينية رفضها للمفاوضات ووجهت اتهامات لحماس بمحاولة فصل القطاع عن الضفة الغربية، مشددة على ضرورة استكمال المصالحة الوطنية قبل التوصل لاتفاق التهدئة مع الجانب الإسرائيلي.
وحاول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، طمأنة رئيس السلطة محمود عباس الذي تعهد بفرض عقوبات جديدة على غزة في حال أبرمت اتفاق تهدئة مع "إسرائيل".
وذكرت وكالة "وفا" الرسمية، أن الرئيس السيسي أكد لعباس في اتصال هاتفي الأربعاء الماضي "حرصه على عودة السلطة الشرعية لتولي مسؤولياتها في قطاع غزة، وهو ما سيساعد في دفع مساعي إحياء المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والتوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية".
لكن يبدو أن حركة "حماس" عازمة على التوصل إلى اتفاق تهدئة خلال الأسابيع القادمة برغم تهديدات عباس ومعارضة فصائل فلسطينية أخرى غير حركة "فتح".
إذ قال رئيس حركة "حماس" في قطاع غزة، يحيى السنوار، إن مصر أبدت استعدادها التوصل إلى تهدئة في القطاع خلال شهرين، "حتى لو لم تنجز المصالحة مع حركة فتح".
ونقل كتّاب ومحللون تصريحات السنوار في لقاء جمعهم به الأربعاء، قوله إن "أبو مازن سيخسر كثيرًا إن فرض عقوبات جديدة على غزة لأنه سيعزز تجاوزه". واعتبر أن أي عقوبات جديدة "بمثابة تكسير للأواني وكسر لقواعد اللعبة، وعليه سيكون ردنا مغايرا".
فما الذي تخشاه السلطة؟
ويقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، إن السلطة الفلسطينية "أساءت فهم مسألة اتفاق التهدئة" بأنه يسعى "لسحب البساط من تحت أقدامها"، موضحًا أن ما يجري الحديث عنه هو تثبيت اتفاق التهدئة الذي وقعته الفصائل في العام 2014 الذي وضع حدًا لحرب إسرائيلية طاحنة على القطاع.
وتابع بالقول: "السلطة تريد أن تفرض هيمنتها على كل شيء دون أن تعطي مقابل. والحقيقة أن الشعب الفلسطيني في القطاع يعاني معاناة كبيرة جزء منها بسبب عقوبات السلطة" التي فرضتها في أبريل 2017.
وقلل الصواف من التهديدات بفرض المزيد من العقوبات على القطاع، وقال إن عباس بذلك "يخرج نفسه من الدائرة الوطنية الفلسطينية".
فيما يرى طلال عوكل، الكاتب في صحيفة الأيام المحلية، أن "السلطة ليست ضد التهدئة ولكنها تريدها أن تكون في إطار وطني جامع"، مؤكدًا أنها "رؤية الكل الفلسطيني".
وحذر عوكل، في حال لم يتم التوافق فلسطينيًا خلال وقت قريب "فسنواجه سيناريوهات صعبة".
ويوضح بالقول: " الإدارة الأمريكية ستتجاوز السلطة وتجد بدائل لها في قطاع غزة. وهي ماضية في خطة إعادة تأهيل القطاع ليس من منحنى إنساني ولكن في إطار تنفيذ صفقة القرن".
وعلى خلاف الصواف، يرى عوكل أن العقوبات قد تثني حماس عن المضي قدمًا في توقيع اتفاق التهدئة بالنظر إلى الوضع الاقتصادي المتردي أصلا في القطاع. لكنه يستدرك بالقول: إن هناك حاجة إلى تغليب المصلحة الوطنية قبل كل شيء.
ويتفق الكاتبين، أن الأطراف ستنجز اتفاق التهدئة سواء مع أو بدون السلطة. ويأمل عوكل أن "تكون في إطار مصالحة وأن تنجح الجهود في الربط بين المسارين". أما الصواف فيرى، بالعودة إلى تصريحات السنوار الأخيرة، إما "المواجهة أو التهدئة".
وتشير تسريبات إعلامية غير رسمية إلى، أن المبادرة المطروحة تقضي باتفاق هدنة لخمس سنوات، مقابل رفع الحصار المفروض على القطاع منذ عام 2006.
وعن تفاصيل الصفقة، يجري تداول آلية تطبيق الاتفاق على مراحل. بحيث يتم بالمرحلة الأولى فتح معبريْ كرم أبو سالم ورفح بصورة دائمة مقابل وقف إطلاق البالونات والطائرات الورقية الحارقة. ويتم بعد ذلك تحسين ظروف المعيشة وفك الحصار كليا عن القطاع. وفي المرحلة الثالثة تنفذ الأمم المتحدة مشاريع إنسانية مثل إنشاء مطار وميناء ومحطة كهرباء على الأراضي المصرية، وإعادة إعمار ما دمرته الحروب بقطاع غزة.