بقلم / مجدولين صيدم
تختلف المواهب في قطاع غزة، ولكن المآسي التي يتعرضوا لها الغزيون واحدة، في كل وقت حكاية وقصة من المعاناة والنجاح بآن واحد، المسألة التي تدور في مخيلتي هل الحصار يقتل الحقيقة؟ ام مسيرات العودة تنقلها من العودة الى مكاناً أخر!، هل العالم سيحزن على موتها، وهل أحد موجود ليكتب عنها؟!، وكم حقيقة قتلت ثمنا لنقلها!، يعلم الجميع بأن غزة بمن فيها تكن دائما بالصدارة بكافة المؤتمرات والمنافسات لتظهر معاني المحبة والسلام، ومع ذلك يراودني السؤال أين هي الحقيقة وأين انتقلت الآن! وكم حقيقة ستذهب بعد؟ عندما تدور هذه الأسئلة في ذهني أقف أمام مبرر واحد" هذا الحل الوحيد من العودة والرجوع الى ممتلكاتنا ولكن لمتى سنستمر على نفس الحال وكم عين ستكن رهينة الديار والعودة، لا أدري هل سنحتفل يوماً لذلك السبب ام سنحزن على هذه الأيام!
صانع السلام لا يموت
عين الاعلام والصحفي الانسان ياسر مرتجى من قطاع غزة، عمل مصوراً لنقل الحقيقة وشارك في مسيرات العودة، ولكن كانت المفاجأة للجميع يوم ال 6 من أبريل ب عام 2018 من الجمعة الثانية، خرج ياسر متجها الى الحدود ليكمل عمله كمصور وكان يعتقد بان درع الحماية له هو "press"، وكان سلاحه الوحيد يدعى بالكاميرا والسلاح الأقوى كانت الابتسامة التي لا تزول، كان يجسد انتهاكات الاحتلال للمسيرات السلمية تحت إطلاق النار والغاز المسيل للدموع، وهنا وقبل سابق إنذار شعر بالوجع! ولا يعلم بأنها الرصاصة المتفجرة عاجلته قبل ان يكمل عمله، ومن هنا ضج العالم "ياسر أتصاوب" والنزيف مستمر ورشدي صديقه يبكي على رأسه، والجميع ينتظر خروج ياسر، وأيضا مواقع التواصل الاجتماعي ضجت بالحزن، وكان الخبر الموجع " ياسر استشهد" والرصاصة بالفعل لم تقتل ياسر فقط أيضا قتلت أحلامه البسيطة بسفره لمرة واحدة ليلتقط صورة لقطاع غزة من الأعلى، فحقق حلمه بالتحليق بالسماء ولكنه لم يحققه بالكامل ولم يلتقط غزة من الأعلى كما يحلم، فحلق شهيدا وكانت الصورة الأخيرة التي تألم بها الجميع "عبود أضحك" فأين انت يا ياسر ليضحك الجميع مع عبود! فرحل وبقيت إبداعاته عندما عكس الواقع بالحرية والسفر ومعاناة الناس صوتاً وصورة من خلال فيلم "بين معبرين"، وحصد على الجائزة الفضية بجائزة الإبداع الإعلامي من أجل فلسطين الذي عقد في إسطنبول، وشارك أيضا بافتتاح السجادة الحمراء منه اعتدادنا على سير المشاهير عليه ولكن كان يختلف في قطاع غزة فعرضت عليه المعاناة تحت عنوان "بكفي" وكانت البداية بفيلم الشهيد "بين معبرين".
لما نستشهد بروح الجنة؟
كلماته الأخيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال فيديو صور له وهو يردد هذه الكلمة وكأنه يعي بانه من الشهداء.
أحمد أبو حسين المصور الذي يعرف عنه أنه لا يخاف من الموت وأقوى من أي أصابة فالإصابة الأولى له على الحدود الشرقية لا تؤثر عليه ليتوقف عن التصوير، هناك فأكمل عمله فكان الاحتلال وكأنه يتربص له دائما فكانت إصابته الثانية وكأن الاحتلال يحذره من نقل الحقيقة ولكنه أيضا أكمل عمله، ولكن الإصابة الأخيرة بطلق المتفجر في بطنه بشكل مباشر، يمضي منها شهيدًا في درب الحقيقة ومهنة المتاعب، وكانت آخر نظره وأخر صورة، ومنها نطق الشهادة ورفع أصبع السبابة ، وأندرج مع شهداء الحقيقة فكانت نظرة وداعه من مخيم العودة شمال قطاع غزة، الذي أصيب فيه أثناء تأديته رسالته الإعلامية السامية، بدت كأنها رسالة منه "هذا وداعنا الأخير لكم، فلا توقفوا المسيرة بعدنا"، فكانت حكاية رجل لا يحمل على كتفه كفن ليحفظها التاريخ ويرويها الزمن بل حمل الكفن ليعيش الوطن بسلام وتنقل حقيقة الاحتلال وهذه حكاية الصحفي أحمد.
ولكن الاحتلال لن يوقف الحكاية الى هنا في كل جمعة إصابة آخر تنقل الحقيقة، ليوقف نشر الانتهاكات التي يرتكبها امام المتظاهرين السلميين ومنها أطفال ونساء وحتى على المسعفين، ولكن دائما موكب الصحفيين على الحدود الشرقية في جميع المحافظات على تزايد مستمر لنقل الحقيقة وتوثيق جرائم وانتهاكات الاحتلال ومع ذلك التساؤلات أمامي لن تتوقف هل هذه التضحيات بالفعل أمام باب العودة؟
ولكني على يقين بأن فلسطين تستحق منا الكثير.