بقلم / عمر حلمي الغول
قامت لجنة الإنتخابات المركزية الإسرائيلية بشطب قائمة "الموحدة العربية والتجمع" والمرشح عوفر كاسيف، من قائمة "الجبهة العربية للتغيير" من الترشح للإنتخابات البرلمانية القادمة، وفي ذات الوقت شرعت ترشيح كل من ميخائيل بن آري، وإيتمار بن غفير، وكلاهما معروف بفاشيته. وهو امر ليس مفاجئا للمتابع للتطورات والتحولات في البنى الفكرية السياسية والإجتماعية والإقتصادية الإسرائيلية. ويعكس تماما واقع المشهد الإسرائيلي على حقيقته، ويشير لكل ذي عقل، ومدافع عن الديمقراطية، وحقوق الإنسان بأن إسرائيل الإستعمارية، لا يمكن إلآ ان تكون في مكانها الطبيعي، إرتباطا بنشأتها، والخلفية الوظيفية والإستعمالية لها، واستنادا للرواية الشيطانية المزورة، والإيديولوجيا العنصرية والرجعية، التي نظمت بنائها، ووفقا لمخططها الإستعماري الإستراتيجي في فلسطين التاريخية، ومكانها، هو مزبلة التاريخ، لإنها لصيقة الصلة مع العنصرية والفاشية.
ولم يكن قرار لجنة الإنتخابات المكونة من 34 عضوا، غالبيتهم وجلهم من اليمين واليمين المتطرف عفويا ونتيجة ردة فعل آنية، ومؤقتة، انما هو قرار متصل بشكل جدلي مع سياق عام للتطور في المجتمع الإسرائيلي، ومرتبط مع توجهات الأغلبية المتحكمة في مكوناتها وخلفياتهم الفكرية والسياسية، وما يمثلونه طبقيا. وبالتالي عندما تعمل حسب رؤية وخيار نتنياهو الفاسد، وباقي كتل اليمين الصهيوني، التي تستهدف التمثيل الفلسطيني العربي واليهودي الديمقراطي، فإنها تنسجم مع أهدافها وخياراتها، القائمة على سياسة النفي، والمطاردة، والملاحقة للكتل المرشحة، ومنها قائمة "الموحدة .."، التي تشكلت من الحركة الإسلامية الجنوبية، والتجمع الديمقراطي، بالإضافة للمرشح الديمقراطي، عوفر كاسيف، وهو عضو الحزب الشيوعي الإسرائيلي، وأستاذ في الجامعة العبرية، وكان أول من رفض الخدمة العسكرية في أراضي دولة فلسطين المحتلة، ومرشح عن قائمة "الجبهة والعربية للتغير" بحجج وذرائع واهية. والأهم انها قلبت معادلات القبول والرفض وفق معايير العنصرية والفاشية، وليس وفق القانون ومعاييره الشكلية.
وعليه فإن قرار لجنة الإنتخابات جاء متوافقا مع رغبة وخيار نتنياهو، زعيم الليكود، وحزب "عوتسماه يهوديت" (القوة اليهودية) الفاشي، إرتباطا بما ذكر، وكونه يخدم أكثر من عامل، الأول إفراغ الكنيست من اي ممثل فلسطيني عربي؛ ثانيا إنسجاما مع جوهر وروح قانون "القومية الأساس" العنصري، والخلفية الإستعمارية؛ ثالثا تحويل أصوات الناخبين للإحزاب الصهيونية عموما، واليمينية المتطرفة خصوصا؛ رابعا ملاحقة ابناء الشعب الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب والساحل في مختلف ميادين الحياة، لدفعهم للترانسفير .
وكان منصور عباس، رئيس القائمة "الموحدة..." عقب بعد شطب قائمته لوكالة الأنباء الفرنسية، بالقول "شطبنا كقوة سياسية عربية يدل على توجهات هذة الحكومة اليمينية، التي باتت أقرب للفاشية منها إلى الديمقراطية". والحقيقة إن التوجه ليس محصورا، ولا مقتصرا على الحكومة، فهذا يائير لبيد، زعيم "يوجد مستقبل" (معارضة)، الذي يدعي أنه وسطي، صوت على ذات القرار، وغيره من الكتل الصهيونية. حيث صوت 17 عضوا لصالح عدم السماح للقائمة بالترشح، مقابل عشرة أصوات رفضوا القرار. إذا صعود العنصرية لا يتوقف عند الإئتلاف اليميني المتطرف الحاكم، بل يشمل إطارات أوسع من الأحزاب والنخب السياسية في المعارضة.
ولمن لا يعرف، أو غير متابع لمكانة كل من الفاشيين إيتمار بن غفير، الذي إنضم لحركة كاخ الكاهنية الفاشية، قدمت ضده 35 لائحة إتهام امام المحاكم الإسرائيلية عندما كان عمره 16 عاما، مما دفع قيادة الجيش الإسرائيلي لرفض تجنيده، لإنه خطر على جيش الموت، وبسسب إنتمائه للحركة الكهانية، واما زميله ميخائيل بن آري، فمنعته الولايات المتحدةعام 2012 من دخول أراضيها، رغم كونه عضوا في البرلمان آنذاك، وايضا بسبب إنتائه للتنظيم الإرهابي ذاته. ومع ذلك، ورغم رفض المستشار القانوني للحكومة من ترشحهما، إلآ ان لجنة الإنتخابات الإسرائيلية مررت ترشيحهما، وهو مؤشر خطر على مستقبل المجتمع الإسرائيلي نفسه، وليس على ابناء الشعب العربي الفلسطيني، بالإضافة إلى انه يكشف عن الخط البياني الصاعد للفاشية في دولة الإستعمار الإسرائيلية.
القرارات التي إتخذتها لجنة الإنتخابات المركزية الإسرائيلية تستدعي من العالم الديمقراطي، وكل محب للسلام وحقوق الإنسان أن يقف ويفكر، ويتخذ القرار المناسب للتصدي للفاشية المتربعة في سدة الحكم الإسرائيلية، لإنها خطر على اليهود قبل ان تكون خطرا على الفلسطينيين، هل ينتبه العالم قبل فوات الآوان للأخطار المحدقة بالمنطقة، الناجمة عن صعود وتوسع قاعدة الفاشية في إسرائيل؟