شمس نيوز/ تمام محسن
بعد شهور على خصم أموال المقاصة دفعت السلطة الفلسطينية إلى حافة أزمة مالية قاسية، تسعى "إسرائيل" للعمل على تجنيب السلطة مخاطر "انهيارها"؛ لـ "مخاوف أمنية".
وكانت قناة "كان" العبرية، قالت الاثنين إن إسرائيل تبذل جهودًا كبيرة لتحويل قرابة 650 مليون شيقل إلى السلطة الفلسطينية بدون الإعلان عن ذلك، لمساعدتها على تجاوز الازمة المالية وتفادي انهيار السلطة، وذلك بعد خصم "اسرائيل" 138 مليون دولار من عائدات الضرائب التي تحولها للسلطة.
كما ناقش رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير المالية موشيه كحلون الخطط الموضوعة وماهية الخطوات الممكنة التي من شأنها إبقاء السلطة الفلسطينية قادرة على سداد ديونها، وفق القناة.
وترفض السلطة الفلسطينية رفضًا قاطعًا استلام أموال المقاصة التي تجمعها "إسرائيل" لصالحها بشكل شهري، ما دامت الأخيرة لا تقوم بتحويل المبلغ بالكامل.
وقال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، خلال ترأسه جلسة الحكومة الثلاثاء، "يحاولون (الإسرائيليون) بكافة الوسائل أن يشرعنوا الخصومات المتعلقة برواتب الشهداء والأسرى والجرحى، لن ولن ولن نقبل بهذا مهما كلفنا ذلك من ثمن".
وتخشي "إسرائيل" أن تؤدي الأزمة المالية إلى إضعاف السلطة الفلسطينية التي تعيش أزمة مالية كبيرة منذ العام الماضي جراء تجميد الإدارة الأمريكية المساعدات المالية المقدمة لها، ما ينذر بتصعيد أمني في الضفة الغربية، خصوصًا مع اقتراب شهر رمضان المبارك، والأعياد الإسلامية.
تلتقي مخاوف "إسرائيل" مع عروض عربية وأوروبية للسلطة للقبول بأموال المقاصة، والتي قوبلت بالرفض أيضًا. كما تأتي هذه الضغوط المالية قبل أشهر فقط من الإعلان المزمع عن الخطة الامريكية للسلام في الشرق الأوسط والمعروفة بـ "صفقة القرن".
وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي عادل سمارة أن موقف السلطة الفلسطينية برفض أموال المقاصة بالكامل "لم يكن تصرفًا صائبًا"، موضحًا أن هذا الموقف من شأنه أن "يزيد الضغوط الاقتصادية والأعباء على الشعب الفلسطيني، لذلك كان الأجدى أخذها والمطالبة بالجزء المقتطع".
واعتبر سمارة، أن الضغوط المالية على السلطة الفلسطينية بالإضافة إلى رفض الأنظمة العربية تفعيل شبكة الأمان التي أقرتها القمة العربية عام 2010، فضلًا عن التطبيع العربي غير المسبوق مع "إسرائيل" كلها مجتمعة تشي بأن "العرب أعطوا موافقتهم الضمنية على صفقة القرن الأمريكية" والمقرر كشف تفاصيلها في يونيو المقبل.
ورجح سمارة، أن ترفض الأنظمة العربية أيضًا طلب السلطة بإقراضها 100 مليون دولار والتي طلبتها خلال اجتماع القمة العربية الأخير في تونس.
من جهته، قال المحلل السياسي والكاتب في صحيفة الأيام، طلال عوكل، إن الأزمة المالية للسلطة ستنعكس لا شك على السلطة والمجتمع الفلسطيني بشكل عام، مضيفًا أنها "ربما تخلق الضغوط الاقتصادية حالة اجتماعية رافضة وتشكل بيئة لارتفاع مستوى العنف في الأراضي الفلسطينية".
وبشأن انهيار السلطة الفلسطينية، أوضح أن هناك جدل واسع حول السلطة وضرورة أن تحل نفسها وتسليم المسئوليات للحكومة الاسرائيلية القائمة بالاحتلال، أو إذا ما كان يجب أن تستمر في ضوء دورها "المهم" في العمل السياسي الفلسطيني.
لكنه لفت إلى إنه ليس من مصلحة أحد انهيار السلطة، قائلًا "إسرائيل قلقة أكثر من غيرها إزاء هذا الوضع، والأجهزة الأمنية الإسرائيلية قدمت توصيات بشكل متكرر للجانب السياسي بشأن الإفراج عن أموال المقاصة".
وخلص إلى القول، بأن "الضغط والابتزاز للحالة الفلسطينية يأتي في سياق دفعها للتعاطي بشكل إيجابي مع الخطة الامريكية للسلام".