بقلم: هاني حبيب
كان عضو الكنيست بتسلئيل سمورتريتش من "كتلة اتحاد اليمين" قد أعرب عن رغبته في تولي وزارة العدل خلفاً لوزيرة العدل السابقة إيليت شاكيد التي اقالها رئيس الحكومة نتنياهو مؤخراً، وأنه، أي سمورتريتش سيعمل على أن تصبح إسرائيل تحت ظل القضاء التوراتي، مثلما كان الأمر عليه في أيام الملك داوود والملك سليمان، هذه هي يهودية الدولة حسب قوله، اذ يجب ان تسري قوانين التوراة بما يتناسب وهذه الأيام، وهذا الاقتصاد، وهذا المجتمع، من خلال منح مكانة احترام للمحاكم الحاخامية وتقويتها.
لم يكن هذا التصريح ليمنع نتنياهو من تقليده وزارة العدل فقط، بل كانت هذه الأقوال سبباً لتعزيز الحملة التي شنها غريم رئيس الحكومة، ليبرمان على "حكومة الشريعة اليهودية" متلبساً دور المدافع عن علمانية الدولة العبرية. دفع هذا التصريح لاصطفاف أعداد جديدة من اليمينيين المخضرمين من العلمانيين الى جانب ليبرمان الذي اصبح وكأنه المدافع عنهم في طل التغول المتزايد من قبيل أحزاب اليمين الديني، والتي تشكل الداعم الأساسي لحكومات نتنياهو السابقة، والداعم المؤكد لأي حكومة سيشكلها نتنياهو في المستقبل.
من شأن هذا التصريح ان يشير الى تخوف فئات وطبقات في المجتمع الإسرائيلي خاصة من قوى اليمين، إلا ان الأهم من ذلك ان الرسالة الإعلامية التي تم تمريرها خلال الحملات الانتخابية التي قادها نتنياهو كانت تتمحور حول اليسار واليمين، متهماً كل معارض لسياسته الحزبية خصوصاً، بأنه يسار، بما في ذلك اتهام ليبرمان بعدما أفشل تشكيل الحكومة الخامسة بأنه يساري، لم تعد اللعبة الآن بين اليمين واليسار، ففي كل ردود الفعل على هذا التصريح، بات الأمر يتعلق بفتح ملف كان يخشاه نتنياهو والحلفاء من اليمين، هذا اليمين الذي توحد من اجل إقرار قانون القومية قبل بضعة اشهر، اذ بات الصراع في الحياة السياسية الانتخابية بين معسكرين، أصولية توراتية، وعلمانية في كافة فئات المجتمع الإسرائيلي، من اليمين واليسار. وللتذكير في هذا السياق فان قانون يهودية الدولة، يعني اليهود على أساس قومي، بصرف النظر عن كونهم يميناً او يساراً، علمانيين وغير علمانيين، بينما ما نادى به سمورترتيش، يتعلق فقط بفئة واحدة، اليهود المتدينين اليمينيين بطبيعة الحال، ما يشكل انقساماً مجتمعياً من الممكن ان يشكل متغيراً مهماً يترك آثاره على نتائج الانتخابات البرلمانية في ايلول القادم.
هذا التصريح عبارة عن هدية مجانية لزعيم "اسرائيل بيتنا" ليبرمان، الذي ازاح نسبياً، ملفات تتعلق بموقف نتنياهو من الحرب على غزة، الى ملف جديد لم يستهلك بعد، وهو ملف مستقبل إسرائيل في ظل دولة يهودية توراتية تلقي بثقلها على فئات عديدة من المجتمع الإسرائيلي، خاصة المرأة، وعودة الرجم وعقاب المخلين بحرمة يوم السبت، وفرض قوانين تكثف العنصرية، ليس فقط بين اليهود والعرب في إسرائيل بل بين فئات اليهود المختلفة.
لو لم يقم سمورتريتش بالإدلاء بهذا التصريح ربما لأمكن ان يتسلم حقيبة العدل وفقاً لحسابات نتنياهو، الا انه فقد هذه الفرصة بعدما اتضح ان الحرب بين التوراتية والعلمانية قد بدأت حتى من خلال الليكوديين الليبراليين الرافضين لسطوة التوراة على ما يمسى القيم اليهودية التوراتية.
الملف قد فُتح ولا مجال لإغلاقه، وهذا ما سيتبين لاحقاً بنتائج الانتخابات البرلمانية القادمة، نتيجة لجملة من الانزياحات والتحالفات التي ستعقد الى حين تشكيل القوائم الانتخابية.
عن صحيفة الأيام
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"