غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

مقال مطول: الانتخابات العامة والتحديات الراهنة

د. هاني العقاد

بقلم/ د. هاني العقاد

حمل الرئيس ابو مازن الملف الفلسطيني بكل تشابكاته ومكوناته وتعقيداته الي الجمعية العامة للأمم المتحدة وتحدث في خطاب دبلوماسي واضح عن اهم الخطوط الثابتة للسياسية الفلسطينية تجاه الامم المتحدة والولايات المتحدة الامريكية واسرائيل والقدس والاونروا ومحاربة الارهاب والامن والاستقرار ولعل واحدة من اهم محددات الخطاب كان الشأن الفلسطيني والديمقراطية التي  اضاعها الانقسام ولم تمارسها  الاجيال الفلسطينية منذ ثلاث عشر عاما بسبب الانقسام الذي صادر الارادة الفلسطينية واعاق كل شيء تنموي حتي الفكر لم يعد ينمو ويتطور  بشكل سليم  ومستقل  فكل حزب يعبئ افراده حسب مبتغاه وايدولوجياته الخاصة التي تخلو من الحفاظ علي الاخر وتقبله  وتقبل مشاركته ضمن الاطار الوطني الواحد . الرئيس حرص علي وضع العالم في صورة المشهد الفلسطيني الداخلي وحرص على حماية الديموقراطية في الارض الفلسطينية وطلب من الامم المتحدة ودول العالم مشاركة الفلسطينيين العرس الديموقراطي من خلال الاشراف على الانتخابات العامة والتأكد من شفافيتها ونزاهتها وسلامتها وعدم تدخل اي طرف فيها وهذا يعتبر في حد ذاته تأكيد على ان القيادة الفلسطينية معنية بتغير المشهد الفلسطيني الداخلي وتوحيد التمثيل السياسي وانهاء هذه الحقبة السوداء في تاريخ الشعب الفلسطيني التي آلمت الجميع وقضت علي امال الجميع.

الانتخابات العامة ليست مطلب قيادي ولكنها مطلب دولي ايضا فلا اعتقد ان صورة الفلسطينيين صورة محترمة امام العالم وهو يعرف ان لا انتخابات في فلسطين منذ أكثر من ثلاث عشر عاما دون مبرر حقيقي سوي مصادرة حق الشعب في اختيار ممثليه بما يتناسب و طموحاته الوطنية، ولعل الانتخابات اصبحت مطلب جماهيري واسع هذه الايام وخاصة بعدما اجرت اسرائيل انتخاباتها للمرة الثانية بحثا عن الديموقراطية في غضون ثلاث شهور وضجت منصات التواصل الاجتماعي بألاف المناشدات لعقد انتخابات عامة في فلسطين بالمثل، الانتخابات العامة في الاطر الثلاث ليست مستحيلة في فلسطين ولا معضلة كبيرة بل انها افضل الطرق لإنهاء الانقسام وتجديد الحكم والشرعيات التي يعتقد البعض ان شرعيته سارية المفعول وغيرها لا ويفسر القانون حسب مبتغاه وهو لا يدري انه خارج الشرعية ولا يحق له التعدي علي شرعية الرئيس باي شكل كان لأنه في المقام الاول اساء لذاته وتاريخه البرلماني وبنتائج الانتخابات نقول ان من يفوز يحكم ويتولى الشأن ومن يخسر يرجع الي صفوفه يناضل مع الاخرين ويقوموا اي اعوجاج يشوه الصورة  الفلسطينية والمشهد  النضالي الفلسطيني.

الانتخابات العامة الفلسطينية قد تصطدم بتحديات راهنة وخطيرة بالتأكيد تعيق تنفيذها بسلام إذا ما سمحنا لها بان تشكل عوائق حقيقية امام مسيرة الديموقراطية الفلسطينية واولها قناعات سلطة حماس في غزة بضرورة اجراء هذه الانتخابات دون تدخل لا من تحت الطاولة ولا من فوق الطاولة وحمايتها وتوفير الاجواء المناسبة لتتم علي أكمل وجه وبشكل حيادي من خلال تفويض اللجنة المركزية للانتخابات والسماح لها بالعمل بحرية دون اي فيتوهات هنا او هنا ودون توظيف للقضاء وغير القضاء ليتحقق لهم وحدهم الفوز والغلبة. اذا استطعنا ضمان حيادية الاجهزة الامنية والقضاء    والتنظيمات السياسية  في غزة والضفة علي السواء من التدخل في مسيرة الانتخابات ومراحلها استطعنا ان نقول اننا اصبحنا علي قدر الحدث  وارتقينا بمسؤولياتنا الوطنية الي المصلحة العامة للشعب الفلسطيني لكون الانتخابات مصلحة وطنية بامتياز وبالتالي اذا توفرت كل تلك الضمانات فعلينا ان نقبل بنتائج هذه الانتخابات مهما كانت طبيعتها لان صندوق الاقتراح هو الذي حدد السلطة القادمة ورئيس السلطة القادم واعضاء وتشكيلة البرلمان الوطني انطلاقا لتجديد هيكليات منظمة التحرير الفلسطينية .   

التحدي الاخر الذي يواجه اجراء انتخابات عامة في فلسطين هو اسرائيل التي تسيطر علي القدس وتطبق كافة بنود صفقة القرن باعتبار القدس الشرقية عاصمة لإسرائيل لا يتوجب على الفلسطينيين الظهور باي تمثيل سياسي لهم هناك وهذا تحد كبير فلا انتخابات دون القدس ولا انتخابات دون ممثلين عن القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية. الا اعتقد ان تسمح اسرائيل للجنة المركزية للانتخابات الفلسطينية بالعمل في القدس واحيائها وقراها اوتسمح بحرية وصول المقدسين الي صناديق الاقتراع وقد لا تسمح للفرق الدولية والمكلفة من برلمانات العالم والامم المتحدة بالوصول والاشراف على هذه الانتخابات. ليس سهلا على اسرائيل ان تقبل بهذا لان قبولها اجراء الفلسطينيين انتخابات تشريعية ورئاسية وانتخابات مجلس وطني في القدس تفهمه بشكل سيادي لمن يفرض سيادته على المدينة المقدسة وتكون عاصمته، ولا اعتقد ان هناك حلول وسط للمقدسين للممارسة حقهم الانتخابي خارج حدود مدينتهم المقدسة وعاصمة دولتهم. من هنا نقول ان الاعلان عن انطلاق المسيرة الديموقراطية الفلسطينية امر سهل  وازالة التحديات والعوائق التي ستكون نتيجة افرازات الانقسام في غزة امر ليس معقداً  وسوف تقنع حركة حماس والفصائل بذلك وتستجيب للمطلب الشعبي والوطني وتقف علي الحياد  وسوف تثبت للفرق الاجنبية والمشرفين الدوليين انها بالفعل حريصة علي هذا وحريصة علي ان يمارس كل فلسطيني حقة بالانتخاب لكن  بالمقابل ازالة العوائق والتحديات التي ستصنعها سلطة الاحتلال متعمدة  ليس سهلا ولا ممكنا  دون حشد دولي كبير  للضغط علي اسرائيل لتحترم قواعد القانون الدولي وتسمح للفلسطينيين  في القدس الشرقية  بممارسة حقهم الديموقراطي  داخل القدس وانتخاب ممثلين عنهم للمشاركة  في ادارة دولتهم ومؤسساتهم الوطنية والبرلمانية ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية.   

  

 

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".