بقلم: ناجي شراب
بعيدا عن تنبؤات الفلكيين والمنجمين لمستقبل فلسطين ومستقبل العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية والتى تنبأت بتقلبات ونهاية مرحلة السلطة، وبروز اسما بين المد والجزر لخلافة الرئيس عباس كاسم الدكتور صائب عرقات، فإن أبرز مسألتين يمكن الحديث فيها والتوقعات لما يمكن أن تحدث، الأولى التهدئة بين حماس وغزة، والثانية الانتخابات الفلسطينية .
وبدون التنجيم يبدأ العام 2020 بإستمرار الحديث عن إمكانية الوصول لتهدئة ووقف إطلاق النار بين حماس وغزة، على إعتبار أنها حكومة الأمر الواقع في غزة والموازية للحكومة الفلسطينية التي تملك شرعية التعامل الإقليمى والدولى، والتى حتى لحماس لا يمكن تجاوزها في هذه المرحلة. فأفضل السيناريوهات المتوقعة للوضع الإقتصادى الصعب في غزة، وحالة الحصار التي لا تقوى حماس على الإستمرار بإستمراها لأنها تضعف من قدراتها كسلطة أمر واقع للإستجابة لإحتياجات قطاع غزة التى تملك إسرائيل الكثير من المفاتيح بيدها من تسهيلات إقتصادية وزيادة مساحة الصيد لتزيد من كميات السمك لمواجهة الإحتياجات الغذائية للسكان، هذا السيناريو ما زالت فرصة قائمة وقوية مع بعض التسهيلات التي بدأت إسرائيل في تقديمها، ومع قرار اللجنة الوطنية للمسيرات بمسافات زمنية بعيدة لها وحسب الحاجة. هذا السيناريو تواجهه صعوبات من قبل إسرائيل تتعلق بمدى التنازلات التي يمكن أن تقدمها وبإتمام صفقة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس والذين يشكلون قوة ضغط كبيرة على نتانياهو في وقت تذهب فيه إسرائيل للإنتخابات.
ويتوقف على قدرة حماس على كبح جماح التنظيمات الكثيرة في غزةوحفظ الهدوء، ولا شك أن نجاح هذا السيناريو فرصة كبيرة لحاجة حماس لها، ورغبة إسرائيل في هدوء الحدود مع غزة، وقدرة دور المفاوض المصرى على إتمام هذا السيناريو، إلا أن هذا السيناريو يواجه إتهامات متزايده من حركة فتح على أن حماس مع التهدئة سيقلل الدافعية والرغبة لديها للإنخراط في عملية مصالحة شامله، ومن شان هذه التهدئة ان تدعم خيار إنفصال غزة سياسيا لتشكل نواة الدولة الفلسطينية القابله للقيام، والتي قد لا تعارض عليها إسرائيل. ويبدو أن هذه التهدئة هي الأكثر إحتمالا وتوقعا في العام 2020 لأنها الحل الوحيد للوضع الإقتصادى المتدهور الذى يعيش فيه أكثر من مليونيين نسمه يعيش منهم حوالى 40 في المائة تحت خط الفقر وما نسبته حوالى 50 في المائة من البطالة وهما عاملان مغديان للإنفجار الداخلى الذى تتفاداه حركة حماس للبقاء، أو الذهاب لخيار الحرب والتى لا تريدها لا حماس ولا إسرائيل.
المسألة الثانية الانتخابات التي دعا لها الرئيس محمود عباس من على منبر الأمم المتحده في خطابه الأخير، والتي يعتقد أنها قد تكون خطوة للتقليل من حدة الانقسامات والخلافات بين فتح وحماس وفرصة لإعادة الحياة الشرعية للمؤسسات السياسية للسلطة ومنظمة التحرير. ورغم موافقة حركة حمس المعلنه، فما زال المرسوم الرئاسي ينتظر القرار من الرئيس محمود عباس الذى ربط الانتخابات وإصدار المرسوم بموافقة إسرائيل على إجرائها في القدس كما في المرتين السابقتين ووفقا للإتفاقات الموقعة مع منظمة التحرير، لكن لا يبدو أن إسرائيل وبعد الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل أن تقبل بإجرائها، وهو ما دفعها لتجاهل طلب السلطة الفلسطينية. وهذا التجاهل والإصرار من الرئيس محمود عباس قد يعنى عدم صدور المرسوم الرئاسي، ومن عدم إجراء الانتخابات فى هذا العام، وهى الانتخابات التي قد لا تفوز فيها فتح، وتكون بداية لمرحلة سياسية من الإنقسام بدلا من المصالحة. ويبقى أخير في العام 2020 الحديث عن صفقة القرن ورغبة إدارة الرئيس ترامب الإعلان عنها، فيلاحظ وكما أشار السفير الأمريكي فريدمان والذى هو أحد الثلاثة الذين أصاغوا صفقة القرن أن وضع الضفة الغربية الأكثر صعوبة، وكما اصر في تصريحاته على إستخدام يهودا والسامرة ان القدس قد إنتهت، والجولان قد إنتهت، وأن الولايات المتحدة إعترفت بشرعية المستوطنات والتى أخيرا صرح نتانياهو ان إخلاء المستوطنات عملية تطهير عرقى. ولا يبدو أن إدارة الرئيس ترامب ستمارس اى ضغوطات على إسرائيل لتغير سياساتها إزاء الفلسطينيين فهذا العام يتراوح بين تهدئة في غزة وإعادة ترتيب للسلطة في الضفة الغربية والبحث عن إسم يخلف الرئيس عباس. وبكل المقاييس السياسية لن يكون عام 2020 عام الوصول إلى تسوية وسيكون عام مزيد من التفكيك للقضية الفلسطينية في سياق عربى وإقليمى ودولى لم تعد القضية الفلسطينية هي قضية العام وعام تحكمه الانتخابات المريكية وإنشغالها ، وسيبقى كل شيء مؤجلا إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية.
جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز"