بقلم: د. نجوغو امباكي صمب- السنغال
منذ سنوات وسفارة الكيان الصهيوني في السنغال تقوم بتوزيع أضاحي على الفقراء والمساكين، مستغلة في ذلك فقرهم وحاجتهم، وقبل ذلك جهلهم بدينهم وما يوجبه عليهم من معاداة الكفار المعتدين.
وهذه الفعلة الشنيعة من هذا الكيان المزروع في بقعة غالية من الأرض الإسلامية لخطوة تطبيعية متقدمة، فمتى ما تغيرت نظرة السنغاليين إلى هذا الكيان الغاصب وأصبح الناس ينظرون إليه كما ينظرون إلى الدول الأخرى المسالمة، ويتعاملون مع سفرائهم كما يتعاملون مع رسل الخير والسلام، فإذا فعلوا ذلك فقد اعترفوا ضمنيا به وشرعنوا وجوده ووافقوا على جريمة الاحتلال لأرض فلسطين الإسلامية العزيزة، وما يقوم من قتل وإفقار وتشريد للفلسطينيين.
والأشد من هذا وذاك مشاركة بعض أئمة المساجد في هذه الخديعة الكبرى للشعب السنغالي المسلم، بالثناء على سفير الكيان الصهيوني واستحسان فعلته القبيحة، قال تعالى (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ).
هذا، ومن النصيحة لله ولرسوله ولعامة المسلمين بيان حكم هذه الأضاحي وكشف هذه الخديعة، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع بقلبه وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم.
وليعلم كل مسلم ومسلمة بأن هذه الأضاحي التي توزعها سفارة الكيان الصهيوني (إسرائيل) لا يجوز قبولها والأضحية بها، وذلك لما يلي من الأدلة:
١- الأضحية عبادة ونسك لا تصح إلا من مال مباح، قال صلى الله عليه وسلم (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا) وهذه الأضاحي أموال مغصوبة في يد لص محتل، وهي من الأموال الخبيثة المحرمة.
٢- قبول هذه الأضاحي من التعاون على الإثم والعدوان، وقد نهى الله تعالى المسلمين عن التعاون على الإثم والعدوان فيما بينهم، فكيف بالتعاون مع أعدائهم على الإثم والعدوان، والأصل أن مثل هذه الأعمال تقوم به منظمات العمل الخيري الإسلامية وغيرها، ولذلك أراد الكيان الصهيوني أن يدخل من هذا الباب للتطبيع مع المجتمعات المسلمة، وهيهات.
٣- إن عقيدة الولاء للمؤمنين والبراء من الكفار المعتدين تفرض على المسلم معاداة الكيان الصهيوني وكل ما يمثله من منظمات وسفارات وشخصيات، قال تعالى (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، وفي الآية الكريمة نهي عن التطبيع مع الكيان الإسرائيلي الذي قاتل المسلمين في دينهم وأخرجهم من ديارهم.
٤ – الأمة الإسلامية أمة واحدة، بنص القرآن الكريم، قال تعالى (إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (المسلمونَ تتكافأُ دماؤهُم ويسعى بذمَّتِهم أدناهُم ويردُّ عليهم أقصاهُم وهم يدٌ على من سواهم ولا يُقتَلُ مسلمٌ بكافرٍ ولا ذو عهدٍ في عهدِهِ) رواه أبو داود.
٥- والأضحية سنة مؤكدة في قول جمهور الفقهاء، ومن شعائر الإسلام، ولا تجب على من لا يقدر عليها، قال تعالى (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، وعليه فليس الفقر مبيحا لقبول هذه الأضاحي من سفير الكيان الصهيوني الغاصب.
٦- ومثل هذه الأضاحي الصهيونية كمثل مال سرقه لص من قريبك أو جارك، وقتل بعض من كان في بيته ممن كان يدافع عنه، ثم أتى إليك في الغد ليقدم إليك ما سرقه من مال قريبك أو جارك هدية لك! لا شك أن المروءة والدين والشهامة تمنع كل مسلم واع وإنسان شريف أن يقبل من هذا اللص المجرم هديته، فإذا كانت الحرة تجوع ولا تأكل من ثديها كما قالت العرب، فلا ينبغي أيضا أن يمد المسلم يده إلى يد ملطخة بدماء إخوانه المسلمين، وإن كان فقيرا أو مسكينا.
٧- إن قبول هذه الأضاحي من سفير الكيان الصهيوني يتنافى مع ما يجب أن يتحلى به المؤمن من العزة الإيمانية في تعامله مع الظالمين، قال تعالى (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ)، وقال صلى الله عليه وسلم (لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه…) رواه الترمذي.
وأخيرا وليس آخرا، هذه كلمات موجزة كتبتها على عجل للإنكار على هذا المنكر والكشف عن هذه الخديعة، نصيحة لله ولعامة المسلمين، والله أعلم، وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وسلم.