شمس نيوز/ علاء الهجين
على ما يبدو أن الأوروبيين قد نجحوا بالتوصل إلى صفقة بين الحكومة الفلسطينية وقيادة جيش الاحتلال حول رواتب المحررين والشهداء، مما يفتح المجال امام الحكومة الفلسطينية لاستلام أموال المقاصة غير منقوصة، وبذلك يكون الجميع نزل من الشجر، فيكون الرئيس عباس قد حقق وعده وشرطه بأن لا يستلم المقاصة مخصومًا منها أي مبلغ، ويمكن في ذات الوقت للاحتلال أن يدعي انه نجح في اغلاق هذا الملف من جدول العمل اليومي وأجبر السلطة على وقف دفع رواتب للأسرى، كما أن الأوروبيين سيعتبرون الأمر إنجازاً أمام حكوماتهم ليقولوا "إن السلطة لم تعد تدفع رواتب للأسرى".
ونفى رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية قدري أبو بكر اليوم الخميس، تصريحًا له أوردته صحيفة "نيويورك تايمز" بوجود مقترح "لتعديل صرف مخصّصات الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي"، بحيث "يتم منح عوائلهم مخصّصات بناءً على أوضاعهم الاجتماعيّة، وليس على طول مدّة بقائهم في السجن".
ويأتي نفي أبو بكر، بعد يوم من زعم الإذاعة العبرية العامة أمس الأربعاء، أن السلطة الفلسطينية وجّهت رسالة لدبلوماسيين غربيين أبدت فيها الاستعداد لتغيير آليّة منح الرواتب لعائلات الأسرى، كبادرة حسن نيّة تجاه الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، حيث إن التعديل يتضمن عدم حصول عائلات الأسرى على مستحقات ماليّة بشكل تلقائي مع احتساب عدد سنوات السجن، بل بالاعتماد على الوضع الاقتصادي للعائلة، وعدد الأشخاص الذين يعيلهم الأسير.
وقال أبو بكر لـ"العربي الجديد": "تحدثت في المقابلة المذكورة بالتفصيل عن قضية الأسرى المحررين واستيعابهم في الأجهزة الأمنية والمؤسسات المدنية للسلطة الفلسطينية، وحين سئلت عن الأسرى في السجون قلت: (إن هناك مقترحات لم يتم التطرق لها ونقاشها)".
وحول قضية مرتبات الأسرى المحررين، أكد أبو بكر، أن الهيئة أرسلت فعلاً استمارات لكل المحافظات الفلسطينية، ليختار كل أسير الجهة التي يريد العمل بها سواء كان في الأمن أو المجال المدني.
وقال أبو بكر: "هذا الأمر طرح قبل أكثر من سنة على الرئيس محمود عباس، وأثير تساؤل لماذا لا تتم إعادة قرار الرئيس الشهيد ياسر عرفات عام 1994 بإلحاق كل الأسرى المحررين إلى قوات الأمن الفلسطينية، وقد تراكم قرابة 7 آلاف أسير محرر بعد إيقافه".
واعتبر أبو بكر أن الأمر يتعلق أيضًا بالأسرى المحررين أنفسهم، حيث إنهم "غير مرتاحين لصرف مرتباتهم وهم في المنازل، يريدون الشعور بقيمتهم وإنتاجهم، وقسم منهم يريد العمل في الأمن وآخرون في الوزارات والهيئات في السلطة الفلسطينية".
وحول مرتبات الأسرى في سجون الاحتلال، قال أبو بكر: "ما يهمنا الآن هو استيعاب كل الأسرى المحررين، لكن موضوع الأسرى في السجون لم يتم التطرق له، هناك مقترحات طلبت، حول كيف نحافظ على حقوق الأسرى، وألا يكونوا عالة كحالة اجتماعية، فهذا مرفوض، هم حالة نضالية سياسية وطنية بامتياز، وحتى لو تم تقديم اقتراحات حولهم فهي ستكون لتلافي استهداف البنوك لأنها مستهدفة بتهديدات من الإسرائيليين، ضمن أسس تحفظ كرامتهم وإنسانيتهم ووطنيتهم".
الأسرى يحذرون
في السياق، حذّر ياسر مزهر عضو لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية من تداعيات تحويل رواتب الأسرى والشهداء في الوزارات الحكومية، كون القرار يأتي استجابة للضغوط الأمريكية – الإسرائيلية على السلطة الفلسطينية، واصفاً الخطوة بـ"غير المحسوبة".
وأوضح مزهر في تصريحٍ لـ"شمس نيوز" أنَّ قرار السلطة تحويل رواتب الأسرى والشهداء للوزارات الحكومية ضربة للحركة الأسيرة، وذلك لأن الخطوة تمثل تنازلاً أمام "إسرائيل" التي ترفض صرف رواتب للأسرى في سجون الاحتلال والمحررين.
وأشار مزهر إلى أن قضية الأسرى ليست قضية اجتماعية كي يتم حلها في وزارة معينة، وما جرى يمثل إذلالاً للأسرى، لاسيما أن قوات الاحتلال فرضتْ وتدرجت بضغوطها تجاه الأسرى، إذ أغلقت بالسابق حساباتهم البنكية عبر الضغط على البنوك، والآن تفرض على السلطة عبر الضغط تحويل الرواتب إلى وزارة بعينها.
ودعا السلطة الفلسطينية إلى ضرورة أن لا تستجيب للضغوط الإسرائيلية وأن تبقى على مواقفها من الأسرى، وأن لا تقبل بصرف رواتب الأسرى عبر الحكومة.
أمر خطير
من جانبه، قال مسؤول ملف الأسرى في الجبهة الشعبية "علام الكعبي": "إنَّ إجراء السلطة تحويل رواتب الأسرى والشهداء للشؤون الاجتماعية أمر خطير، ويمس الأسرى".
وأضاف الكعبي في تصريحات لإذاعة القدس: "الإجراء نتحدث عن عملية شطب سجل طويل من البطولة والنضال للأسرى الفلسطينيين"، مشيراً إلى أنَّ الإجراءات التي جرت في ملف الأسرى تهدف إلى ملاحقة شرعية ورمزية الأسرى الأبطال".
وذكر أنَّ العملية ليست استهداف للأسرى فقط، وإنما استهداف لنضال الشعب الفلسطيني وفي مقدمتهم الحركة الأسيرة.
وأشار إلى انَّ الأسرى طالبوا في أكثر من مرة أن يتم اعتمادهم "أسرى حرب"، وما جرى يعطي ذريعة للاحتلال ليتعامل معهم كـ "إرهابيين"، لم يناضلوا من أجل قضية عادلة، وحق شعب في الحرية.
وذكر "أن السلطة لا تعلم مخاطر ما تقوم به على مستقبل النضال الفلسطيني برمته، وفي المستقبل كل من يريد ان يقوم بعمل نضالي مقاوم ضد الاحتلال سيكون مجرم فلسطينيًا".
وقال: "ما يجري يذكرنا بما حاول الاحتلال فعله مع أسرى قطاع غزة سابقًا، واعتبارهم أسرى "مقاتلين غير شرعيين".
وشدد على أنَّ الاحتلال يصر على إنهاء رمزية هذه الطليعة من الأسرى، والوجه المشرق للشعب الفلسطيني "الأسرى والشهداء والجرحى"، فهو يريد أن يتعامل معهم كسارقين وليسوا أسرى.
وقال: من المؤسف أن تصبح قضية الأسرى هدية وقربانًا يذبح على أعتاب الإدارة الأمريكية الجديدة لإرضاء الاحتلال وواشنطن.
وأضاف: تصريح "قدري أبو بكر" خطير ومؤسف، والأسرى ناضلوا طويلاً من تثبيت حقوقهم، وانتزاع هذه الحقوق لم تأت من فراغ.
وتابع: "هناك التفاف على حقوق الأسرى المالية، وشكل من أشكال شطب أي رمزية للأسرى، وعليه لا يستطيع الأسرى أن يطالبوا بحقوقهم وإنما التعامل معهم كموظفين".
"هذا السلوك على المستوى السياسي, يعبر عن مدى التواطؤ الذي تقوم به السلطة على مجمل القضية الفلسطينية وليس ملف الأسرى فقط"، وفقاً لقوله.