شمس نيوز/ غزة
أصدر منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني (يوروبال فورم) تقريراً عن الأزمة الداخلية التي تعصف بحزب العمال البريطاني المعارض، وأثرها على حالة التضامن مع القضية والحقوق الفلسطينية داخل الحزب وفي المجتمع البريطاني بشكل عام.
واستعرض التقرير، اليوم السبت 5-12-2020 التأثيرات المتوقعة لهذه الأزمة على حالة التضامن مع القضية الفلسطينية داخل الحزب وفي المجتمع البريطاني.
وأكد التقرير أن ترسيخ التعريف الجديد لعداء السامية واستخدامه كسلاح في وجه المؤيدين لفلسطين أدى إلى منع انتقاد عنصرية دولة الاحتلال وتقييد الحديث عن فلسطين والحقوق الفلسطينية، وسيؤدي إلى تقليل أهمية القضية داخل حزب العمال وفي برامجه ولن تعود مسألة ذات أولوية في الحزب.
وقال "البيئة المصطنعة التي تم خلقها في الحزب معادية للجدل والنقاش حول فلسطين وذلك خوفا من التداعيات والعواقب التي تترتب على ذلك".
وأعرب التقرير عن المخاوف من تفاقم هذا الوضع الخطير في حال تم اعتماد جهة خارجية "مستقلة" للتحكيم في شكاوى معاداة السامية، والتي تشير المعلومات بأنها ستكون تحت إشراف "غير مباشر" من المؤسسات القوية المحسوبة على اللوبي الإسرائيلي، وأنها هي من سيرسم الخط الذي تبدأ فيه حرية التعبير والخط الذي تنتهي فيه هذه الحرية عندما يتعلق الأمر بفلسطين والصراع مع دولة الاحتلال.
واستعرض التقرير بدايات الأزمة وملامحها وأسبابها الحقيقية، ودور اللوبي الإسرائيلي ومجموعات الضغط اليهودية في صناعة أو تضخيم هذه الأزمة، لتحقيق مكاسب سياسية داخل الحزب، وللتخلص من منتقدي دولة الاحتلال ومعارضي سياساتها القمعية بحق الفلسطينيين.
ويستعرض التقرير كيف استخدم اللوبي التهم المُعلبة بمعاداة السامية وفقا للتعريف الجديد لعداء السامية الذي فرضه التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست IHRA ، وبات معتمدا في العديد من دول العالم بما فيها بريطانيا، والذي يتكون من بيان مكون من 38 كلمة وأحد عشر مثالًا توضيحيًا (سبعة منها تتعلق بإسرائيل).
وحسب التقرير فإن تعريف IHRA ظهر في المشهد السياسي داخل حزب العمال بعد حملة مُنسقة من قبل الجناح البليري (نسبة لتوني بلير الزعيم الأسبق لحزب العمال) في الكتلة البرلمانية للحزب (PLP) وبدعم ورعاية غير مباشرة من دولة الاحتلال الإسرائيلي وعدد من نواب حزب المحافظين الحاكم.
وأضاف التقرير " الحملة هدفت إلى إزاحة المشهد السياسي البريطاني بأكمله إلى اليمين بشكل أكثر، واستخدام التعريف الجديد لمعاداة السامية كأداة رئيسية في منع الانتقادات الشديدة المتزايدة لدولة إسرائيل وممارساتها الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني".
وأشار التقرير إلى أن بداية الحملة المنظمة في المملكة المتحدة لاستهداف السياسيين المعارضين لسياسات دولة الاحتلال والمتعاطفين مع الحقوق الفلسطينية كانت مع حالة العمدة السابق للندن والقيادي البارز في اليسار العمالي "كين ليفينجستون"، الذي تم إيقافه في عام 2016 بسبب قوله أن أدولف هتلر كان يدعم الصهيونية. وأدت الحملة المنظمة إلى فصله من الحزب في عام 2018 بعد ضغوط واسعة النطاق من اللوبي الاسرائيلي.
وأكد التقرير أن نجاح اللوبي في إنهاء قضية ليفنجستون بهذا الشكل كان المحفز الأكبر لعمليات الطرد اللاحقة داخل حزب العمال وأجواء "المكارثية" والاتهامات بالتآمر والخيانة دون الاهتمام بالأدلة والتي باتت حلة ظاهرة في صفوف حزب العمال اليوم.
وأوضح التقرير أن الهزيمة الكبيرة لجيريمي كوربين في الانتخابات العامة في ديسمبر 2019، أعطت عملية الترويج للتعريف الجديد لعداء السامية المعتمد من التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) أهمية جديدة مع تزايد الدعوات إلى "نهج جديد" نظرًا للطبيعة الزلزالية للهزيمة.
وظهرت جماعات الضغط الموالية لإسرائيل كمصدر قلق مركزي في حزب العمال، وأهمها مجلس نواب اليهود البريطانيين (BoD)، وحركة العمل اليهودية (JLM)، وأصدقاء إسرائيل في حزب العمال (LFI)، ومؤسسة المجتمع والأمن (CST) )، والمركز البريطاني الإسرائيلي للاتصالات والبحوث (BICOM)، الذين تم منحهم نفوذًا كبيرا مكنهم من احتكار وإملاء الخطاب المتعلق بمعاداة السامية داخل الحزب.
وأشار التقرير إلى الدور الكبير الذي تلعبه هذه المؤسسات في نشر مناخ التخويف الذي تجلى في وعد الزعيم الجديد للحزب "كير ستارمر" بـ "اجتثاث" معاداة السامية داخل الجناح اليساري في حزب العمال. واعتباره مسألة استعادة ثقة الجالية اليهودية في حزب العمال هي أهم أولويات الحزب وقيادته الجديدة.
وأبرز التقرير ما توصلت إليه هيئة المساواة وحقوق الإنسان البريطانية (EHRC) حول معاداة السامية في حزب العمال والذي تم نشره في نهاية أكتوبر 2020، الذي أدان الحزب واعتبره مسؤولا عن أعمال مضايقة وتمييز غير قانونية في قضايا لها علاقة بمعاداة السامية، الأمر الذي أدى إلى تعليق عضوية جيريمي كوربين الزعيم السابق لحزب العمال ومن ثم إعادتها له (مع الإبقاء على حرمانه من منصب السوط داخل الحزب) وذلك بعد ضغط كبير من الكوادر اليسارية في الحزب وبدعم من النقابات العمالية. وقدم التقرير تحليلا نقديا لتقرير هيئة المساواة وحقوق الإنسان وما ترتب عليه من إجراءات.
وقال زاهر بيراوي رئيس منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني إن الأزمة الداخلية في حزب العمال وما نتج عنها من قرارات وسلوكيات، وما كشفته من توجهات عند القيادة الجديدة شكلت صدمة كبيرة للاشتراكيين واليساريين الذين شعروا بالاستهداف المباشر من القيادة الجديدة للحزب بزعامة ستارمر الأمر الذي جعلهم يستجمعوا قوتهم في قواعد الحزب وفي قطاع الشباب وفي النقابات العمالية وفي كثير من فروع الحزب ضمن محاولة لحماية أنفسهم وحماية حرية التعبير لأعضاء الحزب وللمجتمع البريطاني كلل، وكذلك لحماية الحزب مما أسموه الاستبداد الذي تتصف به قيادة ستارمر، حيث كان لتوحدهم الأثر الكبير في النجاح الجزئي الذي أثمر بإعادة عضوية زعيمهم السابق جيرمي كوربين للحزب.
وأضاف بيراوي " الطريق كما يبدو أمامهم طويل ويحتاجون لاستجماع كل أسباب قوتهم وحكمتهم في معركة تبدو مصيرية بينهم وبين الجناح اليميني في الحزب والمدعوم بشكل واضح من اللوبي الإسرائيلي، والتي من شأنها في حال نجحت مساعي ستارمر أن تغير في المبادئ والأسس الفكرية والتاريخية التي تأسس عليها الحزب وبالتالي قد تؤثر على وحدته وعلى برامجه وعلاقاته المستقبلية، وعلى فرص عودته لحكم بريطانيا".