بقلم: وسيم الخالدي
لاشك أن الانتخابات الفلسطينية تمثل جزءاً كبيراً من العملية الديمقراطية وتعتبر ركيزة أساسية في المجتمع الفلسطيني فهي تعمل على انهاء الوضع الفلسطيني الداخلي الصارم، ولكن قبل اللجوء إلى الحديث عن الانتخابات لابد من اصلاح العطل السياسي المستمر وهو الانقسام الفلسطيني الذي أطاح بالكثير من مصالح القضية الفلسطينية المشتركة، يجب علينا الانتهاء مباشرة من الصندوق الأسود الذي يسمى بالانقسام ومن ثم اللجوء مباشرة للحديث عن مجريات الانتخابات التشريعية والرئاسية, يعتبر حق الترشيح والانتخاب أحد أهم الحقوق السياسية التي كفلتها المواثيق والمعاهدات الدولية الناظمة لحقوق الانسان وحرياته. تلعب الانتخابات دوراً مهماً في ارساء نظام ديمقراطي راسخ عبر دورية الانتخابات لاختيار ممثلي الشعب كما وتعتبر الانتخابات من أهم ركائز أنظمة الحكم الديمقراطي فمن خلالها يتمكن المواطن الفلسطيني من ممارسه حقه في صنع القرار والمشاركة السياسية، من حق هذا الشعب الذي صمد وصبر إلى أكثر من 15 عاماً أن ينتخب ويمارس العملية الانتخابية الديمقراطية.
مشوار الفصائل الفلسطينية خلال ال14 عام هل سيستمر القطار في السير أم سيتوقف!!.
استمرت اللقاءات بين قطبي الصراع الفلسطيني الداخلي بين حركتي فتح وحماس في مواصلة اللقاءات ما بعد عام 2007 إلى مجموعة من الاتفاقيات التي تهدف إلى تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الملف الفلسطيني الداخلي. بداية كان أول اتفاق انعقد في مكة عام 2007 والذي نص على معالجة الخلافات العالقة بين الطرفين وتشكيل حكومة وحدة وطنية وقد شارك كلا من السيد الرئيس محمود عباس والسيد خالد مشغل كرئيس للمكتب السياسي لحركة حماس. ربما كان هذا الاتفاق الأول الذي سينبني على بنود وركائز ناجحة، على الرغم من الأجواء الايجابية التي سادت في اللقاء إلا أن الخلافات الموجودة والقائمة بغزة حولت المجريات في مسارها السلبي وتم فشل هذا الاتفاق بعد سيطرت حركة حماس على قطاع غزة.
وفي شهر ديسمبر من عام 2011 عقد اتفاق أخر سمي باتفاق القاهرة والذي كان برعاية مصرية وهذا الاتفاق الذي ارتكز على عدة شروط وقواعد أساسية وهي تشكيل حكومة وحدة وطنية ومعالجة القضايا العالقة في الشأن الفلسطيني وأبرزها الانقسام الفلسطيني الداخلي وإعادة هرم منظمة التحرير. لم تكتفي الفصائل الفلسطينية بهذا الاتفاق فحسب, والتحقت باتفاق أخر وهو اتفاق الشاطئ الذي انعقد في شهر ابريل من عام 2014 والذي كان من أهم وأشد الاتفاقيات المنعقدة آنَذاك والمرسومة بين طرفي الانقسام، نص هذا الاتفاق على ضرورة تشكيل حكومة الوفاق الوطني وحل اللجنة الادارية في غزة ولكن هذا الاتفاق لم يكن كفيلاً بإنهاء الانقسام حيث أن حكومة الوفاق لم تستلم مهامها بشكل كامل في قطاع غزة وعلى الرغم من وجود أربع وزراء مستقلين من القطاع.
الانتخابات الفلسطينية في طريق النجاة!!.
في شهر سبتمبر الماضي تصدر المشهد السياسي عن اجراء انتخابات فلسطينية تشمل التشريعي والرئاسي حيث تم انعقاد اجتماع للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية بعد سنوات كثيرة من التعطيل في بيروت ومدينة رام الله وتم الحديث في هذا الاجتماع عن التوافق على أليات انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الفلسطينية ومناقشة سياسات صفقة القرن ومواجهة التحديات التي تمارسها الادارة الأمريكية بحق الشعب الفلسطيني. لاشك أن اجتماع الأمناء كان بصورته الواضحة في المسار الصحيح والصائب، لم يتوقف هذا الاجتماع بعد فقد طلب السيد الرئيس محمود عباس من أعضاء اللجنة المركزية بقيادة السيد جبريل الرجوب رئيسًا للوفد المفاوض باللقاء مع عضو المكتب السياسي لحركة حماس بقيادة صالح العاروري فقد كانت جولة دولية تبدأ بالدوحة ومن ثم اسطنبول وأخيراً جمهورية مصر العربية لقد تم الاتفاق على عدة شروط من أجل اعلان المرسوم الرئاسي بإجراء الانتخابات ولكن المحطة الأخيرة في مصر كانت المعيق لهذه المجريات الميدانية وفي حديث عبر تلفزيون فلسطين أكد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح السيد روحي فتوح أن الاتفاق اشتمل على تشكيل الوحدة الوطنية وانهاء الانقسام والبدء بإعلان المرسوم الرئاسي للانتخابات بداية بالتشريعية " البرلمانية " ومن ثم الرئاسية ولكن كان لحركة حماس حديث أخر بعرقلة الاتفاق السابق بالدوحة! وأكد السيد روحي أن ملف المفاوضات ما زال مفتوحاً وأيادينا ممدودة دائماً في مصلحة شعبنا الفلسطيني الذي ذاق الأمرين.
سياسة ترامب ونتنياهو في تعزيز السلام المزيف!!.
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن سلسلة من المبادرات التي كانت بحجة تعزيز السلام العادل والشامل للفلسطينيين والإسرائيليين فتم عقد أول مبادرة كانت لصهره "جاريد كوشنير" في مؤتمر المنامة لم أكن أعلم بأن هذا الولد الشاق سيظهر لنا الكثير من الطغيان العربي الهزيل وبعد انعقاد مؤتمر المنامة الاقتصادي في البحرين الذي كان يهدف إلى تقديم خدمة للفلسطينيين من خلال تزويدهم بمشاريع تنموية تقضى على معيقات هذا الشعب، ولكن ربما هذا الولد كانت له أبعاد سياسية كبيرة جدا وهي تعزيز السلام في الشرق الأوسط كما نلاحظ اليوم من التطبيع العربي المشين والفاشي ومن ثم عزز ترامب بمبادرة جديدة سميت بصفقة القرن الذي أطاحت في الكثير من المعالم الفلسطينية بالقضاء على أكثر 70% من الأراضي الفلسطينية والاعتراف الكلي بدولة الكيان كصاحبة السيادة واعطاء الفلسطينيين بقعة صغيرة من أراضيهم، اتفاقية السلام الأمريكية أو ما تعرف بصفقة القرن التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي رسمياً في شهر يناير من العام 2020 عكست هذه المتغيرات الجديدة وقدمت للعرب صيغة مختلفة للسلام بدل الأرض مقابل السلام أصبحت السلام مقابل السلام وبشكل مختصر السلام مقابل تعاون اسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية ،اتفاقيات السلام التي يطرحها البعض قبل ثورات الربيع العربي كان السلام مقابل تسوية الحقوق ولكن الأن أصبح السلام المطروح على الطاولة من جانب اسرائيل وترامب هو السلام الذي يقوم على تجاوز هذه الحدود بتجاوز القضية الفلسطينية وتجاوز هضبة الجولان. ولكن هذا السلام لا يعود بالنفع للقضية الفلسطينية بل يزيدها ارهاقا كما ذكر في وثيقة الكتاب الأسود "181"... بدأت القيادة الفلسطينية تراقب الانتخابات الأمريكية عن كثب ربما كانت تتمنى انهيار المنظومة الأمريكية بقيادة ترامب لأنه أزعج وحول كل مجريات القضية للأسوء، انتهت الانتخابات وجيء موعد الحصاد وتأهل جو بايدن للرئاسة الأمريكية بعدما ترشح مرتين خلال السنوات السابقة لابد أن ندرك أن بايدن لا يختلف كلياً عن سياسية ترامب فكلاهما ينفذون سياسات اللوبي الصهيوني ولكن الفرق بأن ترامب يتحدث ويفعل دون التراجع ومتهور جداً بينما بايدن يريد أن يكمل مسيرة باراك أوباما الذي أضاع قضيتنا بالوعود المزيفة، الديمقراطيين ليس من مصلحتهم فتح ملف القضية الفلسطينية على الطاولة وتبقى سياسة بايدن مرهونة بدعم حل الدولتين وبضم هضبة الجولان لإسرائيل، ربما الأيام القادمة ستشهد ضغط كبير على اسرائيل من قبل الادارة الأمريكية لإيجاد حلول سياسية مطروحة ومرضية للشعب الفلسطيني.
التطبيع العربي وخروج السلطة من صندوق الوهم!!.
تفاجأت السلطة الفلسطينية منذ فترة وجيزة عن انهيار المنظومة العربية بتطبيعها الكامل مع دول الكيان بحجة تعزيز السلام بين الفلسطينيين و الإسرائيليين ولتوقيع علاقات دبلوماسية ولتفاقم تعزيز المصالح التجارية الصناعية، لم تتعود السلطة الفلسطينية على ضربات العمق العربي بهذا الشكل وأشارت بأن هذا العمل الغير أخلاقي لا يقلل من استمرارنا نحو الحرية والاستقلال، أثيرت السلطة الفلسطينية من هذا العمل وطلبت باجتماعات مكثفة لأعضاء اللجنة المركزية للبحث في سبل وأليات الخروج من هذا المأزق. جاءت مقررة بانعقاد انتخابات فلسطينية على المدى القريب وبأسرع وقت لإدراك هذا الخلل الذي حصل. لم تكن دولة الامارات العربية كأول دولة فحسب بل التحق بها الكثير منها البحرين والمغرب والسودان، التطبيع مع إسرائيل يعني جعل علاقات دول العالم طبيعية مع إسرائيل بعد كافة المجازر والاعتداءات التي قامت بها ضد الشعب الفلسطيني، وعلى الرغم من وجود العديد من الدول التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل إلا أن هناك العديد من الدول التي ترفض التطبيع حتى يومنا هذا، ومنها دولة الجزائر.
المجتمع الدولي وانتخابات القدس بين الرفض والقبول!!.
تتمتع مدينة القدس بدرجة عالية من الخصوصية نظرا لأهميتها الدينية والسياسية للشعب الفلسطيني, في ظل رفض دولة الكيان من إجراء انتخابات فلسطينية وتحديداً في مدينة القدس تعالت أصوات المجتمع الاسرائيلي في شارع بلفور يطالبون برحيل بنيامين نتنياهو وبعدم التدخل بشؤون الحياة الفلسطينية على صعيد الانتخابات. ما زال المجتمع الدولي يؤمن بحق القضية الفلسطينية وبحق تقرير المصير الفلسطيني ولابد من الوقوف بجانبنا حتى نمارس العملية الديمقراطية بالانتخاب بعد غيابها الطويل عن الساحة الفلسطينية، وفي ظل رفض دولة الكيان من إجراء انتخابات فلسطينية وتحديداً في مدينة القدس تعالت أصوات المجتمع الاسرائيلي في شارع بلفور يطالبون برحيل بنيامين نتنياهو وبعدم التدخل بشؤون الحياة الفلسطينية على صعيد الانتخابات. المجتمع الدولي يعلم تماماً مدى الحاجة عند الفلسطينيين بتحديد موعد انتخاباتهم. لاشك أن عقد الانتخابات الفلسطينية بالقدس المحتلة أولوية وطنية وسياسية وعدم عقدها يعني تكريس فصلها عن بقية المكونات الفلسطينية حيث قام معالى رئيس دولة الوزراء الدكتور محمد اشتيه بعقد اجتماع مع مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية البريطانية. أعتقد أن الضغط من قبل المجتمع المدني سيلجأ الأطراف السياسية لتحديد عقد الانتخابات.
وفي سياق أخر بموافقة الفصائل على ما جاء في رسالة الرئيس التى حملها حنا ناصر ولكن يبقى الرفض الاسرائيلي سيد الموقف وعلى الرغم من حكومة نتنياهو التعنت في عدم السماح للمقدسين بالانتخاب الا أن هناك أبواب مفتوحة لهذا النقاش، لاسيما وأن اسرائيل تعيش حمى المنافسة الانتخابية بين اليمين الديني واليمين السياسي، ما زال الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" مصمم على اجراء الانتخابات في القدس لأنه يعلم بأن السيادة الفلسطينية تكمن في القدس وأسوار القدس. اصدار المرسوم الرئاسي فإنه يمثل وسيلة ضغط على الاحتلال أما الرهن على الموافقة الاسرائيلية فهنا يعني وضع الفيتو بيد اسرائيل وتأجيل عقدها حتى إشعار أخر. تحدث بعض الخبراء السياسيين بأن تأجيل المرسوم مرتبط ارتباط كلي بمعرفة نتيجة الانتخابات الاسرائيلية المنعقدة في شهر مارس من العام القادم 2021.
وفي سياق أخر أشار المركز الفلسطيني للبحوث والسياسية والمسحية بأن هناك نسبة 61% تريد من الرئيس الفلسطيني الاستقالة وهناك نسبة 59% غير راضية على أدائه، كما وأكد مركز البحوث بأن من الممكن فوز حركة حماس بنسبة 32% مقابل 40% لحركة فتح وهناك 5% سيصوتون لمحمد دحلان وبهذا التصويت ربما تنخفض نسبة حركة فتح وتكون متقاربة مع نسبة حركة حماس.
لاشك بأن هناك تخوف واضح من قبل حركة فتح وخصوصا أعضاء اللجنة المركزية من قدوم محمد دحلان ويبقى الصراع على الخلافة من قبل أعضاء اللجنة المركزية مرهون على الانتخابات القادمة اذا تم الاعلان عنها، وفي حديث أداره السيد الرئيس مع زوجة القائد مروان البرغوثي أشار لها بأن مروان سيكون الرئيس القادم لحركة فتح وللشعب الفلسطيني.
السيناريوهات المرتقبة في العام القادم!!.
1_ من المحتمل دخول كلا من المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان في توطيد العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع دولة الكيان " التطبيع"
2_ ضغط كبير من المجتمع الدولي باتجاه السماح للفلسطينيين بإجراء انتخابات بمدينة القدس بشكل عام وربما سيكون الضغط أيضاً من قبل المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية في هذا الاتجاه.
3_ من المحتمل في شهر فبراير من العام القادم سيتم إعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وتفعيل التمويل الأمريكي لوكالة غوث وتشغيل للاجئين الفلسطينيين "الأونروا" وللسلطة الفلسطينية علماً بأن مجموع الدعم المالي التي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية شهرياً يقدر 725 مليون دولار، وتوقيف ملف خطة الضم.
4_ من المحتمل الاعلان عن الانتخابات الفلسطينية في شهر مايو من العام القادم وخصوصاً بعد معرفة مجريات الانتخابات الاسرائيلية إلى أين ستذهب هل سيتم تشكيل حكومة جديدة بقيادة "بيني غانتس" أم سنلجأ إلى انتخابات خامسة.
5- لن يتم سحب اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل.