شمس نيوز / عبدالله عبيد
"نيو لوك".. وصف أطلقه بعض الفلسطينيين على مشهد توقيع اتفاق المصالحة بين الحركتين المنقسمتين منذ سنوات سبع، ظنا منهم أن عجاف السنين قد ولّت بلا رجعى، وحلّت مكانها حقبة خضراء، تحمل في طياتها بشريات لطالما انتظرها بفارغ الصبر فلسطينيون أضناهم الحصار، وشتت شملهم تمزق الوطن المحتل.
ورغم اتفاق مختلف شرائح الشعب الفلسطيني على ضرورة إنهاء الانقسام وتصالح الأشقاء، إلا أن التطلعات والأمنيات تختلف من فرد إلى آخر، ومن بيت إلى غيره، فمنهم من يرغب بالمصالحة ليحقق حلمه بفتح معبر رفح، وآخرون يرغبون في أن تعود مصانعهم للعمل بعد أن صدأت محركاتها، وغيرهم يرغبون في العيش بكرامة بعيدا عن مناكفات أتت على الأخضر واليابس بلا هوادة.
وفي الجانب الآخر، حيث المشهد الإسرائيلي والأمريكي المعارض لاتفاق المصالحة، بحجة أن حماس "إرهابية"، قرع هؤلاء طبول التهديدات الاقتصادية في محاولة لتقويض ما تم الاتفاق عليه في غزة قبل أيام، حيث قالت الإدارة الأمريكية إن التصالح مع حماس يعني إعادة النظر في المساعدات القادمة من الولايات المتحدة إلى السلطة الفلسطينية، وغردت حكومة الاحتلال الإسرائيلي في نفس السرب، باجتماع طارئ لمجلس وزرائها المصغر بحث فرض عقوبات اقتصادية على السلطة.
الرد كان من دول عربية وغربية وأوروبية، رحبت باتفاق المصالحة وأبدت استعدادها لدعمه، مثل قطر وتركيا ومصر وفرنسا والصين وروسيا وغيرهم، ما يعني أن كلمة السر الضائعة لفتح مغارة "علي بابا" قد وجدت ونطق بها المتخاصمون أخيرا.
انفتاح على العالم
ويرى محللان اقتصاديان أن تطبيق اتفاق المصالحة سيخلق نتائج إيجابية كبيرة على الشعب الفلسطيني، وسيؤدي إلى انفتاح على العالم من خلال فتح المعابر وتحسين الأوضاع الاقتصادية.
وأكد المحللان على ضرورة تشكيل حكومة "تكنوقراط" مستقلة، لتحظى بالدعم العربي والعالمي، مطالبين الدول العربية أن تفي بالتزاماتها تجاه القضية الفلسطينية لمواجهة التحدي الاقتصادي الذي تمر به، بعد تهديدات الحكومة الإسرائيلية بفرض عقوبات اقتصادية على الفلسطينيين.
وكانت حركتا حماس وفتح قد وقعتا اتفاق المصالحة مساء يوم الأربعاء الماضي، لإنهاء حقبة من الانقسام دامت سبع سنوات.
وأكد المحلل السياسي، سمير أبو مدللة، أن المصالحة الفلسطينية ستعود بالفائدة الكبيرة على الشعب الفلسطيني حال تنفيذها، مضيفا: سيكون هناك انفتاح على العالم وتحسن على الأوضاع الاقتصادية إذا تم فتح المعابر، وإذا كان المقابل دعم الدول العربية والأوروبية للفلسطينيين سياسيا وماليا".
وقال أبو مدللة لـ"شمس نيوز": أما إن كان سينتج عن المصالحة السيناريو الآخر، بأن تشدد إسرائيل قبضتها مرة أخرى على المعابر، وتمارس قرصنة على أموال المقاصة الفلسطينية، مع موقف عربي ضعيف في دعمه للقضية الفلسطينية، فإن ذلك سيؤدي إلى أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة".
وأعرب المحلل الاقتصادي عن اعتقاده بأن المصالحة الفلسطينية ستكون كلمة السر لفتح معبر رفح حال إتمام تطبيقها، موضحاً أن تشكيل حكومة وحدة ووفاق وطني بمسؤولية أبو مازن، سيجعل الجانب المصري يُخفف من الحصار وسيحسن أوضاع معبر رفح.
وطالب أبو مدللة الدول العربية بالوفاء بالتزاماتها تجاه السلطة الفلسطينية لمواجهة التحديات الاقتصادية المتوقعة، لأن الفترة القادمة ستكون فترة اشتباك مباشر مع العدو في المفاوضات عنوانها التوجه الفلسطيني نحو الأمم المتحدة، "وهذا يحتاج إلى موقف عربي يدعم ويقوي صمود الشعب الفلسطيني".
اهتمام شديد
في السياق ذاته، أوضح المحلل الاقتصادي عمر شعبان، أن اتفاق المصالحة لاقى اهتماماً شديداً من الدول الإقليمية العربية والإسلامية، مشددا على وجوب تشكيل حكومة مستقلة تساعد الشعب الفلسطيني في حل مشكلاته الاقتصادية.
وقال شعبان لـ"شمس نيوز": إذا كانت الحكومة المرتقبة حكومة تكنوقراط ومستقلة سيعترف بها المجتمع الغربي، وسيتجدد الدعم العربي والعالمي لها، أما إذا تشكلت حكومة قوى سياسية، فأعتقد أن الوضع سيبقى كما هو، وأن اتفاق المصالحة لم يأت بجديد للمواطن الفلسطيني."
وأكد على أن اتفاق المصالحة لن يتم إلا من خلال تشكيل حكومة مستقلة ترفع الحصار، منوهاً إلى أن المصالحة ستحل العديد من الأزمات حال تطبيقها، وحال تشكيل حكومة بالمواصفات المذكورة آنفاً.
