غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

حواضن المقاومة

محمد مشتهى
قلم/ د. محمد مشتهى

قوة المقاومة بقوة أخلاقها والقِيَم التي تحملها ثم بقوة سلاحها، قوة المقاومة بقوة نيرانها المصوّبة تجاه الاحتلال وضد من يقترب من سلاحها، ومن يضبط المقاومة هي المقاومة نفسها ثم بيئتها الحاضنة لها والمكونة من أعضائها والمتعاطفين معها.

البيئة في غزة إلى حد كبير هي بيئة مقاوِمة، والرهانات العسكرية دائما لا تكون على مجموع الناس بل على بيئة المقاومة الداعمة لها، لأنه لا يوجد إجماعٌ بنسبة 100% على المقاومة، تماماً كما لا يوجد اجماع مطلق على كل شيء، فالمقاومة "مثلا" في لبنان لا يوجد إجماع عليها، بل على العكس تماماً فهناك شرائح عديدة في المجتمع اللبناني ضد حزب الله وسلاحه، لكنه كمقاومة هو يحرص على أعضائه كما يحرص على رمش عيونه، وفي المقابل هو يهتم بحاضنته والبيئة المتعاطفة معه ويحرص عليهم، لأنه يعلم بأن ضمانته هي بيئته ثم سلوك أفراده في الميدان، والمقاومة الفلسطينية ليست استثناء عن ذلك، فضمانتها هو سلاحها المصوّب تجاه العدو ثم أداءها في الميدان ثم بيئتها الحاضنة لها.

وإنَّ تعامل وسلوك وأداء أعضاء التنظيم المقاوِم هو الذي يؤثّر على بيئة المقاومة ككل، وبقدر حُسن أداءهم السياسي أو الاجتماعي أو النقابي أو الطلابي أو الخيري أو الدعوي فإنه يُحسب معدّل اقتراب أو ابتعاد الحاضنة الجماهيرية من المقاومة، لذلك من المهم رعاية وحماية بيئة المقاومة ولا يجوز ايذائها أبدا، لأن ايذاء حاضنة المقاومة بأداء ميداني سيئ هو ايذاء للمقاومة نفسها، وكأن المقاومة بهذه المقابلة تؤذي نفسها بأدائها، ثم إن اليد التي تمتد على بيئة المقاومة الداعمة لها هي يدٌ جبانة ولا يمكنها محاربة العدو، وتلك اليد هي أول من تترك السلاح وتهرب من بداية المعركة، فاليد التي تقاتل العدو هي يد إنسان نظيف ثوري، يد إنسان متسامح ومتصالح ومحب لبيئته، لذلك مطلوب أن نتلمس احتياج ومطالب حواضن المقاومة، وأن نكون مبدئيين وثوريين ومحترمين مع الخصوم السياسيين، لكن في المقابل يجب قمع وقطع يد كل من يتآمر على سلاح المقاومة ولا تسامح في ذلك.

بيئة المقاومة عندما تجوع وتصرخ مطلوب توفير الطعام والشراب لها وتفهّم مطالبها وحمايتها، فالرسول - صلَّى الله عليه وسلم-  ربط حجرين على بطنه من شدة الجوع والحصار، وهنا لا يُطلب من المقاوِم أن يربط حجرين مثل الرسول - صلَّى الله عليه وسلم - بل يكفي ربط حجر واحد مثل صحابته الكرام، لكن ألاَّ يتم لوم وقمع حاضنة المقاومة، وهل مطلوب بعدها التصفيق لمن يفعل ذلك ثم اعتبار ما يجرى هو من أجل المقاومة؟!!! هذا أداء ركيك معطوب وفهم ليس دقيقاً، والأولى هو دراسة وفحص مطالب حاضنة المقاومة وحمايتها بتقديم أداء اقتصاديٍّ جيد وليس لومهم أو قمعهم بحجة حماية المقاومة.

مطلوب عدم خسارة حاضنة المقاومة باسم المقاومة، وفي الوقت نفسه عدم التخلي عن المقاومة لأجل رغبات الناس، ومطلوب من المقاومة وضع استراتيجيةِ صمود للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج والتي أولى مبادئها أن المقاوِم هو أول من يقدّم وآخر من يأخذ وليس أول من يأخذ وآخر من يُعطي بحجة أنه من المقاومة!!، وإنّ الحفاظ برمش العيون على سلاح المقاومة وعلى طهارة المقاومة مطلوب وواجب، وأما ما اقتضى من حقوق الناس سواء كانت أمور مطلبية أو حتى سياسية مطلوب حمايتها.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".