حالة من التخبط والارتباك تعيشها حكومة نفتالي بينت الصهيونية بعد ان ألغت محكمة الصلح "الإسرائيلية" في مدينة القدس المحتلة، قيودا مفروضة على عدد من المستوطنين تشمل أوامر إبعاد عن البلدة القديمة في القدس، بعد أن كانوا قد أدوا طقوسا تلمودية في باحات المسجد الأقصى. وجاء في نص قرار المحكمة أنه باستطاعة المقتحمين للمسجد الأقصى من المستوطنين، أداء صلوات يهودية في باحاته، معتبرة أن ذلك "لا يعد مخالفة جنائية"، بما في ذلك أداء ترتيلات وقبلت المحكمة بذلك استئنافا تقدمت به منظمة "حوننو" ضد قرار إبعاد ثلاثة مستوطنين عن البلدة القديمة في المدينة المحتلة، ومنحت ضوءا أخضرا لليهود لأداء صلوات وطقوس تلمودية في المسجد الأقصى الأمر الذي يخالف تفاهمات "الوضع القائم" (في القدس المتعارف عليها منذ العام 1852. وقد أصدرت الحكومة الصهيونية، بيانا مقتضبا أعقب التنديد الرسمي الأردني على القرار القضائي الإسرائيلي، جاء فيه أنه "لا يوجد تغيير في الوضع القائم في جبل الهيكل (في إشارة إلى الأقصى) ولا خطط للقيام بذلك". وأضافت أن "قرار محكمة الصلح يتعلق حصريا بقضية سلوك القاصرين (المستوطنين) المعروضين عليها، وليس من شأنه أن يشكل قرارا أوسع بشأن حرية العبادة في جبل الهيكل (الحرم القدسي)". وذكرت الحكومة أن النيابة العامة الإسرائيلية تعتزم الاستئناف على قرار محكمة الصلح المتعلق بقضية المستوطنين الثلاثة للمحكمة المركزية، وفي قراره كتب القاضي الصهيوني "في رأيي، لا يمكن القول إن الركوع وتلاوة التراتيل في جبل الهيكل يشكلان مخالفة جنائية لارتكاب سلوك قد يؤدي إلى الإخلال بالسلم العام".
ولان التصريحات الصهيونية لا تخرج عشوائيا فان قرار القاضي الصهيوني استند لتصريح سابق لما يسمى بوزير الأمن الداخلي، عومر بارليف، وما يسمى بالمفتش العام للشرطة، يعقوب شبتاي، أدلى بها خلال شهر رمضان، وقال "جبل الهيكل (المسجد الأقصى) مفتوح أمام الجميع. تسمح شرطة "إسرائيل" لجميع سكان البلاد والمناطق (المحتلة، في إشارة للضفة) الذين يأتون للصلاة بالصعود إلى الجبل (الأقصى) وممارسة عباداتهم الدينية" معتبرا أن المستوطنين الثلاثة "لبوا نداء المفتش العام للشرطة ولم يتصرفوا لما يخالف تصريحاته ودعوته العلنية ولا يمكن أن يشتبه بارتكابهم جريمة جنائية نتيجة لذلك", ويبدو ان "إسرائيل" تمضى متسارعة في مخطط التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى, ولكنها تصطدم بمواقف صلبة لفصائل المقاومة الفلسطينية, مما يعني ان أي محاولة لاقتحام الأقصى وإقامة الطقوس التلمودية داخله ستؤدي الى اندلاع مواجهة عسكرية مع المقاومة الفلسطينية, وربما تؤدي لانتفاضة عارمة في وجه الاحتلال على غرار انتفاضة الأقصى عام 2000م عندما اقتحم المقبور ارئيل شارون باحات المسجد الأقصى, ولان عواقب هذا القرار خطيرة ونتائجه قد تكون كارثية فقد هاجم بعض الإسرائيليين قاضي محكمة الصلح الصهيونية فما يسمى بوزير التعاون الإقليمي في حكومة الاحتلال عيساوي فريج قال إن "قرار السماح بانتهاك الوضع الراهن في الأقصى غير مسؤول وخطير". وأضاف أنه "لوقف اشتعال الوضع، يجب على المستشارة القضائية للحكومة ومكتب المدعي العام استئناف القرار وطلب رفض تطبيقه، قبل أن نجد أنفسنا في دوامة من العنف نتيجة لجنون قاضٍ واحد".
والسؤال المطروح اليوم هل من الممكن ان تتراجع حكومة الاحتلال المهترئة برئاسة الصهيوني المتطرف نفتالي بينت عن خطواتها التصعيدية امام تهديدات فصائل المقاومة الفلسطينية، من الواضح ان حكومة بينت منقسمة لذلك هي تحاول البحث عن حلول وسط لا تفجر الأوضاع ولا تدفع باتجاه معركة جديدة مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، خاصة مع انطلاق دعوات للمستوطنين بتسيير مسيرة الاعلام في 29 من الشهر الجاري بالقدس المحتلة، تلك الدعوة التي عارضها وزراء حزب ميرتس اليساري الصهيوني، والتي من المقرر إقامتها وسط القدس على أن تخترق البلدة القديمة , الامر الذي تحاول حكومة بينت البحث عن مخرج من خلال منع المسيرة من دخول الاحياء العربية في القدس ومن التمركز في منطقة باب العامود. وبحسب إذاعة الجيش الصهيوني، فإن عيساوي فريج وزير التعاون الإقليمي، تساءل خلال جلسة الحكومة عن سبب مرور المسيرة من باب العامود. ورد رئيس الحكومة الصهيونية نفتالي بينيت بالقول: "دائمًا هكذا تمر المسيرة عبر باب العامود، رئيس الوزراء السابق استجاب لضغوط حماس العام الماضي ومنعها من المرور، لكن هذه المرة سنسمح لها بذلك وفق موافقة المسؤولين عن ذلك". فيما وصفت ما تسمى بوزيرة البيئة تمارا زاندبيرغ المسيرة بانها نشاط سياسي استفزازي. وتدخل ما يسمى بوزير شؤون القدس زئيف إلكين، وقال: "لماذا نسميه استفزاز.. هكذا يتم الاحتفال بيوم القدس"، فيما ردت بيتون: يجب رفع العلم الإسرائيلي بكل فخر في كل مكان", وهنا تبقى الكلمة الفصل لفصائل المقاومة الفلسطينية وغرفة العمليات المشتركة ويبدو ان كل الطرق تؤدي الى مواجهة مع الاحتلال.