"سلامة عابد" الرجل الصامت، رفيق درب الشهداء، الحافظ لوصاياهم وكاتم أسرارهم، سارع الخطى مع إخوانه في طريق الجهاد والمقاومة؛ حتى لقي الله عز وجل شهيداً كما أحبَّ وتمنّى، فكان رمزاً للعطاء وقدوةً للأجيال.
الميلاد والنشأة
سلامة محارب عابد من مواليد 22/2/1983م بحي الشجاعية شرق مدينة غزة، نشأ في أحضان أسرة إسلامية كريمة مجاهدة حاضنة للمقاومين.
عُرِف القائد عابد بحنانه الكبير على والديه اللذين أحبهما وأحباه؛ فكان باراً بهما ومطيعاً لهما ويعمل على إرضائهما، كذلك كانت علاقته مع إخوته قوية جداً، شديد العطف والاحترام، صاحب قلب حنون لا يقسو عليهم أبداً، حريصاً على صلة رحمه وزيارة أقربائه.
كان محبوبًا بين الناس لا يكره أحد، عُرف بتواضعه وقُربه من البسطاء، كما أنه يتصف بـ "الحس الفكاهي" فلا تجده عابس الوجه مهما ساءت الظروف.
الأب الصديق
تزوّج شهيدنا وأنجب أربعة من الأبناء أصغرهم "بهاء" لم يتجاوز عمره العامين ونصف، وكان قد سمّاه تيمنًا بقائد أركان المقاومة الشهيد بهاء أبو العطا.
لم يكن القائد سلامة عابد زوجًا أو أبًا فحسب، بل كان صديقًا لزوجته وأبنائه، قريباً منهم، يُحب أن يراهم سعداء على مدار الوقت، ويفعل لأجل ذلك كل ما بوسعه"، كما تقول زوجته التي لم تعهد عليه أن ضرب أولاده ولو عن طريق المزح، فدائمًا يغلبه الحنان وحبّه الكبير لهم، وكان في أوقات الحروب يبحث عن الأمان بشتّى الوسائل ليُخرج أطفاله من أجواء الخوف والقلق، "يقضى الوقت معهم باللعب، والإنشاد، والمسابقات، يُصبح طفلًا برفقتهم لأجل أن يكونوا بخير وطمأنينة".
في صفوف الجهاد والمقاومة
منذ صغره تعلّق قلب القائد سلامة عابد بحب الجهاد والمقاومة، فانتمى إلى حركة الجهاد الإسلامي منذ نعومة أظفاره، وعمل في إطارها الطلابي، فكان مثالاً للالتزام والاجتهاد.
مطلع العام 2001 التحق القائد سلامة عابد في صفوف سرايا القدس، وعمل في وحدات السرايا المختلفة من سلاح المدفعية إلى سلاح المشاة.
وبحكم تخصصه الجامعي بقسم المحاسبة، انتقل للعمل في ملف المالية بلواء غزة؛ فكان مثالاً يُحتذي به في الأمانة والإخلاص والحرص على أموال المجاهدين.
رفيق درب الشهداء وكاتم سرهم
نظراً لإخلاص القائد سلامة عابد وسريته وأمانته، اختاره الشهيد القائد بهاء أبو العطا ليكون معاوناً له، فأصبح معاونا وملازماً له في كافة المعارك والجولات التي خاضتها سرايا القدس ضد المحتل الصهيوني، وكاتماً لسر البهاء.
وفي عهد الشهيد القائد تسير الجعبري استمر الشهيد سلامة على نفس النهج فكان المعاون والرفيق للشهيد أبو محمود وكاتم سره أيضاً.
ونجى الشهيد سلامة من محاولة اغتيال سابقة بغزة برفقة الشهيد القائد بهاء ابو العطا والشهيد القائد تيسير الجعبري، وعرف عنه حب العطاء والبذل وكان من رجال السرايا الأوفياء.
الموت يهدده
منذ نعومة أظفاره يهدده الموت وكان دائمًا قريبًا منه، ففي عامه السادس، تعرّض لحادث خطير، ومكثَ على إثره ستة أشهر في المشفى، ثم أجريت له عملية جراحية خطرة بعدها بعدة سنوات، ومطلع انتفاضة الأقصى عام 2000 أصابته رصاصة صهيونية معدنية مغلفة بالمطاط في رقبته ولكنه لم يستشهد، وأصيب عام 2004 أثناء تصديه لاجتياح صهيوني لحي الشجاعية برفقة الشهداء هيثم عابد وإسماعيل أبو العطا، ومكث بالعناية ثمانية أشهر. وخلال العدوان الصهيوني على غزة عام 2014 استهدف الاحتلال شقة سكنية كان فيها القائد سلامة عابد برفقة الشهيد بهاء أبو العطا لكنه نجا، كما في كل مرة.
موعد مع الشهادة
في الخامس من أغسطس/آب 2022 ارتقى القائد سلامة عابد (أبو عمر) برفقة قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس "تيسير الجعبري" (أبو محمود)؛ إثر قصف طائرات الاحتلال شقة سكنية في برج فلسطين في حي الرمال وسط مدينة غزة، ليرتقي إلى العلا بعد رحلة جهادية مشرفة حافلة بالتضحيات والعطاء.