حالة من الحزن والصمت القاتل يسيطر عليهم، الدموع تنهمر كالنهر من عيونهم، يجلسون أمام ثلاجات الموتى يترقبون أبوابها الموصدة، أجسادهم ترتجف في انتظار لحظة الحقيقة، فعدي لن يلتقي بهم أو يأتي إليهم على أقدامه ككل يوم؛ إنما محمولًا على الأكتاف.
الحروف والكلمات لا يمكن أن توصف المشهد المؤلم، فوالد الشهيد عدي طراد صلاح، يعيش لحظات قاسية بخطف فلذة كبده في غمضة عين، يقول: "ربيت عدي بدموع العين لمدة 17 عامًا، وبلحظة قتلوا ودمروا كل الأحلام".
معاناة طراد بدأت منذ البداية؛ فقبل 17 عامًا كان طراد معتقلا في سجون الاحتلال الإسرائيلي حينما وضعت زوجته طفله البكر "عدي"، حُرم طراد من احتضان طفله الرضيع ورؤيته يكبر لحظة بلحظة، وحين أفرج الاحتلال عن والده؛ كان قد بلغ عدي من العمر 3 أعوام.
في تلك اللحظات تعهد طراد ألا يترك عدي مطلقا، فكان خير الأب الذي بذل الغالي والنفيس؛ ليصبح عدي شابا يواجه صعوبة الحياة، يقول والده: "كان يحلم بأن يعيش كغيره من شباب العالم؛ لكن قتلوا كل الأحلام ودمروا كل الطموحات".
ويضيف والد الشهيد عدي بحزن وألم يعتصر قلبه: "كلنا عدي، وكل أحلامنا تختطف برصاصة قاتل إسرائيلي لا يحترم مواثيق أو قوانين إنسانية ودولية مطلقًا، يقتحم كل يوم مدينة جنين بطريقة وحشية؛ بهدف القتل وتدمير أحلام الشباب".
يُشار إلى أن وزارة الصحة في جنين أعلنت استشهاد الفتى عدي صلاح (17 عامًا) وإصابة عدد آخر من الشبان برصاص قوات الاحتلال عقب اقتحامها لقرية كفر دان غرب جنين فجر اليوم.
وكانت قوات كبيرة من جيش الاحتلال داهمت منزلي ذوي الشهيدين أحمد وعبد الرحمن عابد، اللذين استشهدا أمس قرب حاجز الجلمة العسكري شمال جنين، وأخذت قياسات منزلي الشهيدين؛ تمهيدًا لهدمهما.