غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

المصالحة المنشودة.. صفر كبير

المصالحة في الجزائر
بقلم/ ياسر عرفات الخواجا

شكرًا لدولة الجزائر الأبية، جزائر الثورة والإسلام والعروبة على استضافة الوفود الفلسطينية، شكرًا على الإحساس ومشاعر الإخوة الدافعة نحو وقف نزيف الانقسام المقيت والمنبوذ في أدبيات الشعب الفلسطيني الحر المقاوم، هذا الانقسام الذى أخذ معه الأخضر واليابس، وأعاد القضية الفلسطينية إلى الزاوية المعتمة، وإلى مربعها الأول، وتسبب في ضياع المشروع الوطني الفلسطيني.

والسؤال الأهم حول مشهد المصالحة: هل ستكون هذه المرة كسابقاتها عبارة عن صور ومعانقة ولقاءات بروتوكولية واستضافة عالية الطراز هنا أو هناك على حساب آمال ومشاعر الشعب الفلسطيني الذي يدفع ثمن الانقسام وأثاره وويلاته؟، وهل وصل الأمر إلى هذه الدرجة من الصعوبة في إقرار حالة المصالحة والتوافق؟، وهل أصبح من الصعب العمل بها والإعلان عنها؟، وهل التوقيع على المصالحة يحتاج إلى كل هذه السنوات، والتي بات حلها أصعب من زوال.. أم هل أن أطراف الانقسام والوقود المشاركة سوف تفاجئنا في هذ المرة بالإعلان عن حالة التوافق وقلب الطاولة لصالح المصالحة؟

هذه هي الحقيقة المرة التي يجب أن نعرفها ويعرفها شعبنا، وهى أن كل الجهود واللقاءات التي تبذل نتائجها (صفر كبير) سيفصح ويعلن عنه المشاركون؛ لأن عنوان المصالحة له سوابق سيئة وسلبية في تاريخ شعبنا، والذى كانت أطراف الانقسام في كل جولة مصالحة تأتينا بنتائج مخيبة لأمال وطموحات شعبنا في إنهاء الفصل الأسود من تاريخه المشرف الحافل بالتضحيات والبطولات على مدار (٧٥) عامًا، فالمصالحة الفاشلة قد طافت عدة عواصم عربية وغير عربية ولم تعد إلا بخفي حنين في كل مرة.

وهذا كله مرجعه إلى أن أجندات أطراف الانقسام مختلفة ومتباعدة بعد المشرقين، لدرجة أنها تحتاج إلى معجزة أو عوامل قاهرة جدًا تفرض على الأطراف حالة من الضغط الحقيقي للقبول بها.

ومن ضمن السيناريوهات التي تضمن نجاح المصالحة في حال حدوثها مثلاً: حل السلطة وسحب الاعتراف بالعدو الصهيوني من قبل فريق أوسلو، ولكن للأسف هذا غير ممكن ومستحيل حدوثه على الأقل في المرحلة التي نعيشها، وربما يشهد لذلك ما ذكره الرئيس أبو مازن في كلمته في الأمم المتحدة وتركيزه على دور الولايات المتحدة في الوقوف في وجه المصالحة الوطنية، وهذا يعنى أن المصالحة لا ولن تتم إلا إذا صبت في مربع المصالح الأمريكية والصهيونية، وأن السلطة عاجزة وضعيفة وليس لديها القدرة على الانقلاب على السياسة الصهيوأمريكية، مما يؤكد عدم استعداد هذا الفريق للقفز وتجاوز السياسة الدولية التي ترفض أية جهود تبذل من أجل المصالحة، وبما أن هذا هو حال السلطة الفلسطينية العاجزة والفارغة من أية مضامين للقوة والاستقلال في قرارها الوطني إذن فنحن كفصائل وشعب ودول مستضيفة ندور في حلقات مفرغة، ليس لها أية قيمة على مستوى الاستجابة والحل.

إذن فنحن أمام فريق لا يمكن مشاركته والالتقاء معه على أية صيغة توافق، سواء فيما يتعلق بالمصالحة التي سيبنني عليها إعادة المشروع الوطني، أو فيما يتعلق بالتوافق حول الجسم الجامع للفلسطينيين (منظمة التحرير).

وأعتقد بأن صور تعانق ومصافحة أطراف الانقسام لبعضهم أمام الشاشات أصبحت معهودة ومتكررة ولا جدوى منها، وبات أمر حل الانقسام لغزًا سياسيًا شائكًا ومعقدًا لا تقوى على حله كل جهود الدبلوماسية الدولية المعروفة.

والخلاصة: أننا في هذه الجولة أيضًا نقول لشعبنا لا تتأمل ولا تراهن كثيرًا، فالأسباب التي منعت حدوث المصالحة في الماضي هي الأسباب ذاتها اليوم، ونقول لوفود الفصائل المشاركة بوركت جهودكم وبورك حسكم وحرصكم الوطني في محاولة إتمام عملية المصالحة التي للأسف لن تتم بناء على الأسباب التي ذكرتها آنفًا، وعليه فإننا نأسف أن نقول  بأن فرص المصالحة هذه المرة أيضًا غير متوفرة بتاتًا، وأن إسدال الستار على أسوأ صورة من صور التاريخ الفلسطيني المعاصر لا زال أمرًا صعب المنال.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".