بالأمس ظهر الأمين العام الثائر القائد زياد النخالة- أبو طارق، على قناة الجزيرة الفضائية، ليتحدث عن سياسة الحركة وتوجهاتها ورؤيتها المستقبلية للصراع مع الاحتلال الصهيوني، وكانت كلماته الثائرة متمردة على كل الواقع الاستسلامي الذي يريد البعض حشرنا فيه، والتأثير على مواقفنا من خلاله، تحت ذريعة الواقعية وعدم التغريد خارج السرب، والجماعية المطلوبة في العمل لتوحيد الموقف الفلسطيني، وكانت الإجابات نابعة من اليقين والثقة بالله عز وجل, والعزة المستمدة من ديننا الإسلامي الحنيف, لا تفريط في أي حق من حقوقنا وثوابتنا ولا مساومة على نهجنا المقاوم, ولا إمكانية لزرع الخوف والوجل في قلوبنا, لأننا حددنا خياراتنا منذ البداية, ونعلم يقينا ان طريقنا مليء بالألغام ولكنه طريق الاحرار الذي سيوصلنا في النهاية الى حتمية النصر والتمكين.
هذه الروح الوثابة والعقلية الثائرة التي يتصف بها الأمين العام القائد زياد النخالة هي امتداد طبيعي لذاك البناء الذي بدأه الأمين العام المؤسس الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي, والذي أعلى صرحه وحصنه وحماه الأمين العام الدكتور رمضان عبدالله شلح رحمه الله, ويقف اليوم القائد النخالة على رأس هذا الصرح ليرفع راية الجهاد والتحدي ضد الاحتلال, بعقلية الثائر المثقف الواعي والذي ارتضى ان يغامر بحياته وبكل شيء كي يحافظ على تلك الرسالة التي خط اول حروفها الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي الذي نحيي اليوم ذكرى استشهاده السابعة والعشرين, وكأن تصريحات القائد النخالة للجزيرة جاءت لتأكيد النهج, وتجديد البيعة, والعهد مع الله الذي قطعه على نفسه بالاستمرار على نفس النهج والطريق مهما كلف ذلك من تضحيات فالجهاد يرفع راية التحدي للاحتلال.
من هنا بدأت حركة الجهاد الإسلامي والى لحظة النصر ستصل, ربما يغرد الجهاد وحيدا أحيانا, لكنه لا يضل الطريق, انما لأجل ان يحافظ على ادامة الصراع مع الاحتلال الصهيوني, وإبقاء جذوته مشتعلة, ربما يخوض الجهاد معارك منفرده وحده يقف في الميدان, ويقدم خيرة قادته السياسيين والعسكريين على مذبح الحرية, لكنه يثق ان تضحياته هذه لن تذهب سدى وان الشعب الفلسطيني سيبقى دائما وفيا لدماء الشهداء الاطهار, وان دماء أبناء الجهاد هي التي ستحيي الامل في النفوس الميتة وتبعث فيها الحياة, وهى التي تؤسس للنصر القادم, وتعيد المقاومة الى صناعة الامجاد, فالجهاد أيقظ حالة النضال في الضفة والقدس من خلال التحريض على الاحتلال, وتقديم النموذج في الميدان, وتسليح مجموعات تابعة له في الضفة ككتيبة جنين ونابلس وطولكرم وطوباس.
السمة الملازمة للجهاد الإسلامي انه يعمل دائما في ظروف استثنائية غاية في الصعوبة, ولأنه اعتاد على العمل في ظل هذه الظروف, فقد اكتسب القدرة على الصمود والمواجهة والتحدي, وأصبحت لدية شراسة في مواجهة الاحتلال لا يمكن ترويضها او السيطرة عليها, وهذا اكسبه صفتين احداهما سلبية والأخرى إيجابية, السلبية انه بدأ يظهر في الحوارات واللقاءات والمواقف انه ينفرد بموقف مغاير لمواقف اخرين, ويظهر امامهم انه متمرد ومصر على التمسك بمواقفه دون حساب لرد الفعل, اما الإيجابي فقد استطاع ان يكسب ثقة الشارع الفلسطيني في مواقفه وثباته في الميدان, وتضحيته بقادته وكوادره وتصدرهم للمشهد القتالي دون حسابات, وان الجهاد غير معني بحصد مكاسب سلطوية لأنه يعتبر نفسه في مرحلة تحرر وطني وهذا أعطاه مصداقية شعبية كبيرة.
ما بين الأمين العام المؤسس والأمين العام الثائر قواسم مشتركة تدل على النهج والهوية لمدرسة الجهاد الإسلامي.
يقول القائد المؤسس فتحي الشقاقي « المطلوب نموذج رسالي مجاهد يصدع بالحق في هذه المرحلة (التبليغ ) ويتفانى في خدمة الجماهير على كافة الأصعدة وبكل المواقع مجسدا الرفق والرحمة (رحماء بينهم) ويخوض معركته ـ بغلظة وشدة وعزة ـ مع رموز الاستكبار وأدواته (أشداء على الكفار) الذين يحاولون بكل ما أتوا من إمكانيات وما لديهم من وسائل أن يمنعوا صعودنا نحو الشمس ونحو الجنة) فهل هناك من هو متمسك بمواقف الجهاد الإسلامي ومنطلقاته اكثر من القائد المجاهد أبو طارق, انه الامتداد الطبيعي للشقاقي وشلح رحمهما الله.
يقول القائد أبو طارق «هناك الكثير من الضغوطات العملية والاقتصادية والسياسية التي تمارس على القوى الفلسطينية من أجل أن يعترفوا بإسرائيل، حركة الجهاد الإسلامي غير مضطرة لأن تسير على نفس المسار الذي انتهجته منظمة التحرير وحركة فتح، هل المطلوب من كل القوى الفلسطينية أن تجرب مرة أخرى وتصل إلى الحائط المسدود؟»، الحركة تملك رؤية واضحة عن مسألة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مختلفة عن بقية فصائل المقاومة الأخرى، حيث تعتبر إسرائيل مشروعا غربيا في المنطقة استُخدم اليهود في تطبيقه. فالمشروع الصهيوني مبني على قاعدة الإلغاء التام للشعب الفلسطيني، وعلى قوى الثورة والمقاومة أن تعيد قراءة هذا المشروع «ماذا يريد؟ وكيف قام؟ وكيف يمكن مواجهته؟» وأن تعِد الأدوات لمواجهته», فهل هناك وضوح وربط في المواقف بين الأمناء العامين لحركة الجهاد الإسلامي أوضح من ذلك, وهل يدرك الاخرون ان الجهاد الإسلامي حركة مقاومة سياسية, وليست حركة سياسية مقاومة, فالمقاومة لها أولوية الصفة لديها, وتوظف لخدمة الموقف السياسي الذي تتبناه الحركة, وليس العكس.