ما أن تقف على بابها حتى تسمع صوت أسياخ الحديد تتساقط على الأرض، وطرقات مدوية تمنع الإنصات الجيد، للوهلة الأولى تظن أنك أمام ورشة حدادة؛ لكن الحقيقة مختلفة تمامًا، فقد تحولت صالة الأفراح إلى ورشة بعد أن تعرضت للدمار بشكل بليغ إثر انهيار التربة بفعل غزارة الأمطار التي شكلت السيول والفيضانات.
"صالة مسايا" هي أكثر المناطق تضررًا داخل قرية النخيل الترفيهية في البريج وسط قطاع غزة؛ داخل الصالة يُمسك حيدر أبو مدين (60 عامًا) بعضًا من آثار الدمار، ويطلق لسانه بين فترة وأخرى متحدثًا مع العمال: "ديربالكم الألمنيوم حاد بيجرح تعاملوا بحذر شديد".
تبلغ مساحة قرية النخيل 4 دونمات يوجد فيها صالتي أفراح (الحلم الأبيض ومسايا) إضافة إلى 3 برك سباحة واحدة منها للعائلات، وكذلك مقهى؛ لكن هذه المساحة تحولت بغمضة عين إلى بركة مليئة بالمياه المختلطة بالتربة الطينية.
عقارب الساعة كانت تُشير إلى الثامنة والنصف صباحًا من يوم الثلاثاء (8-11-2022) عندما كان حيدر وأبناؤه داخل قرية النخيل، يتفقدون زواياها تزامنًا مع حديث الناس عن تشكل فيضانات قرب القرية.
دخل حيدر صالة مسايا ليتفقدها فوجد المياه تخرج من تحت الباب، ركض مسرعًا يمينًا ويسارًا وقلبه يخفق بقوة متسائلًا عن سبب ظهور المياه، وما أن فتح باب الصالة حتى وجد السقف وقد انهار على الأرض فجأة.
لحظات من الدهشة والصدمة انتابت حيدر، فأحد الأبناء ينادي على والده: "ما هذه المياه؟" لم يتمالك حيدر نفسه أمام المشهد المرعب، حاول أن يستمد القوة من أبنائه؛ لكن المفاجأة كانت قاسية ومؤلمة.
لم يتوقع حيدر أن تتحول قرية النخيل الذي دفع فيها الغالي والنفيس لتظهر بأبهى صورة، إلى ركام ودمار بفعل مياه الأمطار، قائلًا: "كنت أتوقع وقوع أضرار بسيطة لكن ما شاهدته صدمني بشكل كبير".
يقول حيدر لـ"شمس نيوز": "قرية النخيل تتعرض للدمار بشكل مستمر بفعل القصف الإسرائيلي للأراضي المجاورة للقرية، ويتم إصلاح الدمار بشكل سريع، لكن هذه المرة كانت ضربة قوية بسبب الأمطار".
وتسبب القصف الإسرائيلي وفقًا لحيدر لتضرر البنية التحتية، فقد أصبحت أعمدة الصالة تقف على تربة متأرجحة، والأمطار الغزيرة تسللت إلى التربة أسفل الصالة وهذا أدى لانهيار التربة وتدمير الصالة.
تسلل المياه وتمركزها أسفل قرية النخيل عرض جميع زوايا القرية للدمار والخراب، فقد ارتفع منسوب المياه داخل القرية لأكثر من متر (100سم) فقد غرقت البرك الثلاثة بالمياه الطينية ووصلت إلى المضخات التي أصابها التلف والخراب.
لم يتمكن حيدر من إزالة المياه الطينية من البرك حتى مساء الأربعاء؛ بسبب تلف المضخات، متمنيًا من الدفاع المدني والجهات المختصة أن تساعده في إزالة المياه من البرك الثلاث، وفي السياق ذاته طالب حيدر جميع الوزارات المختصة بإعفائه من جميع الرسوم هذا العام، إذ أنه قدر الخسائر التي لحقت به بنحو 200 ألف دولار".
وبسبب الدمار الذي لحق بالقرية وزواياها المختلفة فقد قرر حيدر إلغاء جميع الحجوزات لمدة أسبوع في محاولة لإعادة تأهيل وإصلاح صالتي (مسايا والحلم الأبيض) وإصلاح ما يمكن إصلاحه من الخراب الذي لحق ببرك السباحة الثلاث.








