جاءت العملية لتؤكد أن كل الحواجز والإجراءات الأمنية التي يبتدعها الصهاينة كل يوم لن تمنع مجاهدي سرايا القدس الأبطال من الوصول إلى قلب العمق الصهيوني ليزرعوا الموت والرعب في قلوب القتلة الغاصبين حتى يرحلوا عن آخر ذرة تراب من أرض فلسطين الحبيبة.
جاءت هذه العملية بينما كانت أجهزة الأمن الصهيونية تتخبّط بعد الاختراق الجديد الذي حققته سرايا القدس في العفولة ونفّذه الاستشهاديان عبد الكريم أبو ناعسة ومصطفى أبو سرية، كان الاستشهادي سامر عمر شواهنة يتحدّى عتمة الليل وحواجز الاحتلال وإجراءاته الأمنية المشددة وحصاره المطبق على محافظة جنين لينفّذ عملية جديدة في مدينة الخضيرة وذلك بعد يومين فقط من عملية العفولة.
تفاصيل العملية
في حوالي الساعة التاسعة من مساء يوم الخميس (29/11/2001)، الموافق 14 رمضان 1422هـ في مثل هذا اليوم المبارك، قام الاستشهادي سامر عمر شواهنة من بلدة السيلة الحارثية قضاء جنين من مجموعة الشهيد القائد إياد حردان بتفجير جسده بعبوة شديدة الانفجار في حافلة صهيونية تابعة لشركة «إيجد» تحمل رقم 832، مما أدّى إلى تدمير الحافلة بالكامل وقتل وإصابة من فيها، واعترف العدو بمقتل 3 صهاينة وإصابة 9 آخرين، وجاءت بعد ساعات قليلة من هجوماً شنّه مجاهدو سرايا القدس على موكب للمغتصبين وجيش الاحتلال قرب باقة الشرقية شمال طولكرم وأسفر عن مقتل وإصابة جنديين صهيونيين».
ضابط صهيوني رابع يضاف لصحيفة الاستشهادي سامر شواهنة
رغم كل المحاولات التي يبذلها الاحتلال لتخفيف نسبة عدد حالات الانتحار في صفوف جنوده، يصدم بحدوث عملية انتحار جديدة، وأكثر في صفوف جنوده المهووسين، ففي تاريخ 29 / 11 / 2015 م أقدم ضابط صهيوني على قتل نفسه بسلاحه الخاص داخل فناء بيته، تزامنًا مع مرور 14 عاماً على مقتل شقيقته المجندة في الجيش الصهيوني خلال العملية الاستشهادية التي نفذها الاستشهادي المجاهد سامر عمر شواهنة من سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في حافلة صهيونية تابعة لشركة «إيجد» الصهيونية قرب معسكر (80) القريب من الخضيرة بتاريخ 29/11/2001م.
الاستشهادي سامر في سطور
في مخيم البطولة، مخيم جنين.. ولد الشهيد المجاهد سامر شواهنة بتاريخ 22 سبتمبر 1981م, نشأ وترعرع في أحضان أسرته التي هاجرت من قرية أم الفحم قضاء جنين في العام 1948, ليستقر بها المقام في قرية سيلة الحارثية، ولتعيش كما الآلاف من الأسر الفلسطينية حياة ملؤها الألم والمعاناة لغربتها عن موطنها الأصلي في ظل الأوضاع الجديدة للاجئين الفلسطينيين.
تلقى الشهيد المجاهد سامر مراحله الدراسية في مدارس قرية سيلة الحارثية حتى وصل للصف الثاني عشر، ولسوء حالته المادية لم يكمل دراسته الجامعية.
كان الشهيد دائم التقرب إلى الله مواظباً على الصلاة والعبادة وتجلّى ذلك بحفظه القرآن الكريم ونشاطه الوطني والاجتماعي والرياضي وعلى هذا الأساس قسّم الشهيد أوقات حياته، وقد حصل على دورة تجارة في المدرسة الصناعية في جنين، كما اجتاز دورات في فن الجودو والكراتيه مما جعله مسؤول التدريب في مركز بلدته الرياضي فحظي باحترام وتقدير الجميع لما تميز به من خصال حميدة ومن انتماء وطني وعمل خيري.
قال شقيقه نادر أنه لم يكن يؤدي الصلاة إلا في المسجد وقد أتم حفظ 87 جزءاً من القرآن الكريم وبعد شهرين من حديث لي معه أبلغني بما يحفظه من القرآن فسألته فيما إذا حفظ أجزاءاً جديدة فقال 17، فقلت له ولكن ذلك كان قبل شهرين، فرد مبتسماً المهم أن أطبق ما حفظته وإذا كتب الله لي الحياة سأتم حفظ باقي الأجزاء. وأضاف نادر: «منذ فترة لاحظت الشهيد يقوم بخط عبارات مختلفة على صور متميزة التقطت له حديثاً فكتب على إحداها نحن معشر الاستشهاديين ربما نكون قليلي الكلام ولكن ندرك أن الدم يترك كلمته. ولمست أنه يدعو في صلاته ويركز في أحاديثه على الشهادة وكان يُقبّل رأس والدتي وهو يطلب منها أن تدعو الله أن يحقق أمنيته بالشهادة».
وصية الشهيد
وفي وصيته التي وزعتها سرايا القدس، أكد الشهيد على أن مسيرة الجهاد والمقاومة ستستمر، ودعا إلى تصعيد الانتفاضة ورص الصفوف وتوجيه المزيد من الضربات للعدو. كما عبر الشهيد عن اعتزازه بالعمل البطولي الذي نفذه انتقاماً لأرواح الشهداء، ووفاءً لشهداء الجهاد والقسام وكتائب الأقصى، داعياً أبناء شعبه إلى مواصلة مسيرته وموصياً رفاقه بالجهاد والتمسك بالإسلام، وأوصى عائلته بالصبر والصمود والتماسك والاحتفاء بشهادته وعدم البكاء وتوزيع الحلوى.
وقد لبت عائلته الوصية، فرفضت استقبال المعزين، وافتتحت بيتاً لاستقبال التهاني بالشهيد ووزعت الحلوى. وعبّرت والدة الاستشهادي الحاجة ربحية عمر شواهنة عن فخرها بشهادة ولدها فقالت: «لا يمكن إلا أن نفتخر بالشهيد، ونرفع رأسنا به، ونلبّي وصيته. فهو اختار درب الشهادة التي كانت أغلى أمانيه ونحن نبارك له فيها. ودعاؤنا للعلي القدير في هذا الشهر المبارك أن يتقبلها خالصة لوجهه الكريم، خاصة وأن الشهيد رفض الزواج وكان يردد دوماً عرسي سيكون كبيراً ولن تنسوه».
اللحظات الأخيرة
لم تكن عائلة الاستشهادي سامر تعرف أن حالة الفرح التي لازمت الاستشهادي سامر في الساعات الأخيرة التي سبقت انطلاقه للعملية أنها لحظات الوداع الأخيرة. فيقول نادر شقيق الشهيد: كان الشهيد وأسرتي مدعوّين عندي لتناول وجبة الإفطار وقد ضحك الشهيد سامر ومرح كثيراً وهو يصافح الجميع ويتحدّث بطلاقة، وقبل أن نغادر إلى المسجد قبّل يد والدتي وهو يقول إرضِ عني يا أمي، وصلينا التراويح معاً وغادر هو المسجد بعد الركعة الثامنة وتوجّه لصالون الحلاقة لتسريح لحيته التي أطلقها منذ عامين وتوجّه لتنفيذ عمليته».
وقالت والدة الشهيد وهي تُقبّل صورته وتستمع لوصيته الحمد لله أنني عشت حتى أزف ابني شهيداً للقدس والأقصى فأبناؤنا أبطال ومجاهدون وتضحياتهم لن تذهب هدراً وعلى كل مسلم أن يجاهد بنفسه وماله وحياته وأبنائه حتى يعود الحق لصاحبه ونحرّر أرض الإسراء والمعراج من دنس الصهاينة، هذه كلمات سامر التي رددها وخطّها بدمه والتي لن تموت ما دمنا قادرين على العطاء.