توقفت طويلا امام كلمات صدرت عن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سوقها على أعضاء المجلس الثوري لحركة فتح، عنوان هذه الكلمات براق وثوري ومزلزل «يجب أن نعمل جميعاً على مواجهة الفاشية وأضاف نحن في مرحلة غاية بالدقة والصعوبة نتيجة للمتغيرات في المنطقة والعالم، ما يتطلب من كل أبناء شعبنا وقيادته في الوطن والخارج، والأمتين العربية والإسلامية، وكل مؤيدي القضية الفلسطينية، التكاتف والوحدة لمواجهة هذه المتغيرات».
استيقظت سريعا بعد ان اهتديت الى وسيلة محمود عباس وطريقة مواجهة الفاشية التي تقلقه، فوجدته يلوح بالانضمام الى المزيد من المؤسسات الدولية، وقد وضع عباس، خارطة طريق أمام الحضور، في ظل انسداد الأفق السياسي، من أجل مناقشتها واتخاذ مواقف موحدة لحشد الدعم العربي والدولي لقضية شعبنا، ومواجهة التحديات الراهنة، واتخاذ ما يلزم من قرارات لحماية حقوق شعبنا وثوابتنا.
تساءلت مرة اخرى هل من المعقول ان يغير رئيس السلطة مدرسته التي استمدها من الماهتما غاندي ويتحول بفكره تجاه المواجهة مع الاحتلال, لكن المهاتما عباس لم يقصد ذلك ابداً لان السلام خيار استراتيجي لديه, والمقاومة فعل إرهابي منبوذ لا يؤمن به, والانتفاضة احداث شغب, والمسيرات فوضى, حتى فرق الكشافة أصبحت صورة من صور الإرهاب التي لا يحبها المهاتما عباس ورفقاؤه, قلت في نفسي لعل الرجل «يتكتك» ويستخدم ذكاءه المفرط لخداع الإسرائيليين فلنستمع لوسائله من اجل الوصول للأهداف المرجوة, فوجدته يؤكد على أهمية العمل الدبلوماسي والسياسي والمقاومة الشعبية في مواجهة الرواية الصهيونية الزائفة التي تتناقض مع الرواية الفلسطينية، واتحدى ان يفسر لنا احد مفهوم المقاومة الشعبية لدى عباس, فهل الانتفاضة مقاومة شعبية سيادة الرئيس, اذا كان الامر كذلك فلماذا تمنع تفجر الانتفاضة في وجه الاحتلال, ما مفهوم السلمية لديك؟.
رئيس السلطة استعرض مشكورا الجهود المضنية التي يبذلها هو وفريقه المرافق للوصول للأهداف فاستعرض الجهود المبذولة من أجل حشد الدعم العربي والدولي لحماية حقوق شعبنا وقضيتنا، والتي كان آخرها ما جاء في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومؤتمر بناء الثقة في آسيا، والذي عقد في كازاخستان، ومؤتمر القمة العربية الذي عقد في الجزائر الشقيق, مضيفا إن القمة العربية، وافقت على جميع القرارات التي طلبتها دولة فلسطين، التي اكدت أهمية تشكيل وفد وزاري عربي للتحرك على المستوى الدولي، لفضح ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي وشرح روايتنا، والالتزام بتنفيذ مبادرة السلام العربية، وحشد الدعم لنيل المزيد من الاعتراف من قبل الدول الأوروبية بدولة فلسطين، ودعم الطلب الفلسطيني بالحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وتطبيق قرار مجلس الامن رقم 2334 والقرارين 181و194، وأيضا تفعيل شبكة الأمان العربية لمواجهة الحصار المالي المفروض علينا»
المشكلة اننا نرى على الأرض خلاف ما يقول رئيس السلطة, فرغم ان القتل اخذ شكلا اسهل لدى الاحتلال في استهداف الفلسطينيين, وسيادة الخطاب الديني الصهيوني المتطرف وسيطرته على عقول المحتلين بقوة, وقتل الشهيد عمار مفلح امام عدسات الكاميرا برصاص جندي صهيوني حاقد, واستشهاد الأسير المحرر عمر مناع من مخيم الدهيشة على يد الاحتلال الا اننا نجد العواصم العربية والسفارات تفتح لما يسمى برئيس دولة الاحتلال إسحاق هرتسوغ, واستقبال سفير الامارات لايتمار بن غفير فاين هي المكاسب العربية يا سيادة الرئيس, وأين المكاسب الدولية ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يقول صراحة إن «احتمالات حل الدولتين تبدو بعيدة لكننا ملتزمون به وكل ما يبعدنا عنه يضر بأمن إسرائيل على المدى الطويل» هل هذه هي المكاسب التي تتحدث عنها سيادتك, واذا كنت تعتبرها مكاسب فاين نتائجها؟!.
وماذا عن ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني سيادة الرئيس لمواجهة هذه المرحلة التي وصفتها بانها صعبة للغاية, هل من جديد بخصوص المصالحة لنرى ما يقول عباس» يجب المضي في إجراء المصالحة الفلسطينية على أساس اعتراف كافة الفصائل بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشــــعب الفلسطيني والقبول بالشرعية الدولية، لأننا نريد حماية مصالح شعبنا, أي شرعية دولية التي تتحدث عنها سيادة الرئيس, هل هي الشرعية التي تصمت على قتلنا وذبحنا على يد النازية الصهيونية, ام الشرعية التي تتنكر لحقوقنا, ام الشرعية التي توصم مقاومتنا بالإرهاب وهى تدافع عن شعبها امام جرائم الاحتلال بحقه, ام الشرعية التي لا تجرؤ على ادانة أي فعل إسرائيلي ولا تستنكر استخدام «إسرائيل» للأسلحة المحرمة دوليا خلال حربها على غزة, أي شرعية سيادة الرئيس, شرعية قتل الزميلة شرين أبو عاقلة, واعدام شيخ مسن بالضرب المبرح يبلغ الثمانين من عمره, ودهس الشيخ سلمان الهذالين عمدا بجيب عسكري, من اتى بحق هؤلاء الشهداء يا عباس, الشرعية التي لا تجد غضاضة في شغل الإرهابيين المجرمين بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير لحقائب وزارية سيادية, وهم يرفعون شعارات الموت والاغتيال والتهجير والتهويد, ولا لحل الدولتين, وطرد السلطة من الضفة عباس اليقظ الحساس, قلب أوراق القرطاس, ضرب الأخماس بأسداس, أرسل برقية تهديد !! فلمن تصقل سيفك يا عباس؟