يقف المُعلم عامر رحمة أمام تلاميذه في الفصل الدراسي؛ ليقدم ما لديه من عِلم إلى طلابه، وفجأة سقط على الأرض مغشيًا عليه، في تلك اللحظات دوت صرخة الطلبة في جميع زوايا المدرسة؛ ليهرول المدرسون إلى الفصل، علامات الصدمة والخوف كانت ظاهرة على وجههم، أما عيونهم فقد اتسعت حدقاتها وبدأت دقات القلب تخفق بسرعة، ليصرخ أحدهم: "اطلبوا الإسعاف فورًا".
دقائق معدودة حتى وجد المُعلم عامر نفسه مستلقيا على سرير المرض في إحدى المستشفيات، يده اليسرى موصولة بالمحلول، وطبيب مختص يقف فوق رأسه ليداويه من وعكة صحية ألمت به أثناء شرحه للطلبة.
صورة المُعلم عامر رحمة انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم، تزامنًا مع يوم المعلم الفلسطيني، إذ أن الصورة كشفت حقيقة مُرة يتعرض لها المعلمون بعيدًا عن الاحتفالات والتكريمات التي يتم تسليط الضوء عليها.
مقولة "فما قدروا المعلم حق قدره، ومن حقه كالوالدين يُعظم" يبدوا أنها حقيقة واقعية للمعلم الفلسطيني؛ إذ أن المعلم يتعرض لمشاكل عدة، سواء من تنظيم العمل داخل المدرسة، أو من خلال حقوقهم وإنصافهم مع المعلمين الجدد عبر وزارة التربية والتعليم.
فالمعلم عامر رحمة (59 عامًا) يعمل مدرسا في الابتدائية -صف أول- منذ 32 عامًا عُرف عنه عطاؤه وإخلاصه وإتقانه للعمل؛ لكنه بدأ يشعر بالتعب الشديد والإرهاق؛ نتيجة ضغط العمل المستمر والمتواصل في جميع الحصص المدرسية.
يعاني المعلم رحمة من اكتظاظ في جدول الحصص المدرسية الخاصة به حيث يحصل على 25 حصة دراسية خلال أسبوع؛ ما زاد عليه الضغط النفسي والإرهاق؛ نتيجة الوقوف على قدميه لساعات عدة، والمؤلم في المعاناة التي تسببت به حالته النفسية والعصبية ذهابه إلى طبيب نفسي.
يقول المعلم عامر رحمة لـ"شمس نيوز": العمر له دور كبير في الاستمرار بنفس العطاء والأداء؛ لذلك كنت أشعر بالتعب والإرهاق والضغط النفسي، وهو ما سبب لي انهيارا عصبيا واغماء في حالات عدة".
وطالب رحمة وزارة التربية والتعليم بتخفيف الحصص الدراسية الملقاة على عاتقه، أو إرسال معلم مساند له، لا سيما وأن 3 أشهر فقط تبعده عن التقاعد من العمل وفق القانون.
وعدد المعلم رحمة بعضًا من المشاكل التي يعاني منها المعلم الفلسطيني قائلًا: "تدني الرواتب أكثر المشاكل التي يعاني منها المعلم خاصة إذا تلقى راتب بنسبة 60% وهذا يؤثر على نفسية المعلم وأدائه في الفصل".
ووجه المعلم رحمة رسالة لزملائه المعلمين، أكد فيها أن المعلم يجب أن يترك جميع المشكلات الإدارية والنفسية والعائلية التي يعاني منها يوميًا، عندما تطأ قدمه باب الفصل الدراسي، وعليه أن يؤدي مهمته ورسالته العلمية والتعليمية على أكمل وجه".
ودعا المعلمين الجدد إلى تطوير أنفسهم من خلال التعليم الذاتي عبر الانترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، لا أن ينتظر المُعلم وزارة التربية والتعليم للحصول على دورات لتطوير وتحسين الأداء.
ويتلقى معلمو الحكومة في غزة راتبا بنسبة ٦٠٪ من القيمة الكلية، إضافة إلى الحديث عن إقرار قانون تقاعد جديد يطيل مدة السن التقاعدي؛ ما يسبب أمراضا ومشكلات صحية في هذا السن الحرج للمعلم وغيره من الوظائف الحكومية.