غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الشيخ عزام: وصايا نفيسة في سورة الإسراء لبناء مجتمع سليم وفيها سر النهضة والنصر

الشيخ نافذ عزام.JPG
شمس نيوز - غزة

أكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الشيخ نافذ عزام، أن هناك مشكلةً في طريقة تعاملنا مع القرآن الكريم، ومع هدي النبي (صلى الله عليه وسلم)، موضحاً أننا لا نتعامل بجديةٍ مع الأوامر والنواهي والتوجيهات الربانية والنبوية، وأكبر دليل على هذا، هو ما نعيشه وتعيشه الأمة من أزماتٍ وعنتٍ ومعاناة.

جاء ذلك خلال خطبة الجمعة، التي ألقاها الشيخ عزام بالأمس، على منبر مسجد الشهيد د. فتحي الشقاقي، بمخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين، وسط قطاع غزة.

وأفرد الشيخ عزام حديثه في الخطبة، عن وصايا في غاية الأهمية جاءت في سورة الإسراء، مبيناً أن هذه السورة عند بعض المفسرين تُسمى بسورة بني إسرائيل، مشيراً في السياق إلى أن هناك حديثاً طويلاً فيها عن علو وإفساد بني إسرائيل، وعن ملامح الفئة المؤمنة المجاهدة التي ستُدمر هذا العلو، وستُطيح بهذا الإفساد.

ولفت إلى أن هذه الوصايا تصب في خدمة هذا الهدف العظيم، فهي تتحدث عن مجموعة من الأخلاق، التي يجب أن يتصف بها المسلمون، وبالأخص من يسعون إلى تغيير هذا الواقع الذي تعيشه الأمة.

ونوه الشيخ عزام إلى أن هذه الوصايا تبدأ بالحديث عن التوحيد، وبر الوالدين، "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً"، مبيناً أنه لا يمكن أن يستقيم حال الفرد، ومن ثمَّ حال الأمة إلا إذا ارتكز العمل على هذه القاعدة.

وتلا الشيخ عزام قول الله تعالى :"وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا 29 إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا 30 وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا 31 وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا 32 وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا"، موضحاً أنها مجموعة من الوصايا، والأوامر، والنواهي يفترض أن تملأ واقعنا اطمئناناً واستقراراً ومثابرة وإصراراً على تأكيد هذه القيم في حياتنا. وتساءل: أين نحن من هذه الوصايا؟!.

وواصل الشيخ عزام :"هناك نهي عن التبذير، وعن البخل في هذه الآيات، وهو خطاب موجه للأفراد، للدول وللحكومات في الأمة كلها. وهناك خلل في هذا الأمر. هناك بخلٌ في جوانب، يجب أن يكون فيها جود وكرم. وهناك إسراف في مواضع لا تعود بأية فائدة لا على الفرد، ولا على الأمة وشعوبها. المثال الواضح فلسطين، الدول العربية الغنية، التي تُصنف بأنها من الدول الأغنى في العالم، تبخل تماماً على فلسطين، وتبخل على كل ما يمكن أن يعيد الأمة لتحرير فلسطين، فيما تُنفق المليارات في جوانب أخرى لا قيمة لها. يُنفق نصف مليار لاستقدام لاعب أجنبي. الرياضة محمودة، ولها جمهورها، لا حرج في ذلك، لكن عندما يُسرق المسجد الأقصى، وعندما يطرد المقدسيون من بيوتهم، وعندما يجوع الشعب الفلسطيني، وعندما يجوع عرب ومسلمون بالملايين نحن نعتقد جازمين أنه من الحرام استقدام لاعب أجنبي بنصف مليار دولار. وقِس على ذلك".

وفي شرحه، لقوله تعالى: "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم.."، قال الشيخ عزام :"ربما يقول قائل، إن هذا الأمر كان في عصور سابقة، لكن شبهه موجود في حياة الناس اليوم".

وشدد على كون الإسلام صان النفس الإنسانية وحصنها، وجرّم كل عدوان عليها، بالقول والفعل، وذكر الزنا بين آيتين تحرمان القتل، على اعتبار أن الزنا نوع من القتل أيضاً، فهو قتل للمجتمع، وقتل للأخلاق، وقتل للفضيلة، مشيراً إلى أن المفسرون اجتهدوا في الحديث عن مقدمات الزنا، وهذه المقدمات منتشرة للأسف في الوطن العربي والإسلامي على أوسع نطاق.

واستهجن الشيخ عزام كون الزنا لم يعد جريمةً في حياتنا!!!، موضحاً "إذا كانت أوروبا تفعل ما تريد دون اعتبار للقيم ورسالة السماء، فلا يجوز للعرب والمسلمين أن يقتدوا بها في هذا الأمر. للأسف هناك خلل. نحن نقتدي بأوروبا وبالغرب في هذه الأشياء، ولا نقتدي بهم في النهضة العلمية والصناعية!. الغرب أوصل الإنسان إلى القمر، وهو الذي اخترع هذه الأسلحة، التي نحن بأمس الحاجة إليها للدفاع عن أنفسنا".

كما شدد على أن القرآن واضح وصريح، وأحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم) واضحة وصريحة.

وفي تفسيره لقوله تعالى: "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق"، بيَّن أن هذا ميزان أمام الفرد، العائلة، الجماعة، والدولة، في حين أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أوضح هذا الحق، بقوله: "لا يحل دم إمرء مسلم إلا بإحدى ثلاث، النفس بالنفس، والزاني المحصن، والتارك لدينه المفارق للجماعة"، لافتاً إلى أن هذه الأصناف الثلاث، التي لا يجوز القتل بعيداً عنها. والقتل منتشر على نطاق واسع، في حياة العرب والمسلمين اليوم.

ووفقاً للشيخ عزام :"إذا حصل انتهاك لهذه القيم والأخلاق، فإن الحياة كلها تختل. فلا يظن أحد أننا يمكن أن نخدم ديننا، وأن نحقق أهدافنا إذا جئنا إلى المساجد فقط، أو إذا جاهدنا عدونا فقط. الإسلام يتحدث عن منظومة متكاملة. هذا الإنسان الذي يمكن أن ينال شرف الدفاع عن الأمة ومقدساتها، وأن ينال العبودية الحقة لله، يجب أن يكون موحداً، باراً بوالديه، ويجب ألا يكون مبذراً، ويجب ألا يكون بخيلاً، ويجب ألا يقرب الزنا، ويجب ألا يعتدي على حرمات الناس".

وتابع يقول :"لا يجوز أن تقتل أحداً من عائلة فلان لأنه قتل قريباً لك. لا يجوز أن تتوسع في القتل حتى لو كنت صاحب حق. المسألة مضبوطة، وهذا الأمر لا تتم مراعاته في حياتنا للأسف".

ومضى الشيخ عزام :"كما أنه لا يجوز أن تقيم أحكامك على الظن، أو أن تأخذ إنساناً بالشبهة".

واستطرد "يجب أن تحكم هذه القواعد، سلوك الفرد، الجماعة، والحكومات.. هناك حروب تشنها دول عربية على دول أخرى دول أدلة. الظن، التأويل الخاطئ، حياتنا تعج بهذه الأمثلة. تخيلوا النموذج الذي يريده الإسلام".

ومما أوصت به الآيات الكريمات، - بحسب تفسير الشيخ عزام- أنه لو أوتيت حظاً من المال أو السلطة أو المنعة والقوة، فلا تغتر بنفسك، فإنك لن تخرق الأرض، ولن تبلغ الجبال طولاً. فمهما بلغت، فأنت ضعيف، ميكروب صغير يستطيع هزيمتك، ويهزم العالم كله".

وختم الشيخ عزام حديثه قائلاً: "مجموعة الوصايا هذه، تُشكل الأسس لبناء المجتمع السليم، وتُشكل الأسس لأمة ناهضة"، متسائلاً: لماذا انتصر الأولون؟، لم ينتصروا فقط لوجود النبي (صلى الله عليه وسلم) بينهم، فقد هزموا وهو بينهم عندما أخلوا بهذه الأسس، فيوم معركة أحد، هزموا عندما غرتهم الدنيا، ويوم حنين هزموا عندما أعجبتهم كثرتهم.