- تاريخ العملية: 14/2/1992م.
- نتائج العملية: مقتل 3 جنود صهاينة وإصابة آخرين، واغتنام أسلحتهم.
- منفذو العملية: إبراهيم إغبارية، محمد إغبارية، محمد جبارين، يحيى إغبارية.
31 عاماً مرت على أسطورة المناجل التي فلقت هامات جنود الاحتلال الصهيوني، وظل صداها يتردد مجلجلاً حتى يومنا هذا، حيث أنها حفظت في سجل العمليات البطولية لحركة الجهاد الإسلامي، ولم يزل أبطالها الأربعة يقبعون في سجون الاحتلال يقضون حكما مؤبداً.
عرف المجاهدون الأربعة حقيقة الدنيا بعد أن تعمقوا في الإيمان ووصلوا إلى حقيقته، وبدأت عندهم مرحلة النفور التام من هذه الحياة، عرفوا قيمة الجهاد، وأجر الشهادة، فأحبوا لقاء الله والنبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وتعاهد الأبطال الأربعة عهد الشهادة للانتقام لشهداء الانتفاضة والجرحى والمعتقلين معلنين للجميع ولحكومة العدو الصهيوني أنهم فلسطينيون، لم ينسوا أبداً دماء إخوانهم وأراضيهم ومقدساتهم ومعتقليهم.
تفاصيل العملية
خرج الفرسان الأربعة بتاريخ 13/2/1992 م من منطقة المشيرفة بالداخل المحتل، وتوجهوا نحو معسكر يبعد عنهم حوالي 10 كيلومترات، يسمى (جلعاد) وأخذوا سلاحهم ومعداتهم وحفظوها في مكان آمن قرب المعسكر، وبعد يومين، وبالتحديد يوم الجمعة 14/2/1992 م في تلك الساعات المباركة من ظهيرته خرج الأسود لتحقيق الأسطورة حيث أنهم وصلوا إلى مكان يبعد عن المعسكر ما يقارب الستة كيلومترات.
أخرجوا معداتهم وزادهم ووضعوها قريبة منهم، وكان بحوزتهم الشاعوب وسيف وبلطات وسكاكين وناظور كاشف وبعض التمرات وقليلاً من الماء وبعض الأكياس لحفظ الذخيرة عند العودة، وبعد صلاة العصر تمركز المجاهدون الأربعة قرب المعسكر بين الشجر وأخذوا يصلّون ويدعون الله ويسبحون ويهللون، وأقاموا جلسة لذكر الله وتلاوة القرآن، حتى شعروا بالسكينة والطمأنينة وأحسوا بأنهم جنود الله لا يخافون لومه لائم، وقاموا بعدها بمراقبة المعسكر بالمنظار وحددوا موعد الهجوم.
رتبوا خطة للانسحاب، وقرروا أن يدخلوا المعسكر الصهيوني في الساعة الواحدة مساءً، وكان المعسكر مقاماً على منطقة عربية تسمى الروحة ومازالت بعض آثار المباني العربية بجواره. ولكن الجنود الأربعة استبطئوا الوقت من شدة شغفهم وتعطشهم للجنة وريحها. واتفقوا على أن يقدموا الموعد لينطلقوا في الساعة الحادية عشرة مساءً.
وجاء موعد العملية، فكانوا يرتدون ملابس جيش وكانت أسلاك في الطريق، فأعدوا خطة لاجتيازها بدون مشاكل، وعرفوا تفاصيل المعسكر بعد المراقبة حيث انه كان يتكون من ثلاثة عشر خيمة ومطبخ ومكان للأكل بطول 30 × 4 متر، ومكان للتدريب بين الخيام، وخيمة للحرس.
المعسكر كله يقع على دنمين من الأرض المغتصبة، تسمى الروحة وحددوا مكان الهجوم والخطة واقتربوا من بعضهم وتعاهدوا على الموت ورددوا بصوت واحد (مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين) وساروا بخط واحد كل منهم يحمي أخاه واقتربوا من المعسكر حيث أنهم تصادموا بحارس بيديه الرشاش، ولكنه لم يستطع إطلاق طلقة واحدة، وهرب ليتصل، ولكن جهاز الاتصال لم يعمل بتوفيق الله عز وجل.
وقذف الله في قلبه الرعب وبدأ يبكي وهرب بالجنود وإذ بهم يجهزون أسلحتهم لتبدأ المعركة، ودخل جند الله الخيمة، وبدأت المعركة بين فرسان حركة الجهاد الإسلامي وبين الصهاينة، بين جنود الله وجنود الشيطان، حقاً إنها لمعركة الحق مع الباطل.
وبدأت معركة داخل الخيمة حيث أن أسيرنا محمد جبارين كان في بداية الصف، وتقدم أحد الفرسان وانقض على الحارس ورماه محمد اغبارية بالشاعوب فغرسه في بطنه ووقع صريعاً ملطخاً بالدماء. فتركه محمد واستعمل سكين آخر كانت بحوزته، وبدأ الفرسان الأربعة بمعركة طاحنة بداخل الخيمة فكان يحيى اغبارية يحمل سكيناً بطول 25 سم ، ويحمل ابراهيم اغبارية سيفاً وسكيناً أخرى، ومحمد جبارين بلطة وسكين.
وتشابك ابراهيم اغبارية مع أحد الجنود، وكان طويل القامة، ضخم الجسم، فسيطر الجندي على ابراهيم وخطف سيفه وأراد أن يطعنه به، ولكن البطل أمسك بالسيف من المنطقة الحادة، وجرت مقاومة شرسة وعنيفة، ونظر محمد اغبارية إلى ابراهيم ورأى المنظر، فتقدم نحو الجندي وغرس في ظهره السكين فوقع على الأرض وأمسك ابراهيم السيف وطعنه عدة طعنات في الرقبة، ونظر ابراهيم إلى يديه فكانت المعجزة، إذ لم تصب يد ابراهيم، على الرغم من أن السيف حاد جداً، والمقاومة عنيفة.
وتقدم محمد جبارين نحو أحد الجنود وهجم عليه طعناً وأرداه قتيلاً. ونظر أبو عبد الله في الخيمة وإذا بإخوانه جميعاً منهالين طعناً بالسكاكين وضرباً بالبلطات على جميع الموجودين في الخيمة وفجأة، رأى جندياً يحمل سلاحه ويجلس في آخر الخيمة ويرتجف خوفاً ويبكي، فتقدم نحوه الفارس وطعنه عدة طعنات، فوقع جثة هامدة على الأرض.
وانتهى جنود الله من تنفيذ العملية، ونظروا حولهم وإذ بالخيمة مليئة بالجثث الملقاة على الأرض في وسط بركة من الدم. وأخذ كل مجاهد سلاح جندي، فمنهم من أخذ سلاح ام 16، وآخر رشاش، وثالث جاليليو مع المخازن.
وعند الخروج رأوا ضابطاً صهيونياً يتقدم نحو الخيمة ومعه سلاحه، فانتظروا حتى وصل إلى الخيمة وأصبح على بعد 40 سم منها ، يفصل بينهما ستار فصرخ الثائر أبو عبد الرحمن، الله أكبر، وتقدم نحوه وطعنه في بطنه وأخذ سلاحه ثم أجهز عليه الفرسان.
وهنا بدأ الانسحاب باتجاه النقطة التي رسموها مسبقاً، ولم يصب أي منهم بأذى وخيمت موجة من الضباب الكثيف على المعسكر، وعند الخروج رأوا جنديين ومعهما سلاحهما، ينظران إلى عملية انسحاب الفرسان بعد تنفيذ العملية دون تحريك ساكن، وعندما أصبحوا على بعد عشرين متراً منهم، بدؤوا بإطلاق النار فكانت الرصاصات تتطاير من تحتهم وجنبهم وفوقهم، ولكن الله عز وجل حماهم ولم يصب أحد منهم بأذى.
وبعد ساعة، وعلى بعد ما يقارب من 15 كم المنطقة، وإذ بالطائرات وصوت الكلاب وسيارات الجيش الصهيوني تقترب من المكان، فاتفق الفرسان الأربعة على أن يذهبوا إلى المنطقة التي رسموها، وناموا ليلتها في بيت أبي جهاد وقاموا بحفظ السلاح تحت مسجد القرية، ومر أسبوع ونصف بعد العملية وهم داخل البيت.
وفكر الفرسان بأن يعيدوا الكرّة مرة أخرى، وأن يهجموا على مركز للشرطة الصهيونية، فخرجوا من البيت عشاء يوم الثلاثاء 25/2/1992 م ، وذهب أبو عبد الله وأبو جهاد لإحضار الأسلحة من تحت المسجد، وبفضل الله عز وجل نجحت الخطة، وأحضروا السلاح وقاموا بحفظه في مكان أمين، وفي هذا الوقت قامت الشرطة بالبحث عن مستورد البلطات الوحيد من هذا النوع واعتقلته، وجرت عملية التحقيق معه فاعترف على الفرسان.
وقامت قوة من الشرطة والجيش الصهيوني بمراقبة البيت لمدة أربعة أيام، وفي الساعة الواحدة والنصف ليلاً حضرت مجموعات كبيرة من الوحدات الخاصة المدججة بالسلاح والكشافات والكلاب والمعدات القتالية. وقامت بالقبض على الفرسان في لحظة لم يكونوا فيها على استعداد للمواجهة . واعتقلت الوحدة الأخوين إبراهيم ومحمد والأكبر محمود والأب المسن ثم على سعيد و يحيى.
واعترف الفرسان بعمليتهم البطولية، وحقق معهم في زنازين الجلمة حتى تاريخ 30/3/1992م ، وفي صبيحة 31/3/1992 م أحضروهم إلى قسم العزل ليرابطوا مع إخوانهم تحت الأرض في عزل الرملة. ثم مثلوا أمام المحكمة، وحكم عليهم بالسجن المؤبد ثلاث مرات بالإضافة إلى ستة عشر عاماً، وكانت حصيلة تلك المعركة الطاحنة ثلاثة قتلى وإصابة آخرين من الجنود الصهاينة.