غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

خضر عدنان: فكر الجهاد الإسلامي الذي يمشي علي الأرض

ياسر الخواجا
بقلم: ياسر الخواجا

بدأت معرفتي المشرفة بالشهيد القائد الزاهد من خلال موقف مؤثر عشته معه، كان ذلك في سجن السبع في الأقسام الجديدة، لم أكن أعرف حينها أي شيء عن هذا الشيخ الرباني، ولكنني تفاجأت حينما أرسل لي رسالة موقعة باسمه "خضر عدنان". كان مسجوناً حينها في قسم وأنا كنت مسجوناً في قسم آخر، وحقيقة ما أثار استغرابي هو فحوي الرسالة وحجم الاهتمام الذي أبداه، ودقته بالتفاصيل التعريفية، فلقد بدأ رسالته بالسؤال عني وكأنه يعرفني منذ زمن، ولا أخفي عليكم لقد كان حديثه مؤثراً ومطمئناً مما زاد في رفع معنوياتي كثيرًا،  لمدة حكمي البالغة (15) سنة، ثم انتقل في رسالته ليحدثني عن سيرة ومناقب الشهيد(محمود الخواجا)، حيث كان يتحدث بتواضع شديد، مهتماً بالتفاصيل الدقيقة لشخصيته، وقد تحدث عن صدق انتمائه وجهاده، ثم تحدث عن شخصيته بالتفصيل وكأنه يعيش معه جنباً إلي جنب ولحظة بلحظة، وبين مدى تأثره وإخوانه في الضفة الغربية بشخصية القائد الشهيد" محمود"، وأظهر في رسالته أنه بسبب إخلاص وذكاء القائد (أبو عرفات) في قيادته العسكرية للحركة قد وفقهم الله سبحانه وتعالى لعمل استشهادي نوعي وعمليات بطولية رفع الله من خلالها شأن الحركة علي المستوي العسكري في مدة زمنية قصيرة، ثم أخذ يرثي الشهيد محمود بما رثاه الشهيد المفكر "فتحي الشقاقي"، وفي نهايتها انتقل للسؤال عن عائلة الشهيد "محمود الخواجا"، وتفاجأت حينها أنه يعرف عدد وأعمار وأسماء أبنائه، فسألني كيف "علي" و"عرفات"، وحملني  أمانة تبليغهم محبته و سلامه. انتهي محتوي الرسالة.

منذ بداية معركة الإضراب الأخير التي خاضه الشهيد (خضر) كنت أشعر أنه سيقضي شهيدًا، وذلك يرجع لطبيعة شخصيته التي تأبي الخنوع والهزيمة والانكسار والاستسلام في مقابل إصرار العدو علي عدم الاستجابة أو التعاطي مع أية حلول. 

إننا عندما نحاول ربط النتائج بالمقدمات للحدث، وبالاعتماد على صدق الحدس ويقظة الحس وقوة الاستشعار سنجد أنفسنا أمام حقائق وأمور قد يستعصى علينا الوصول إليها وفهمها... إنها الحرية والكرامة، إنها الرسالة النبيلة التي لا يعرف كنهها إلا الرساليون أصحاب الفكرة والإرادة  الصلبة التي تعمل خارج الاحتمالات وتتجاوز كل الحسابات، هذه الرسالة  التي لا جدال فيها ولا مراء، ولاشك فيها ولا ريب، ولا هروب منها، ولا فكاك لأصحاب الهمم العالية والتي لا تبرز الا بالتضحيات، ولا يزول حقها بالأوهام، فالمعركة بينها وبين الباطل طويلة وأبدية، فإذا كانت تكلفة الكرامة كبيرة وباهظة فإن تكلفة الظلم  أكبر وأفدح، والموت في سبيلها أشرف من الوهن والتثاقل والجبن، والصعود إلى علياء العزة والكرامة أهون من الانزلاق إلى حياة ذليلة، ولا يمكن أن نعبر  إلى عمق  الكرامة إلا من خلال الموت الذى يوصلنا إلى الحياة الأبدية.

هذا هو الشهيد (خضر)... الزاهد المشتبك، والمحرض على الاشتباك، كان يقلب صفحات الظلم بإبهامه وصولاً للكرامة، وإدراكاً للعزة والقيمة الإنسانية العظيمة... لقد جسَّد الشهيد فكر الجهاد الإسلامي الذي كان يحمله، وقد ظهر هذا الفكر واضحاً في شخصيته، يمشي فيه بين الناس، وينشر المحبة، ويبث روح القتال والوطنية وحب الجهاد والمقاومة. كان يمثل فكر الجهاد الذي ينشر الكرامة والعزة، وروح الاشتباك والقتال المستمر الذي لا ولن تتوقف مسيرته، فكان خير من مثل فكر الشهادة والعزة والكرامة قولاً وعملاً وسلوكاً، دافع روحه ثمناً لذلك. 

هذا هو فكر الحركة الذي ينتج نماذج ربانية كخضر عدنان، وكل من حمل وانغمس في هذا الفكر بجد وإخلاص بالضرورة سيصبح نموذجاً عظيمًا بعظمة هذا الفكر، واستثنائياً باستثنائية هذه الفكرة الجهادية المقاومة التي خطها وجسدها الشهيد المفكر  "فتحي الشقاقي" وإخوانه العظام.

الخلاصة:

مخطئ من يظن أن فعل الشهيد خضر كان عادياً ويمكن القفز عنه بدون توقف وتأمل طويل، مخطئ من ظن أن ثورة الرسالي الشهيد ستتوقف عند حدود موته، بل ستمتد لتجول كل سماء وأرض الوطن لتنبثق بها فكرة الكرامة والعزة، وبهذا لن ينتهى زمان وحضور "خضر عدنان"، وستبقى كلماته وأفعاله تسرى فينا كما تسرى الدماء في عروقنا.

 

 

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".